ترجمة صدى نيوز - كشف تحقيق لصحيفة هآرتس العبرية، نشر عبر موقعها الالكتروني مساء اليوم الخميس، عن فشل كبير واجهه الجيش الإسرائيلي لإغراق أنفاق حماس في قطاع غزة.
وبحسب الصحيفة العبرية، كما ترجمت صدى نيوز، فإن نظام "أتلانتس" وهو اختراق هندسي تكنولوجي كبير للتعامل مع التحدي تحت الأرض، كما كان يوصف بالجيش الإسرائيلي، قد فشل في تغيير قواعد اللعبة كما كان يطمح الجيش.
وكان من المفترض أن يعمل هذا النظام على وقف أنفاق حماس عن العمل، من خلال إغراقه بمياه البحر بكثافة عالية، بهدف قتل كبار أعضاء الحركة داخل الأنفاق.
ووفقًا للصحيفة، فإنه بعد حوالي نصف عام من الكشف عن هذا النظام، أصبح من الواضح أن فرص نجاحه انتهت ولم يعد قيد الاستخدام ولا يستطيع أحد في الجيش يقول ما هي الفائدة التي حققها هذا المشروع الباهظ الثمن إن وحدت مثل هذه الفائدة.
وكشف تحقيق هآرتس الذي يرتكز على محادثات مع عدة مصادر مطلعة على تطوير النظام وتشغيله، وكذلك على وثائق وبروتوكولات من مناقشات مغلقة بمشاركة كبار الضباط والمهنيين، الأمر الذي يكشف عن مجموعة من الإخفاقات في السلوك المحيط بالنظام ويرسم ملفًا تعريفيًا للفشل المعروف.
ويتبين على سبيل المثال، أن النظام بدأ العمل قبل موافقة المختطين لأن وراء تسريع العملية كانت هناك ضغوطات كثيرة مورست من أعلى الهرم من قائد المنطقة الجنوبية يارون فينكلمان، وأن تنفيذ أول عملية تمت رغم وجود خطر محتمل على الإسرائيليين الذين تم اختطافهم داخل القطاع، وهم على قيد الحياة.
وقال مصدر أمني مطلع على المشروع، إنه تم تفعيله في نفق مركزي واحد على الأقل لحماس، والذي كان يستخدم بشكل واضح من كبار قادة الحركة في مراحل مختلفة من الحرب، وكان هناك احتمال كبير لوجود مختطفين داخله.
وكان الجيش الإسرائيلي ينظر لهذا النظام على أنه بمثابة كسر للمعادلة، فيما قال مصدر أمني: إن الإنجازات التي تحققت على الأرض ضد كبار مسؤولي حماس كانت ضئيلة جدًا.
ويقول مصدر آخر للصحيفة العبرية، كما ترجمت صدى نيوز، أن فينكلمان طالب بتقديم حلول له للمساس بعناصر حماس في الأنفاق، لأنه كان هناك حالة من الإحباط في البدايات خاصة وأن القوات العسكرية كانت ترى أنه لا يمكن الدخول إلى جميع الأنفاق، وبدأت في تلك المرحلة تتبلور صورة عن خجم الأنفاق لم تكن المخابرات الإسرائيلية على علم بها، وفي ذلك الوقت كان الجيش الإسرائيلي في مرحلة التعرف على الأنفاق التي يواجهها بغزة ومدى انتشارها، والتي تبين أنها مئات من الكيلو مترات.
ويقول المصدر: الجيش وجد نفسه على الأرض عندما أدرك أن حماس تحت الأرض، وليس لديه الحل لكيفية إخراجهم من هناك.
وتقول الصحيفة إنه في القيادة الجنوبية كان هناك من يقول إنه في تلك الأيام لم يكن لدى القوات البرية أي حل لمشكلة الأنفاق، ولذلك كان الجيش منتبهًا لكل فكرة ممكنة وفكرة هذه طرحها ضابط من القوات البرية، من خلال غمر الأنفاق بمياه البحر من خلال استخدام مضخات وأنابيب، وهي خطة قديمة كان تم إعدادها قبل سنوات ولكن لم تكن هناك صورة عن إمكانية فرص نجاحها، وبعد هجوم السابع من أكتوبر، وبحسب مصادر أمنية، فإن قائد المنطقة الجنوبية فينكلمان أعطى الضوء الأخضر لتنفيذ الخطة القديمة على أرض الواقع.
وبعد حصول الخطة على الموافقات اللازمة من رئس الأركان ومكتب العام العسكري، توجه الجيش إلى سلطة المياه وطلب المساعدة، وتم إنشاء مجموعتين من الخبراء المدنيين في مجالات مختلفة، وتم إعداد دراستين حول إمكانية تدفق المياه داخل الأنفاق وحول فقدان المياه لقوتها عبر جدران الأنفاق.
