كتب رئيس تحرير صدى نيوز: منذ بداية الاحتلال، يعاني الشعب الفلسطيني من كافة الإجراءات والممارسات الإسرائيلية التي تهدف فقط إلى إيقاع الأذى عليهم. تشمل هذه الإجراءات كافة مناحي الحياة: التعليمية، الصحية، الاجتماعية، والاقتصادية. تسيطر إسرائيل بشكل كامل على جميع مرافق الحياة، وتركت بعض الخدمات للبلديات وإدارة المعابر والأحوال المدنية، وحتى هذه الخدمات تتعرض للتدخلات والتعقيدات الإسرائيلية.
اليوم نتحدث عن المعابر، وبشكل محدد عن جسر الملك حسين. لا ننكر أن هناك تقدما بسيطا حدث خلال السنوات الماضية، ولكن مع كل مناسبة نجد أن المعاناة تعود وكأننا لم نحقق أي تقدم.
هذه الأيام نشاهد أزمة خانقة على جسر الملك حسين، والسبب الرئيسي لذلك هو موسم الحج وفق حديث المسؤولين والمواطنين. وعلى مدى أربعة أيام لم يتم إدخال المواطنين، حيث ذهب عدد من الحجاج دون ترتيبات، بالإضافة إلى المعتمرين. هذه الأسباب تتكرر كل عام، وتظهر المعاناة أيضا كل عام. فلماذا لا توجد جهات فلسطينية وأردنية تضع حلاً لهذه المشكلة المتكررة؟ هل معاناة المواطنين لا تهمهم؟ وهل حجم الدخل والأموال التي يدفعها المواطنون غير كافية لتوفير الحلول؟
لن نتطرق لقيمة ما يدفعه المواطن فهي مبالغ ترهق حتى الأغنياء، لكننا نطلب على الأقل أن تصب هذه الأموال في توفير أسباب الراحة للمواطن. لماذا نجد الراحة في مطار الأردن ومطارات العالم، حيث يحصل كل مسافر على تذكرة تحدد تاريخ ووقت السفر ورقم الحافلة والمقعد؟ وداخل المطار توجد مطاعم وحمامات وأسواق يستطيع المسافر الاستفادة منها بسهولة. قد يقول البعض إن الاحتلال هو السبب في إعاقة بعض الأمور، لكن لا يمكن القول إن الاحتلال يمنع تنظيم السفر بحجز مسبق أو وجود قاعات ومطاعم ومساجد وحمامات وخدمات أساسية تخدم الأطفال والنساء والشيوخ. ولا يمكن القول إن الاحتلال يمنع تنافس الشركات في تقديم خدمات السفر.
نحتاج إلى حلول عملية، مثل تطبيق على الهواتف الذكية يتيح لأي مواطن حجز موعد سفره ذهابا وإيابا. الحلول كثيرة، وليس من مسؤوليتي وضعها. على الحكومة الفلسطينية والأردنية أن تتعاون لحل هذه الأزمة التي لا يعقل أن نستمر في معاناتها في عام 2024.
وجود عيادة طبية وسيارة إسعاف على الطرفين الأردني والفلسطيني ليس بحاجة لموافقة الاحتلال، أليس كذلك؟ ولماذا لا توجد جهة تتحمل تلف حقائب المسافر أو سرقتها؟ ولماذا لا توفر الشركات خدمة فندقية لمن يتأخر على الموعد المحدد؟
الاحتلال يعلن عن مواعيد فتح المعبر بخطة محددة سنويا أو شهريا، ومن هنا تستطيع الجهات الفلسطينية والأردنية ترتيب ذلك. أين إدارة المعابر الفلسطينية ووزارة المواصلات من ذلك؟ لماذا لم نشاهد وزير المواصلات الفلسطيني أو مدير عام المعابر أو قاضي القضاة أو وزير الأوقاف... الخ من المسميات والمناصب مع المواطنين العالقين على الطرف الأردني ليتفهموا معاناتهم أم أن المسؤولين فقط يتواجدون في فنادق خمس نجوم بالسعودية ويبدأون بنشر الأخبار، المسؤول الفلاني يتابع حجاج بيت الله الحرام.. المسؤول الفلاني يتفقد أحوال حجاج بيت الله الحرام.. لماذا لا نراهم بين المواطنين الذين يناموا في الشارع على الطرف الأردني لأيام ويتفقدوا أحوالهم.!!
لا تفسير ولا تبرير لمسؤولين فلسطينيين كُثر مروا وشاهدوا خلال الأيام الماضية معاناة الفلسطينين على الطرف الأردني ولم يكلفوا أنفسهم حتى النزول من سيارتهم المكيفة للاطمئنان على المواطنين والحديث معهم ومحاولة فهم ما يجري. على صعيد آخر نسمع ونتابع دائما لجان اقتصادية وسياسية وأمنية تعقد اجتماعات مع المسؤولين في الأردن. ماذا فعلوا حتى يحلوا هذه الأزمة. هل ناقشوها مع الحكومة الأردنية؟ أم هذه اللجان لا تسمن ولا تغني من جوع.. كرامة المواطن وراحته أولا وغير ذلك لا أهمية لكل هذه اللقاءات والاجتماعات.
الأغوار تصل درجات الحرارة فيها إلى أكثر من أربعين درجة مئوية، والمسافرون بينهم أطفال وشيوخ وحوامل ومعاقون. هل انتظارهم ومعاناتهم مقبولة؟. حجم المصاريف لمن يتم حجزهم على المعابر وكيف ينامون في الطرقات والساحات دون أية خدمات هي أمور غير إنسانية.
آن الأوان للحكومة الفلسطينية أن تضع هذا الملف ضمن أولوياتها، وتعقد اجتماعات داخلية مع إدارة المعابر ووزارة المواصلات ومع الجهات الأردنية لوضع ترتيبات تليق بالبشر. الشعب الفلسطيني ليسوا حيوانات ولا بضاعة رخيصة لهذا الحد. التكرار يعلم الشطار، فهل من مجيب؟ ما يحدث عيب!