صدى نيوز - صعّدت مصر لهجتها ضد إسرائيل، بعد أن حاولت منذ بدء الحرب في غزة الحفاظ على نوع من التوازن في مواقفها، الى أن شعرت بـ"الإحراج" بعد العملية العسكرية في رفح؛ مسؤولان مصريان يقولان إن القاهرة رفضت مقترحا إسرائيليا لإعادة فتح المعبر.

رفضت القاهرة رفضت مقترحا إسرائيليا للتنسيق بين الجانبين لإعادة فتح معبر رفح الحدودي بين شبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة، وإدارة عملياته المستقبلية، وذلك عقب احتلال الجيش الإسرائيلي للجانب الفلسطيني من المعبر في إطار حربه على غزة.

جاء ذلك بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين أمنيين مصريين، اليوم الخميس؛ وكانت تقارير إسرائيلية قد كشفت أمس، الأربعاء، أن وفدا أمنيا إسرائيليا زار القاهرة وعقد مباحثات مع مسؤولين إسرائيليين، في محاولة لتهدئة التوتر المتصاعد في العلاقات الثنائية، على خلفية الهجوم في رفح.

وعرض مسؤولون من جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك)، المقترح الإسرائيلي، خلال زيارة للقاهرة، الأربعاء، وسط تصاعد التوتر بين البلدين في أعقاب توغل إسرائيل الأسبوع الماضي في رفح، حيث يحتمي نحو أكثر من مليون فلسطيني هربوا من الهجمات الإسرائيلية.

ويشكل معبر رفح ممرا رئيسيا لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وخروج المصابين من القطاع حيث تتفاقم الأزمة الإنسانية ويلوح شبح المجاعة. وسيطرت إسرائيل على المعبر، وقالت إنها لن تسمح لحماس بتولي أي دور هناك في المستقبل.

وقال المصدران الأمنيان المصريان إن "الاقتراح الإسرائيلي يتضمن آلية لكيفية إدارة المعبر بعد الانسحاب الإسرائيلي". وأضافا أن "مصر تصر على أن المعبر يجب أن تديره سلطات فلسطينية فقط".

وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته إن الوفد سافر إلى مصر "“في الأساس لمناقشة الأمور بشأن رفح على ضوء التطورات الأخيرة" وفق متابعة صدى نيوز، لكنه رفض الخوض في التفاصيل.

يأتي ذلك على خلفية تبادل الاتهامات بين القاهرة وتل أبيب بشأن إغلاق المعبر الحدودي وما تبعه من عرقلة لجهود الإغاثة. وتقول مصر إن السبب الوحيد لإغلاق معبر رفح هو العملية العسكرية الإسرائيلية. وحذرت مرارا من أن هدف إسرائيل من الهجوم هو إخلاء غزة من خلال دفع الفلسطينيين للنزوح إليها.

وفي المقابل، ذكر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية للإعلام الأجنبي، دافيد مينسر، يوم الأربعاء، أن مصر رفضت طلبا إسرائيليا بفتح معبر رفح أمام المدنيين من سكان غزة الراغبين في الفرار من القطاع.

وقال المصدران المصريان إن الوفد الإسرائيلي ناقش أيضا خلال زيارته للقاهرة المفاوضات المتوقفة بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، لكنه لم ينقل أي رسائل جديدة. وتتوسط مصر في المحادثات إلى جانب قطر والولايات المتحدة.

الهجوم على رفح "يحرج" مصر ويدفعها إلى تصعيد لهجتها

وصعّدت مصر لهجتها ضد إسرائيل، بعد أن حاولت منذ بدء الحرب في غزة الحفاظ على نوع من التوازن في مواقفها، إلى أن شعرت بـ"الإحراج"، وفق ما يقول محللون، بعد العملية العسكرية في رفح، علما بأن هناك معاهدة سلام وتعاون أمني بين مصر وإسرائيل.

ومنذ بدء الحرب على غزة، تلعب القاهرة دورا متوازنا بين جميع الأطراف المعنية تسعى من خلاله إلى إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، والتوصل إلى اتفاق هدنة.

ولكن بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح حيث يتكدّس 1,4 مليون شخص - على الرغم من التحذيرات المصرية والدولية - والسيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر الذي يعدّ نقطة العبور الرئيسية للمساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين وفق متابعة صدى نيوز، دفع مصر إلى استخدام نبرة أكثر حدّة مع الدولة العبرية.

وزاد من تعقيد الأمور فشل مفاوضات الهدنة التي كانت تستضيفها القاهرة خلال الأسابيع الماضية. وتتبادل إسرائيل ومصر الاتهامات بتحمّل المسؤولية عن إبقاء معبر رفح مغلقا أمام المساعدات.

واتّهم وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إسرائيل، يوم الثلاثاء الماضي، بـ"ليّ الحقائق" و"التنصّل من مسؤولية" الأزمة الإنسانية في غزة. وأضاف أنّ "إسرائيل هي المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة حالياً".

وتؤكد السلطات المصرية منذ بدء الحرب أنها لا تتحكّم في إدخال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني. وذكرت وكالات الإغاثة والمنظمات الدولية مرارا أن إسرائيل تفتش وتوافق على كل شحنة مساعدات تدخل الى غزة.

في المقابل، ادعى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" الأميركية، أن إسرائيل تدعم "تدفق المساعدات الإنسانية بأقصى حد" عبر معبر رفح.

وزعم "نريد أن نراه مفتوحا"، مضيفا "آمل أن نتمكن من التوصل إلى تفاهم" مع مصر. وأضاف "المشكلة ليست منّا، نحن لا نعطل فتح معبر رفح".

من جهة أخرى، اعتبر الباحث في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث، أحمد أبو دوح، في مقال نشر الإثنين على موقع المعهد البريطاني، أن مصر لن تذهب إلى حد "تعليق معاهدة السلام" مع إسرائيل، وهذا خيار "يعلم الجميع أنه غير مطروح على الطاولة" وفق متابعة صدى نيوز.

وكتب أحمد أبو دوح في مقاله إنه كان على الجيش الإسرائيلي "أن يدرك أن أي اتفاقات يتمّ التوصل إليها مع المصريين بشأن المعبر قبل هجوم رفح سوف تنهار تحت وطأة السيطرة الإسرائيلية على المعبر".

وأشار أبو الدوح في مقاله، إلى مقطع فيديو تمّ تداوله على منصات التواصل الاجتماعي وأظهر مدرعة إسرائيلية تلوح بعلم إسرائيلي عملاق على محور صلاح الدين الذي يفصل بين غزة والحدود المصرية، ووصفه بأنه "استفزازي بشكل استثنائي ودفع القاهرة إلى أن تتصلّب في موقفها أكثر".