وبحسب الصحيفة، لم ينتظر الجيش الإسرائيلي استنتاجات تلك الدراستين وانتقل بالفعل إلى المرحلة التالية، وتم وضع أنابيب في مناطق القتال، وتم تجنيد فرقة بأكملها من أجل انجاز المشروع وإعداد الأنابيب وغيرها، لمشروع لم يكن هناك أي فكرة حول مدى نجاحه، ورغم ذلك تم إغراق أحد الأنفاق المركزية لحماس.
وقال مصدر عسكري: "لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي القدرة على معرفة ما إذا كان النظام قد نجح مما هو مطلوب منه، وما حدث في الأنفاق، وما هي حالة الإرهابيين في داخله، وما إذا كان هناك أي رهائن أصيبوا نتيجة للمياه، وحتى هذه اللحظة لم يتضح حجم الأضرار التي لحقت بالأنفاق إن وجدت. إنهم فقط لا يعرفون أي شيء". وفق تعبيره.
ويقول مختصون إن الجيش الإسرائيلي لم يكن لديه معلومات وبيانات كافية عن الأنفاق، وكيفية استخدام طريقة من شأنها أن تلحق الضرر بمن يقيم فيها أو تدفعهم إلى الفرار منها إلى فوق الأرض.
ووفقًا للصحيفة، فإنه كجزء من التعلم المستقل حظى باحثو سلطة المياه الإسرائيلية الإطلاع على التحقيق مع أحد نشطاء حماس الذي كان يعمل في الأنفاق على مدار 10 سنوات، وحديثه عن بنائها وتجهيزها لمثل هذه المعركة وكيف تم بناؤها.
وتكشف وثيفة بناء على تلك التحقيقات، تم إصدارها من قبل الخبراء المختصين، أنه بعد 3 أسابيع من بدء عمل نظام "أتلانتس"، لم تتم العملية وفقًا لتوصيات المختصين، ولم يكن هناك تنسيق ما بين العناصر في الميدان والوحدة المرافقة من الخبراء الذين حددوا مسار العمل، وتبين أن الجيش الإسرائيلي غمر الأنفاق بدون أن لديه آلية لتقييم الانجاز العملياتي، ونتيجة لذلك خلصوا إلى أنه في الواقع لم يعرف إلى مدى نجحت العملية.
وعلمت هآرتس، أن المختصين شككوا منذ البداية في نجاح غمر الأنفاق ما يجعل من الصعب على نشطاء حماس البقاء فيها ويؤدي ذلك إلى مقتلهم.
ويوضح مصدر أمني إسرائيلي مطلع على تفاصيل الخطة أن "فينكلمان أراد الدخول والعمل داخل الأنفاق بأسرع ما يمكن، وكان هناك العديد من العمليات التي نفذت تمت بدون دراسة المواضيع وعواقبه.
وتبين أن قضية المختطفين لم يتم التطرق إليها إطلاقًا، وقال مصدر مطلع على المشروع: لم يكن الأمر في الاعتيار ومن يقول غير ذلك فهو لا يعرف شيئًا.
وفي تلك الأيام، كما تقول مصادر أمنية تحدثت إلى "هآرتس"، تم كل شيء في أجواء أرادت فيها قمة الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي تقديم نظام عمل وإجابة مبتكرة على أنفاق حماس، لذلك أي سؤال أو المشكلة التي توقعتها مختلف الأطراف اعتبرت محاولة لوضع العصي في دواليب عمل الجيش.
وخلال إحدى المناقشات، يقول مصدر في مطلع على التفاصيل، كان هناك من يتساءل كيف تتغلب حماس على مياه الأمطار في الأنفاق طوال هذه السنوات، وكيف يمكن أن تكون الأنفاق لم تغمرها المياه.
وبحسب الصحيفة، فإنه لم يتم الحصول على إجابة بشأن هذا السؤال إلا من خلال عمل الخبراء وبمساعدة التحقيقات مع نشطاء حماس.
ويقول المصدر: اتضح أنهم بنوا الأنفاق على مستويات، مع وجود خزانات للصرف الصحي لمياه الأمطار وأبواب علوية، وتبين أن لديهم حلولاً لتحويل المياه إلى نقاط لامتصاصها، ولذلك تبين أنه من الصعب بل من المستحيل عمر الأنفاق.
وأشارت الصحيفة في تقريرها المطول إلى الغضب الذي وصل لبعض قادة الجيش بسبب فشل المشروع، إلى جانب الغضب في أوساط أهالي الأسرى بعد معرفتهم به، كما أنه تسريب معلومات لوسائل إعلام أجنبية حوله، وتبين أن كان الهدف محاولة "إرهاب الإرهابيين"، بعد فشل المشروع، ثم تبين لاحقًا أن كل ذلك لم يؤدي إلى أي نتائج حقيقية.
وتبين أن المشروع خسر مئات الملايين من الشواكل، كما أنه كان بحاجة لقوات كبيرة ولموارد أكبر ما كان سيعيق العمليات البرية بشكل أكبر.
ورفض الناطق باسم الجيش الإسرائيلي التعليق على التحقيق.