اصدرت المحكمة الدستورية قرارا يشوبه مخالفات خطيرة لنصوص واختصاصات المحكمة الدستورية، كما ان القرار محل الكتابه يخالف ما استقرت عليه المحكمة الدستورية ذاتها في اكثر من قرار بخصوص تفسيرها لاسباب الطعن المقدم من قبل عطوفة النائب العام للمحكمة الدستورية حيث يعتبر النائب العام ومن خلال الوقائع التي تقدم بها بالنيابة عن وزارة المالية وهيئة التقاعد العام ان حكم المحكمة الادارية العليا في الدعوى المقيدة تحت الرقم 91/2022 والصادر حكما بها بتاريخ 11/12/2022 بخصوص استحقاق اعضاء المجلس التشريعي المنحل لرواتب تقاعدية يقع صحيحا ويجب على وزارة المالية وهيئة التقاعد ان تقوم بدفع للطاعنين رواتبهم التقاعدية وفقا للقانون. عطوفة النائب العام استند في طعنه الى نص المادة 24/4 من قانون المحكمة الدستورية والتي تنص على " الفصل في النزاع الذي يقوم بشان تنفيذ حكمين نهائيين ومتناقضين صادر احدهما من جهة قضائية او جهة ذات اختصاص قضائي والاخر من جهة اخرى منها"
بالرجوع الى قرارات المحكمة الدستورية الفلسطينية فنجد ان المحكمة الدستورية حددت الشروط التالية كي تنظر في اي طعن يتعلق بالمادة القانونية وفقرتها المحددة وهي:
1. ان يكون النزاع بشان تنفيذ حكمين نهائيين
2. ان يكون الحكمان قد حسما النزاع في موضوعه وفي دعوى واحدة حسما نهائيا
3. ان يكون الحكمان متناقضين بحيث يتعذر تنفيذهما معا
4. صدور الحكمين محل التنازع على التنفيذ من جهة قضائية او ذات اختصاص قضائي والاخر صادر من جهة اخرى منها.
بانزال هذه الشروط الاربعة على وقائع القرار محل القراءة القانونية نجد ما يلي:
1. ان المحكمة الدستورية قررت في القضية التي تحمل الرقم (9/2016) والمقدمه من الاستاذ علي جميل مهنا حيث تم رفع الدعوى على وزارة المالية وهيئة التقاعد العام ومجلس القضاء وهيئة قضايا الدولة ان "قرارات التفسير التي تصدرها المحكمة بتفسير بعض النصوص التشريعية او القرارات بقانون ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة وفقا لاحكام (41/1) من قانون المحكمة الدستورية، الا انه يتخلف عنها سمات الاحكام المعنية بالمادة (24) من القانون ذاته التي يتعين ان تكون صادرة في دعوى قضائية حاسمة لنزاع موضوعي.
2. وتكمل المحكمة الدستورية اعمال شروط المادة (24) وتقرر " وصادرة من احدى جهات القضاء او الجهات ذات الاختصاص القضائي وليس منها بطبيعة الحال المحكمة الدستورية العليا باعتبارها الهيئة القضائية العليا التي ناط بها القانون ولاية حسم مثل هذا النزاع والذي يقوم بشان حكمين نهائيين متناقضين"
3. وتضيف المحكمة الدستورية حاسمة الامر بشكل لا يرقى اليه شك او تفسير اخر وتقرر " ولما كان ذلك، وكانت الاوراق قد خلت الا من حكم واحد هو الحكم الصادر من محكمة العدل العليا في الدعوى رقم (130/2015) وكان الحد الثاني من التناقض هو قرار التفسير المشار اليه الذي لا يتحقق به مناط طلب الفصل في النزاع المبني على تناقض الاحكام طبقا لما تقضي به المادة (24 فقرة 4) من قانون المحكمة ومن ثم فان الطلب يكون غير مقبول"
اذن يثار سؤال مشروع كيف اصبحت القرارات التفسيرية محل قبول من المحكمة الدستورية على الرغم ان المحكمة قد قررت في اكثر من قرار هذه الشروط الاربعة؟ ولماذا اصبحت المادة منطبقة على الطعن محل القراءة.
كما اننا نضيف ان القرار التفسيري محل الاستناد من قبل المحكمة الدستورية والذي يستند الى القرار التفسيري رقم (10/2018) نجد ان مقدم الطلب وكما جاء في ديباجة القرار التفسيري في حينه وهو وزير العدل قد تساءل عن مدى شرعية تلقي المذكورين "رواتب" او مكافات شهرية ولم يتطرق بتاتا في طلبه الى الحقوق التقاعدية، وعليه جاء القرار التفسيري للمحكمة الدستورية مقررا ان اعضاء المجلس التشريعي لا يستحقون لاية مستحقات مالية او مكافات، ولم يتعرض لموضوع الراتب التقاعدي، وهذا بالضبط ما استندت عليه المحكمة الادارية العليا في قرارها حيث نص القرار على الاتي " من هنا فان قرار المحكمة الدستورية العليا رقم 10/2018 قد جاء جليا بحل المجلس التشريعي ووقف صرف رواتب اعضاءه ولكنه لا يوجد فيه ما يتضمن حرمان اعضاء المجلس التشريعي من رواتبهم التقاعدية..." كما ان محكمة النقض بصفتها محكمة ادارية وعندما اصدر قرارها بذات موضوع الدعوى والتي حملت في حينها الارقام 313/2019 و41/2020 التي نظرتها لاحقا المحكمة الادارية العليا قررت ما يلي " في حين ثبت منح هذه المخصصات والرواتب التقاعدية لاقرانهم وزملائهم من ذات الفئة وهم اعضاء المجلس التشريعي لدورة 2006 وفق الكشف المقدم من النيابة ما يثبت تماثل المراكز القانونية......"
وعليه فاننا امام معطيات جديرة بالوقوف امامها وهي:
1. ان هذا القرار يشوبة ليس عوار او خلل بل انه يهدم القواعد الدستورية وينشا فقه قانوني ليس له محل او مكان من قبل ويتطلب الرجوع عن القرار وفقا للاجراءات المتبعة.
2. ان القرار يحرم ايضا بقية اعضاء المجلس التشريعي ممن تم انتخابهم في العام 2006 من كافة حقوقهم القانونية.ولا يقتصر على الاعضاء الذين تقدموا بالطعون امام المحاكم الادارية.
3. ان القرار قد يدفع بهيئة التقاعد ووزارة المالية بالعودة على اعضاء المجلس التشريعي الذين تقاضوا رواتب تقاعدية منذ صدور القرار التفسيري في العام 2018 الى يومنا هذا .
4. ان القرار محل القراءة اضاف نصا جديدا يتعلق بالرواتب التقاعدية مع ان القرار التفسيري لم يتطرق بتاتا الى الرواتب التقاعدية كما جاء في قرار المحكمة الادارية العليا، حيث انه لا يجوز للمحكمة الدستورية ان تتصدي لاي قرارات تفسيرية من ذاتها دون طلب من الجهات التي حددها القانون.
علي الجميع ان يتحرك لوقف هذا السقوط المدوي من اكاديمين واصحاب قرار خاصة ومؤسسات حقوقية ونقابة محامين لان السكوت على مثل هكذا قرارات قد يقودنا الى انهيار قانوني شامل