صدى نيوز - قررت حركتا فتح وحماس إرجاء محادثات المصالحة بين الجانبين التي كان من المقرر عقدها في الصين خلال الشهر الجاري، إلى أجل غير مسمى، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين في حركتي فتح وحماس، اليوم الإثنين.
وأفاد التقرير بأن المحادثات تأجلت "دون تحديد موعد جديد"، فيما تبادل الطرفان تهم إفشال جهود المصالحة.
وفي أعقاب استضافة بكين اجتماع للحركتين في نيسان/ أبريل الماضي، قالت الصين إن فتح التي يقودها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وحماس عبرتا عن رغبتهما في السعي لتحقيق مصالحة.
وكان مسؤولون من فتح وحماس قد أعلنوا في وقت سابق أن الاجتماع سيعقد في منتصف حزيران/ يونيو الجاري.
تبادل تهم
وقلل محللون من فرص تحقيق اختراقة نحو اتفاق مصالحة بين فتح وحماس يمكن أن يخلق إدارة فلسطينية موحدة للضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ 262 يوما.
ونقلت "رويترز" عن رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في غزة، باسم نعيم، الذي حضر الاجتماع السابق، أن الاجتماع تأجل ولم يتم تحديد موعد جديد لاجتماع آخر، وألقى باللوم على فتح التي قال إنها "طلبت التأجيل".
وأصدرت حركة فتح بيانا أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، اليوم، عبرت فيه الحركة عن "تقديرها الكبير للجهود الصينية التي استضافت الحوار الوطني بين حركتي فتح وحماس في جمهورية الصين الشعبية".
كما عبرت الحركة عن "رغبتها في ضمان نجاح الجهود الصينية المقدرة، خاصة أننا نحمّل حماس مسؤولية إفشال جميع الحوارات التي جرت في السابق، وآخرها عندما رفضت حماس، الحضور إلى لقاء القاهرة الذي كان متفقًا عليه".
وقال حركة فتح إنها "لا تزال ملتزمة بالجلوس على طاولة الحوار الوطني في الصين، وتعمل على استكمال التحضيرات كافة من أجل توفير المناخات المناسبة لإنجاح الوساطة الصينية التي تحظى بتقدير واحترام قيادتنا وشعبنا".
فيما قال رئيس مكتب العلاقات الوطنية في حركة حماس حسام بدران: "استمرارا على منهجنا الدائم والثابت، قمنا في حركة حماس بالاستجابة لدعوة الأصدقاء في جمهورية الصين الشعبية والمتعلقة بتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتعاملنا معها بإيجابية عالية ومسؤولية كبيرة".
وأضاف بدران في بيان له "هذه الدعوة والتي كانت خطواتها واضحة منذ البداية، حيث يكون اللقاء الأول ثنائيا بين حماس وفتح، وهذا ما تم في شهر أبريل، على أن يتبعه لقاء موسع يضم الفصائل الفلسطينية والذي كان من المفترض أن يكون في هذا اليوم".
وتابع "وقد استمر الأصدقاء الصينيون بالمتابعة خلال الفترة الماضية، وعقدوا اجتماعات مع كل الفصائل للتحضير والترتيب لضمان نجاح اللقاء الموسع اليوم، ومع بداية التجهيزات لسفر الوفود قام الرئيس محمود عباس بالاتصال بالجانب الصيني وإبلاغهم برفض المشاركة في اللقاء الموسع دون تقديم أي مبررات منطقية، ودون أي حوارات وطنية".
وأكمل "إننا في حركة حماس نأسف لهذا الموقف الذي يعطل التوصل إلى توافق وطني في مرحلة حساسة وحرجة يعيشها شعبنا وفي ظل معركة طوفان الأقصى حيث يقدم شعبنا صورة مثالية في الصمود والثبات، إلى جانب أداء المقاومة المميز في مواجهة الاحتلال في قطاع غزة على وجه الخصوص".
