صدى نيوز -كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في طهران الأربعاء، تم بعبوة ناسفة هُربت سراً إلى دار الضيافة في طهران، حيث كان يقيم، وفقاً لثمانية مسؤولين تحدثت إليهم، بينهم إيرانيان وأميركي.

ونقلت الصحيفة عن خمسة مسؤولين من المنطقة، أنه تم إخفاء القنبلة قبل شهرين تقريباً في دار الضيافة التي يديرها ويحميها «الحرس الثوري» الإيراني، وهي جزء من مجمع كبير، يُعرف باسم «نشاط» في حي راقٍ شمال طهران.

وأكد المسؤولون الخمسة أن القنبلة تم تفجيرها عن بعد، بمجرد التأكد من وجود هنية داخل غرفته في دار الضيافة. وقال المسؤولان الإيرانيان اللذان أطلعا على الحادث، إن الانفجار هز المبنى، وحطم بعض النوافذ، وتسبب في انهيار جزئي لجدار خارجي. كما كان الضرر واضحاً في صورة للمبنى تم تبادلها مع صحيفة «نيويورك تايمز».

وأشار مسؤولون من المنطقة إلى أن هنية أقام في بيت الضيافة المستهدف مرات عدة أثناء زيارته لطهران.

ولم تعترف إسرائيل علناً بمسؤوليتها عن القتل، لكن مسؤولي الاستخبارات الإسرائيليين أطلعوا الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى على تفاصيل العملية في أعقاب ذلك مباشرة، وفقاً للمسؤولين الخمسة.

في الساعات التي أعقبت عملية القتل، ركزت التكهنات على الفور على احتمال أن تكون إسرائيل قد قتلت هنية بضربة صاروخية، ربما أطلقت من مسيّرة أو طائرة، على غرار الطريقة التي أطلقت بها إسرائيل صاروخاً على قاعدة عسكرية في أصفهان بإيران في أبريل (نيسان) الماضي.

أثارت نظرية الصواريخ هذه تساؤلات حول كيف تمكنت إسرائيل من التهرب من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية مرة أخرى لتنفيذ مثل هذه الغارة الجوية الجريئة في العاصمة.

كما اتضح، تمكن القتلة من استغلال نوع مختلف من الثغرات في دفاعات إيران: ثغرة في أمن مجمع يُفترض أنه محروس بإحكام سمح بزراعة قنبلة وإخفائها لبضعة أسابيع قبل أن يتم تفجيرها في النهاية.

وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين إن مثل هذا الخرق كان فشلاً كارثياً في الاستخبارات والأمن لإيران وإحراجاً هائلاً لـ«الحرس الثوري» الذي يستخدم المجمع للخلوات والاجتماعات السرية وإيواء الضيوف البارزين مثل هنية.

لكن من غير الواضح كيف تم إخفاء القنبلة في بيت الضيافة. وقال المسؤولون الذين تحدثت إليهم الصحيفة في المنطقة، إن التخطيط للاغتيال «استغرق شهوراً وتطلب مراقبة مكثفة للمجمع». وأشار المسؤولان الإيرانيان اللذان وصفا طبيعة الاغتيال إلى أنهما لا يعرفان كيف أو متى تم زرع المتفجرات في الغرفة.

وأظهرت الصور أن الانفجار الذي وقع في وقت مبكر من صباح الأربعاء أدى إلى تحطيم النوافذ وانهيار جزء من جدار المجمع. ويبدو أن الضرر الذي أحدثه لم يتجاوز المبنى نفسه، كما كان من المحتمل أن يحدثه صاروخ.

وفي حوالي الساعة الثانية صباحاً بالتوقيت المحلي، انفجرت العبوة، وفقاً للمسؤولين الخمسة من المنطقة. وهرع موظفو المبنى المذعورون للبحث عن مصدر الضوضاء الهائلة، مما قادهم إلى الغرفة التي كان يقيم فيها هنية مع حارس شخصي.

ويضم المجمع فريقاً طبياً هرع إلى الغرفة فور وقوع الانفجار. وأعلن الفريق أن هنية توفي على الفور. وحاول الفريق إنعاش الحارس الشخصي، لكنه توفي أيضاً.

وقال اثنان من المسؤولين الإيرانيين إن زعيم حركة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية زياد النخالة كان يقيم في الغرفة المجاورة. ولم تتضرر غرفته بشكل كبير، مما يشير إلى تخطيط دقيق في استهداف هنية.

ووفقاً للمسؤولين الخمسة في الشرق الأوسط، وصل خليل الحية، نائب قائد «حماس» في غزة والذي كان أيضاً في طهران، إلى مكان الحادث وشاهد جثة زميله.

وقال المسؤولون الإيرانيون الثلاثة إن من بين الأشخاص الذين تم إخطارهم على الفور، كان الجنرال إسماعيل قاآني، القائد العام لـ«فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، والذي يعمل عن كثب مع حلفاء إيران في المنطقة، بما في ذلك «حماس» و«حزب الله». وقال المسؤولون إنه أخطر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في الساعات الأولى من الصباح، وأيقظه.

بعد أربع ساعات من الانفجار، أصدر «الحرس الثوري» بيانا يفيد بمقتل هنية. وبحلول الساعة السابعة صباحاً، استدعى خامنئي أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي إلى مجمعه لعقد اجتماع طارئ، أصدر خلاله أمراً بضرب إسرائيل رداً على ذلك، وفقاً للمسؤولين الإيرانيين الثلاثة.

في إيران، كانت طريقة الاغتيال موضوعاً للشائعات والخلاف. وذكرت وكالة «تسنيم» للأنباء، التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن شهود عيان قالوا إن جسماً يشبه الصاروخ ضرب نافذة غرفة هنية وانفجر.

لكن المسؤولين الإيرانيين أعضاء «الحرس» الذين تم إطلاعهم على الهجوم، أكدوا أن الانفجار وقع داخل غرفة هنية، وقالوا إن التحقيق الأولي أظهر أن المتفجرات وضعت هناك قبل فترة من الوقت.

ووصفوا دقة الهجوم وتعقيده بأنه مماثل في التكتيك لسلاح الروبوت الذكي الذي يتم التحكم فيه عن بعد والذي استخدمته إسرائيل لاغتيال كبير العلماء النوويين الإيرانيين محسن فخري زاده في عام 2020.