حياة الخيام في غزة لا يمكن أن يطيقها أي انسان، والنازحون لا يعرفون متى سيعودون إلى حاراتهم ومنازلهم التي  تضمن لهم الخصوصية والحياة الكريمة، وما نراه نحن المشاهدين بصمت على شاشة التلفزيون لا ينقل الواقع على حقيقته، ما سأكتبه هنا هو ما نقله لي مجموعة من الأصدقاء الذين يعيشون حياة المرارة وبعيدين كل البعد عن الحياة السياسية والوطنية الرومانسية ...
يعيش النازحون في غزة حياة مريرة وصعبة ولا توجد كلمات ولا مصطلحات يمكن أن توصف الحياة التي يعيشها النازحون منذ اكثر من تسعة شهور؛ على أمل انتهاء الحرب و عودتهم الي منازلهم التي لم تعد صالحة للسكن ، رغم ذلك يتمنون الموت على إنقاذ منازلهم ولا البقاء في خيام الموت، ناهيك عن الحمامات  والروائح الكريهة وانتشار الاوبئة والأمراض وصعوبة الاستحمام وخاصة لدى النساء لعدم توفر الخصوصية في كافة إحتياجاتها..
هذه الحرب المسعورة التي ابادت عائلات كاملة وشردت المواطنين والتي حولت حياة مئات الآلاف من سكان قطاع غزة الي جحيم بعد 7 اكتوبر، خاصة الذين يسكنون الخيام أصبحت أكثر صعوبة مع بداية ارتفاع درجات الحرارة القاسية في الصيف، وكيف أن الوضع الإنساني أصبح أكثر خطورة، والحياة أكثر صعوبة بالنسبة لهؤلاء النازحين يبدأ يومهم بالبحث عن القليل من الكهرباء والغذاء والمياه النظيفة، من أجل البقاء على قيد الحياة في حياة تحولت إلى كابوس .
ناهيك عن المشاكل الأسرية بين الأزواج والصراعات الداخلية بين أفراد الأسرة الواحدة نتيجة الضغط النفسي الذي يعيشه الناس المقيمون في الخيام، نتيجة الاكتظاظ والتصاق الخيم بجوار بعضها، بالتالي لم تعد هناك خصوصية للأسر النازحة....
 اصبحت القصص الخفية ظاهرة للعلن، مما أدى الى كسر خواطر الناس  وكشف المستور علما ان هذه الأسر النازحة هربت من غزة وشمالها نتيجة الموت والقصف الذي لم يبقى في غزة سوى الدمار والخراب واكوام من البنايات المدمرة التي تحتاج لسنوات لإعادة اعمار ما يمكن اعماره.
 ولكن لا تستطيع السنوات اعمار أنفاس وأرواح الناس التي فقدت الأمل في العودة الي ما قبل 7 أكتوبر، بعد ما كانت تعيش في بيوت آمنة وحياة كريمة متوفر فيها كل مقومات الحياة رغم الواقع الإقتصادي المرير. 
اليوم بعد أكثر من تسعة شهور على حرب الإبادة وفقدان الأمل في التوصل إلى وقف لاطلاق النار في غزة، هذه الخيام جعلت الإنسان يفقد قدرته على كل شي ولم يعد لديه الرغبة على الحديث أو التفكير أو الرغبة في الكلام حيث اقام النازحون خيامهم في اماكن لم يحددها من قبل ولا استطاع النازحين ان يختاروا الجار الذي يسكن بجانبهم، بل حاولوا قدر المستطاع التكيف مع واقع فرض عليهم .
حديثنا عن خيام النازحين ناتج من حالة الإحباط واليأس والوجع الذي يسكن قلوبنا وخيبات الأمل، أمام هذا العالم المجرم المنافق الذي يمارس سياسة الكيل بمكيالين  ولا يستطيع إنصاف الضحية أو ينهي هذه الحرب التي قضت على آمال وأحلام شبابنا الذي كان يحلم بمجتمع مدني يضمن له العيش والحياة الكريمة .
ملاحظة: عند كتابة هذا المقال وصلتني قصص وحكايات ربما بحاجة الى رواية أو أكثر لنقل الحقيقة كما هي، فمقالي هذا لا يتسع الى كم الألم لأهلي في قطاع غزة الذين يعيشون الحياة من أجل النجاة ولا تنقل وسائل الإعلام معاناتهم كما يجب.