وقال "إننا في حركة حماس نصر على أهمية عقد اللقاء الوطني الموسع، ونؤكد أن من حق الجميع أن يشارك في بحث آليات ترتيب البيت الفلسطيني، ونرى أن تعطيل اللقاء الموسع في بكين غير مبرر، وغير مقبول، ولا يخدم المصلحة العليا لشعبنا الفلسطيني".
جهود صينية روسية
وكانت موسكو قد احتضنت اجتماعا مماثلا نهاية شباط/ فبراير الماضي، لبحث تشكيل حكومة وحدة فلسطينية وإعادة إعمار قطاع غزة، وفق ما أعلن وقتها، إلا أنه لم يحقق تقدما كبيرا.
وأظهرت الصين في الآونة الأخيرة تأثيرا دبلوماسيا متزايدا في الشرق الأوسط، حيث تتمتع بعلاقات قوية مع الدول العربية وإيران، وتوسطت بكين العام الماضي في التوصل إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
وكثف مسؤولون صينيون جهودهم في الدفاع عن الفلسطينيين في منتديات دولية خلال الأشهر القليلة الماضية، ودعوا إلى عقد مؤتمر سلام فلسطيني إسرائيلي واسع النطاق، ووضع جدول زمني محدد لتنفيذ حل الدولتين.
وفي شباط/ فبراير الماضي، حثت بكين محكمة العدل الدولية على إبداء رأيها في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، الذي قالت إنه غير قانوني.
كما ضغطت الصين من أجل انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة، وأكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الأسبوع الماضي، أن من شأن ذلك أن "يصحح ظلما تاريخيا طال أمده".
"الانقسامات عميقة"
ومطلع الشهر الجاري، أشارت مقابلات أجرتها وكالة "رويترز" مع 5 مصادر في فتح وحماس إلى أن "الانقسامات العميقة ستعوق إحراز تقدم في محادثات المصالحة المقررة بينهما هذا الشهر".
وقال أحد المصادر إن "حماس تدرك أنها لا يمكن أن تكون جزءا من أي حكومة جديدة معترف بها دوليا للأراضي الفلسطينية عندما ينتهي القتال في القطاع".
وذكر المصدر وكذلك القيادي باسم نعيم، أن "الحركة تريد مع ذلك أن توافق فتح على تشكيل حكومة خبراء (تكنوقراط) جديدة للضفة الغربية وغزة في إطار اتفاق سياسي أوسع".
وقال نعيم، الذي شارك في الجولة السابقة من محادثات في الصين، في مقابلة "نتكلم عن مشاركة سياسية وعن مصالحة بالمفهوم السياسي لإعادة نظم الكينونة الفلسطينية".
واحتمال استمرار حماس كلاعب سياسي مؤثر قضية شائكة، في ظل التوافق الذي يظهره الغرب مع الهدف الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للحرب على غزة والمتمثل في "القضاء على حماس".
وبالرغم من ذلك، يتفق معظم المراقبين على أن الحركة ستتواجد بشكل مّا بعد وقف إطلاق النار، فيما تعارض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أي دور لحماس في حكم قطاع غزة بعد الحرب.
تؤيد الدول الغربية فكرة إدارة قطاع غزة بعد الحرب من قبل السلطة الفلسطينية بعد إعادة هيكلتها.
وعلى الرغم من المحادثات، فإن الخصومة والخلافات العميقة بين الحركتين تعني أن احتمالات التوصل إلى اتفاق لإعادة توحيد إدارة الأراضي الفلسطينية لا تزال ضعيفة.
وعلى الرغم من اعتراف أكثر من 143 دولة بفلسطين، بما في ذلك أيرلندا وإسبانيا والنرويج الشهر الماضي، تضاءلت الآمال في إقامة دولة ذات سيادة منذ سنوات في ظل التوسع الاستيطاني في الضفة ومعارضة إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية.