ما ينفك المواطن الغزي يبحث عن لقمة العيش ليطعم بها اطفاله بعد اشهر من المعاناة والجوع، ليخرج كل فترة تجار الحروب بأسماء متغيرة و حقارة متزايدة. في يوم الجمعة ومن عادات أهل غزة أن يأكلوا وجبة رئيسية لا تخلو من اللحوم بكافة أنواعها. وهنا أنقل لكم قصة صديقي الذي لا أريد نشر اسمه حماية له أولاً وأخيراً....
خرجت صباحً مع طفلتي من أجل البحث عن وجبة غداء دسمة بس اسبوع من اكل النواشف والمعلبات، وسألت في طريقي بعض الجيران، ما هي أحوال السوق اليوم؟ فيجيبني أحدهم الحمدلله كل شي متاح وموجود واسعار الخضروات والفواكه نوعاً ما انخفضت ولكن إن كنت تبحث عن لحوم فلا تتعب نفسك فأنا من الساعة السابعة صباحاً ذهبت وبحثت ولكن دون جدوى.
انتابني نوع من الغضب في الأمس رأيت شاحنات المجمدات تنزل شُحنتها في مخازن أحد التجار المعرفين المقيم خارج غزة بعدما اخرج جميع اهله واحتكر تجارة المجمدات ليصنع ثروة خلال فترة قصيرة. ولكن أين ذهبت حمولة الشاحنات الاربعة ؟!!
قررت الذهاب والتأكد بنفسي ما هي أحوال السوق، مررت علي أحد المحال المتخصصة بالمجمدات وسالت ماذا لديك ، فقال صدر دجاج و جناح دجاج !! يا فرج الله وبكم السعر يا غالي، الصدر ب٧٠ والجناح ب٥٠ شيكل.
عزيزي أنا اسال عن سعر الكيلو وليس الصندوق كاملاً!! نظر لي نظرة مع ضحكة وقال هذا سعر الكيلو ؟؟ للحظة تحركت قدماي مع طفلتاي مبتعدين دون كلمة وفجاة قررت أن اعود واساله لماذا هذا الفجور وبالأمس وكل يوم تدخل البضائع وكان سعر الجناح قبل يومين ب١٠ شيكل للكيلو! فقال بصوت عالي ليسمعني ويسمع من حولي حتي لا يعيد الاجابة عند استغراب احد غيري ..
فلان الفلاني المستورد حبيب الشعب المقهور باعني سعر صدر الدجاج بسعر الجملة ب٦٥ وجناح الدجاج ب٤٥ فاذهبوا اليه واسالوه لماذا وكيف وماذا نأكل؟!!
وكأنه ليس شريك المستورد ومساعده في نشر الاحتكار عند شراءه بهذا السعر، في هذه الحرب رأيت من البجاحة والاستخفاف بعقول المواطنين ما يجعلني أيقن أننا لن نغير من واقعنا المرير والمزري.
على العموم تذكرت شيئاً ونحن في طريقنا الي السوق كان ابنتي الصغيرة تريد الشيبس والكبيرة تريد المثلجات، سعر الشيبس بوقت ما قبل الحرب كان نصف شيكل اليوم بخمسة شواكل فقررت وانا بكامل قواي العقلية أن اشتري الشيبس والمثلجات وبعض اكياس الاندومي لان عليه عرض مغري الستة بعشرة ليكون غدائنا أندومي بطعم الخضار والدجاج.
وبالمناسبة وبعد التحري تم نقل شاحنات المجمدات من منطقتنا الي مناطق أخرى ليبيعها التاجر بالسوق السوداء باسعار مرتفعة.
انتهت القصة ولم تنتهي الحكاية....