حالة التوتر والصراع بين طهران وحلفاؤها من جهة وواشنطن و إسرائيل من جهة أخرى والممتدة منذ ثورة الخميني مرورا بالخلاف حول الملف النووي إلى المواجهات مع الحرب على غزة،كلها لا علاقة لها مباشرة بموقف ايران من القضية الفلسطينية، وتهديدات ايران بتدمير إسرائيل مجرد بروبوجندا للضحك على عقول شعوب المنطقة والعرب على وجه التحديد. خلافاتهم  وصراعاتهم ذات طبيعة جيواستراتيجية لها علاقة بالسيطرة وتقاسم النفوذ في الشرق الأوسط وخصوصاً الخليج العربي،وقد كرر مسؤولون ايرانيون قبل أيام مقولة (تصدير الثورة لدول الجوار) حتى محاولات ايران لصناعة قنبلة نووية وفي حالة حصولها عليها فليس لضرب إسرائيل الدولة النووية بل لتعزيز نفوذها وهيممتها في المنطقة. العرب والفلسطينيون هم ضحية هذا الصراع المصطنع. 

في ظل هذه الخلافات المصطنعة تم، بشكل مباشر أو غير مباشر بتواطؤ مع واشنطن وتل أبيب وجماعات إسلام سياسي ، تدمير وتجزئة وإثارة الفتنة المذهبية في خمسة دول عربية-العراق ولبنان واليمن وسوريا ومناطق السلطة الفلسطينية-  وإسرائيل وأمريكا وإيران تقاسموا مناطق النفوذ في المنطقة.

ايران الفارسية الشيعية لن تكون نصيراً لفلسطين أو لأية دولة عربية سنية. 

قد يقول قائل كيف تنتقد الدولة الوحيدة التي تمد المقاومة المسلحة الفلسطينية بالسلاح واذرعها الشيعية وحدها تشتبك مع اسرائيل وحلفائها فيما الدول والأغلبية السنية العربية تقف موقف المتفرج وبعضها يشارك العدو في عدوانه على الفلسطينيين؟

ظاهريا وفعليا هذا صحيح،ولكن إن تجاوزنا الظاهر والصورة التي يروجها الإعلام المشبوه والاسرائيلي الذي يضخم من دور ايران..

فإن كثيرا من التساؤلات تفرض نفسها مثلا : ما هو هدف ايران من التدخل؟ وما هي نتيجته ميدانيا؟ وهل تدخل ايران وشيعة المنطقة خفف من حرب الإبادة على غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام؟ أم زاد من حدة الحرب ونتائجها التدميرية؟

تدخل ايران فاقم من الانقسام الفلسطيني ومنح العدو مزيدا من المبررات لاستكمال مخططه بتدمير غزة والتطهير العرقي تمهيدا للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية، وعندما يقول الايرانيون وحلفاؤهم أنهم سيوقفون الحرب مع اسرائيل عندما تتوقف الحرب على غزة فهم بذلك يعترفون بأن هدفهم ليس تحرير فلسطين وأن عداءهم لإسرائيل ليس استراتيجي بل براجماتي مصلحي وفي أفضل حال خدمة حليف لهم، الجهاد وحماس، نفذ لسنوات أهداف ايران باصطناع توتر في فلسطين لصالح سياسات ايران في المنطقة.   وفي النهاية ، وأن كنا لا نعرف حتى الآن ما هي طبيعة وشكل النصر الذي تسعى حركة حماس تحقيقه في حالة وقف الحرب غير استمرارها في المشهد السياسي وفي حكم قطاع غزة،  ستقول ايران والشيعة العرب إن لهم الفضل في هذا النصر  وإنهم قاموا بواجبهم وأن العرب وخصوصا السنة تخلوا عن الشعب الفلسطيني.