صدى نيوز - تقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن ما سمته علم الآثار الإسرائيلي كان أول خطوة للمطالبة بالأرض وتعزيز الروح الصهيونية حتى أصبحت الحفريات في المعابد اليهودية مشاريع وطنية، قبل أن يكتشف المستوطنون في العقود الأخيرة قوة علم الآثار كأداة للاستيلاء على الأرض وتشكيل الوعي وجذب السياح وجمع التبرعات ونزع الملكية والسيطرة.

وبعد هذه المقدمة التي استهل بها الصحفي نير حسون مقالا له تحول إلى انتقاد مشروع القانون الذي وافق عليه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بالقراءة الأولى، والذي يسمح بعمل سلطة الآثار الإسرائيلية في الضفة الغربية، واعتبر أنه يحول علم الآثار رسميا إلى معول هدم يمكن استخدامه لتعزيز الفصل العنصري.

وأوضح الكاتب أن الآثار المترتبة على هذا المشروع الذي قدمه عضو الكنيست الليكودي أميت هاليفي هي ضم الضفة الغربية بحكم القانون وبحكم الأمر الواقع، بعد أن ظلت إسرائيل تحافظ على خيال قانوني يذكّر بأن الضفة الغربية ليست جزءا من إسرائيل، بل هي منطقة خاضعة لسيطرة عسكرية مؤقتة سيتم تحديد مستقبلها في المفاوضات.

ومع أن إدارة المنطقة تتم من قبل رئيس القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي عن طريق الأوامر العسكرية وضباط الأركان العامة -ومن بينهم ضابط أركان الآثار (كامات)- المسؤول عن الإدارة والإشراف على المواقع الأثرية في الضفة الغربية، ورغم أن سلطة الآثار الإسرائيلية تسللت إلى الضفة من خلال عمليات تنقيب معينة والقبض على لصوص الآثار فإنه تم الحفاظ على الفصل رسميا بين السلطة وكامات.

معارضة من قبل سلطة الآثار

لكن مشروع القانون الحالي -الذي ينص على وجود سلطة تعمل في الضفة تماما كما تعمل داخل إسرائيل- سيكون تطبيقا للقانون الإسرائيلي في الضفة الغربية، في مخالفة للقانون الدولي وخدمة للسلطة الفلسطينية وكل من يدعي أن إسرائيل تحافظ على نظام الفصل العنصري.

بعد أن سعى أهالي بلدة سبسطية الفلسطينية لإدراج بلدتهم في لائحة "التراث العالمي المهدد" باليونسكو رصدت الحكومة الإسرائيلية 8 ملايين دولار لتهويد البلدة وربطها بالرواية التوراتية (الأناضول)

وإذا أقر القانون -كما يقول الكاتب- فإن وزير التراث عميحاي إلياهو يستطيع من خلال سلطة الآثار استخدام سلطة رقابية واسعة على الرعايا الفلسطينيين، مما ستكون له آثار كبيرة على حياتهم وعلى إمكانيات التنمية المحلية نظرا لوجود موقع أثري في كل قرية فلسطينية تقريبا.

ويعد مشروع القانون إنجازا لحملة كبيرة تشنها منظمات يمينية عدة منذ السنوات القليلة الماضية، غير مهتمة بالأضرار التي يلحقها المستوطنون بالمواقع الأثرية ولا بعلم الآثار إلا إذا كان هذا العلم يهوديا، وتفضل أن يكون شيئا يمكن ربطه بقصص الكتاب المقدس.

مبالغة فادحة

وقد حدد المستوطنون الموقع الواقع على جبل عيبال على أنه موقع مذبح يشوع رغم أن معظم علماء الآثار يشككون في هذا الادعاء، ويعتبرون أنه تعرض للتخريب المتعمد من قبل الفلسطينيين، ولذلك تمكنوا من تقديم مشروع قانون الضم الذي قدمه هاليفي.

وقد قدم هاليفي هذا المشروع دون تشاور مع سلطة الآثار رغم أن مدير سلطة الآثار الإسرائيلية ومؤيد الليكود إيلي إسكوسيدو يعارضه بشدة، كما أنه لم يتشاور مع مجلس الآثار الإسرائيلي، وهو أعلى هيئة أثرية في إسرائيل وهي التي يفترض أن تقدم المشورة للحكومة بشأن المسائل المتعلقة بالآثار، ولم يتشاور أيضا مع الأكاديمية الوطنية للعلوم التي تعارض مشروع القانون أيضا.

وخلص الكاتب إلى أن نسبة ثقافة مادية معقدة ومتعددة الأبعاد عمرها آلاف السنين إلى "دولة يهودية" تعتبر مبالغة فادحة.

وأكد أن محو حق الشعب الفلسطيني الأصلي -الذي يعيش في المنطقة ويزرع في المدرجات الزراعية التي هي في حد ذاتها مواقع أثرية- يعد عملا بلطجيا.