متابعة صدى نيوز - حققت الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف (أقصى اليمين) مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي أمس الأحد، وجاءت بالمركز الأول في فرنسا وإيطاليا والنمسا، وحلت ثانية في ألمانيا وهولندا.
وزاد هذا الفوز من حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاتجاه السياسي لأوروبا، خاصة في فرنسا، بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.
وحصل اليمين المتطرف الفرنسي بقيادة جوردان بارديلا على نسبة تراوح بين 31 و32% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأوروبية بفرنسا، أي ضعف ما حققه حزب الرئيس ماكرون وفق تقديرات معهدي الاستطلاع إيفوب وأيبسوس.
ورغم أن من المتوقع أن تحصل كتل الحزب الشعبي الأوروبي (يمين) مع الاشتراكيين والديمقراطيين و"تجديد أوروبا" (وسطيون وليبراليون) المؤيدة لأوروبا على أغلبية في البرلمان المؤلف من 720 مقعدا، ولكن أحزاب أقصى اليمين، حصدت حصة أكبر من المقاعد، مما قد يجعل من الصعب على أوروبا تمرير التشريعات واتخاذ القرارات، كما وجهت الانتخابات ضربة في الداخل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، مما أثار تساؤلات حول الكيفية التي ستوجه بها القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي العملية السياسية داخل التكتل.
ومع 181 مقعدا متوقعا للحزب الشعبي الأوروبي و135 للاشتراكيين والديمقراطيين و82 لـ"تجديد أوروبا"، تشكل هذه الكتل "الائتلاف الكبير" الذي ستحصل في إطاره التسويات في البرلمان الأوروبي، مع جمعها 398 مقعدا من أصل 720. إلا أن هذه الغالبية ستكون أقل مما كانت عليه في البرلمان المنتهية ولايته.وتنقسم القوى اليمينية المتطرفة بشكل أساسي إلى كتلتين في البرلمان الأوروبي، ولكن يمكن إعادة تشكيلهما في أعقاب الانتخابات.
أما كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين التي تضم خصوصا حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي دي إيتاليا) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وحزب القانون والعدالة البولندي، فقد فازت بمقعدين إضافيين وفق التقديرات.
وارتفع عدد مقاعد كتلة الهوية والديمقراطية التي تضم حزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي، من 49 إلى 62 مقعدا. وقد استبعدت الكتلة مؤخرا حزب البديل من أجل ألمانيا من صفوفها.
ويبدو أن تشكيل البرلمان الأوروبي سيبدو على النحو التالي: كتلة يمين الوسط ستواصل الاستمرار في الصدارة بـ 181 مقعدا، وكتلة يسار الوسط بـ 135 مقعدا، وكتلة الوسط بـ 82 مقعدا، وكتلة اليمين المعارضة للاندماج مع 71 مقعداً، الكتلة الشعبوية القومية/اليمين المتطرف بـ 62 مقعداً؛ وحصل غير الحزبيين على 51 مقعدا، وفق متابعة صدى نيوز.
وتجمع مواطنون أوروبيون خارج مقر البرلمان الأوروبي للاحتجاج على تحقيق أحزاب أقصى اليمين مكاسب كبيرة في الانتخابات الأوروبية.
وجرت الانتخابات التي دُعي إليها أكثر من 360 مليون ناخب لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، الخميس، في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا، وفي وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي تحديات إستراتيجية من الصين والولايات المتحدة.
يذكر أن انتخابات البرلمان الأوروبي على مستوى القارة انطلقت الخميس الماضي واختتمت اليوم الأحد، ويدلي خلالها مواطنو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة بأصواتهم على مدار 4 أيام.
ونظمت الانتخابات وسط حالة من عدم اليقين في أوروبا بعد الخروج من جائحة كوفيد-19 وضعف النمو الاقتصادي، والصدمة من الحرب في أوكرانيا، والكفاح من أجل التعامل مع الهجرة المتزايدة ومحاولة مواجهة المخاطر التي يشكلها تغير المناخ، كما أن هذه الانتخابات هي الأولى منذ أن أصبحت المملكة المتحدة الدولة الوحيدة التي تغادر الاتحاد الأوروبي رسميا عام 2020.
تفاصيل النتائج
في فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبين وقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31,5 بالمئة من الأصوات، متقدما بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون (15,2 بالمئة)، بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع. وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعدا فرنسيا في البرلمان الأوروبي.
وفي ألمانيا، رغم الفضائح الأخيرة التي طالت رئيس قائمته، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16 إلى 16,5 بالمئة من الأصوات، خلف الاتحاد المسيحي المحافظ (29,5 إلى 30 بالمئة). لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديموقراطيين (14 بالمئة) والخضر (12 بالمئة).
في إيطاليا، تصدّر حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31 بالمئة من الأصوات، وفق استطلاعات رأي مختلفة.
أيضا في النمسا، حصل "حزب الحرية" اليميني المتطرف على 27 بالمئة من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول من أدلوا بأصواتهم الخميس، موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف.
وفي إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعدا في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.
أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد توسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي.
ما هو التأثير المتوقع على إسرائيل؟
وتعقيباً على النتائج الأوروبية، جاء في تقرير نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم": "بما أنه لا يوجد ائتلاف حقيقي في البرلمان الأوروبي، بل كتل تتكاتف لتمرير القرارات، وبما أن كل فصيل من الفصائل التي يتكون منها البرلمان مليء بأحزاب من دول مختلفة ذات وجهات نظر عالمية مختلفة، فغالباً ما تتشكل الشقوق داخل الفصائل نفسها ولا يوجد "انضباط ائتلافي" كامل، ما قد يتحدى عمل المفاوضات لاختيار المناصب الرئيسية في الاتحاد، على سبيل المثال رئيس البرلمان والمفوضية الأوروبية، وكذلك الممثل الأعلى للاتحاد. للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، خاصة على خلفية ضعف فصائل المركز السياسي".
وتابعت الصحيفة كما ترجمت صدى نيوز: "بالنسبة لإسرائيل، هذه أخبار جيدة. ويميل اليمين السياسي في الاتحاد الأوروبي إلى دعم إسرائيل، وبالتالي فإن النتائج يمكن أن تساعد إسرائيل في عملها مع الاتحاد الأوروبي".