صدى نيوز - ربطت دراسة حديثة بين السماح للأطفال الصغار بامتلاك الأجهزة اللوحية وظهور مشاكل تتعلق بالتحكم في الغضب مستقبلًا.

وتضيف الدراسة الجديدة إلى المخاوف المتزايدة من أن الاستخدام الواسع النطاق للأجهزة المحمولة يؤثر سلبًا في نمو الأطفال، وذلك وسط جهود متزايدة لتنظيم المحتوى الرقمي الذي يشاهده الأطفال.

علاقة الأجهزة اللوحية وغضب الأطفال

كشفت دراسة نشرت في مجلة طب الأطفال JAMA Pediatrics أن استخدام الأجهزة اللوحية في سن 3.5 عام "يرتبط بشكل كبير" بزيادة الميل إلى الغضب والإحباط لدى الأطفال بعد عام واحد.

 

ولتحديد ما إذا كان استخدام الأجهزة اللوحية يؤثر في نوبات الغضب لدى الأطفال الصغار، أجرى باحثون من كندا وجنوب إفريقيا والبرازيل دراسة قاموا فيها بتحليل تقارير من الآباء واستطلاعات رأي سلوكية.

وقاموا بتقييم تعبيرات الغضب والإحباط لدى نفس المجموعة من الأطفال في ثلاثة أعمار مختلفة: 3.5 عام، و4.5 عام، و5.5 عام. وقد سمح لهم هذا النهج بمراقبة التغيرات بمرور الوقت وفهم العلاقة بين استخدام الأجهزة اللوحية والاستجابات العاطفية.

وجد الباحثون أن استخدام الأجهزة اللوحية في سن 4.5 عام كان مرتبطًا بنوبات غضب وإحباط أكثر تواترًا في سن 5.5 عام.

تم التوصل إلى هذا الاستنتاج من دراسة شملت 315 من أولياء أمور الأطفال في سن ما قبل المدرسة من نوفا سكوشا، في كندا.

وكشفت البيانات أن الأطفال الذين أظهروا مستويات أعلى من الغضب والإحباط في سن 4.5 عام كانوا أكثر عرضة لاستخدام الأجهزة اللوحية بشكل متكرر بحلول سن 5.5 عام. وفسر الباحثون هذا على أنه "دورة سلبية"، ما يشير إلى أن استخدام الأجهزة اللوحية قد يسهم في صعوبات التنظيم العاطفي.

ووجد الباحثون أن استخدام الأجهزة اللوحية لا يضعف قدرة الأطفال على إدارة عواطفهم بفاعلية في أثناء الأنشطة اليومية فحسب، بل يشجعهم أيضًا على الاعتماد بشكل أكبر على الحلول الرقمية للتعامل مع نوبات غضبهم.

سبب المشكلة وكيفية إدارتها

وأشار الباحثون إلى أن السبب الذي يجعل الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة تعطل التطور العاطفي للأطفال لا يزال غير واضح، ولكن هناك طريقتين رئيسيتين يتعلم من خلالهما الأطفال عادة كيفية إدارة عواطفهم: من خلال مراقبة استراتيجيات تنظيم العواطف التي يتبعها آباؤهم، ومن خلال "التدريب العاطفي" المباشر من الوالدين.

وقد يتداخل استخدام الأجهزة اللوحية مع هاتين العمليتين، ما قد يقلل من فرص الأطفال في تعلم إدارة العواطف الفعّالة ويقوض تطوير هذه المهارات الأساسية.

ومن خلال تشتيت انتباه الأطفال أو الحد من تفاعلهم مع الوالدين، قد تقلل الأجهزة اللوحية من لحظات التعلم القيمة وتضعف استراتيجيات تنظيم العواطف التي تعد حاسمة للنمو العاطفي الصحي.

كما أشار الباحثون إلى أن دراستهم ركزت فقط على ما إذا كان الأطفال يستخدمون الأجهزة اللوحية، ولكن الأبحاث المستقبلية يجب أن تستكشف كيفية استخدام هذه الأجهزة اللوحية لفهم تأثيرها بشكل أفضل.

وسلطوا الضوء على أن الأنواع المختلفة من استخدام الأجهزة اللوحية يمكن أن يكون لها تأثيرات متفاوتة: على سبيل المثال، قد يختلف الانخراط النشط، مثل القراءة على الجهاز اللوحي، بشكل كبير عن الأنشطة السلبية، مثل مشاهدة مقاطع الفيديو.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مستوى مشاركة الوالدين في أثناء استخدام الجهاز اللوحي أمر بالغ الأهمية؛ يمكن أن تتراوح التفاعلات من المشاهدة المشتركة أو الاستخدام المشترك للجهاز اللوحي إلى ترك الطفل بمفرده معه.

وذكر الباحثون أن هناك أدلة تشير إلى أن الأجهزة اللوحية، عند استخدامها بشكل صحيح وبالتزامن مع توجيه الوالدين، لديها القدرة على الاستفادة من التطور العاطفي للأطفال.

وعلى وجه التحديد، إذا تم استخدام الأجهزة اللوحية بطريقة منظمة مع مشاركة الوالدين، فيمكنها مساعدة الأطفال على ممارسة التعرف إلى المشاعر والاستجابة لها. وقد يعزز هذا النهج سلوك الأطفال وتنظيمهم العاطفي، بدلاً من التسبب في نوبات غضب أكثر تكرارًا.

على سبيل المثال، يمكن أن تكون التطبيقات التفاعلية المصممة لتعليم المهارات العاطفية أو الألعاب التي تنطوي على التعرف العاطفي مفيدة إذا تفاعل الآباء مع أطفالهم في أثناء استخدام الأجهزة اللوحية، وتقديم الدعم والتوجيه.

مخاوف أوسع

تؤكد الأبحاث على اتجاه أوسع يشير إلى أن الأجهزة المحمولة مثل الهواتف والأجهزة اللوحية تؤثر سلبًا في نمو الأطفال. وتشير الدراسات إلى أن استخدام الأجهزة لتهدئة نوبة الغضب يمكن أن يضعف التنظيم العاطفي وأن الوقت المفرط أمام الشاشة يمكن أن يعيق تطوير المهارات اللغوية والاجتماعية الحاسمة.

وتمتد هذه المخاوف إلى ما هو أبعد من مرحلة الطفولة المبكرة؛ إذ تحظر العديد من المدارس الثانوية الآن الهواتف الذكية بسبب تشتيت الانتباه في الفصول الدراسية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق متزايد بشأن أنواع المحتوى الذي يصل إليه الأطفال عبر الإنترنت، ما دفع المشرعين إلى النظر في اللوائح لضمان تفاعلات أكثر أمانًا وأكثر فائدة عبر الإنترنت للشباب، ولا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي، لحماية صحتهم العقلية.

وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء، فإن 80% من الأسر الأميركية التي لديها أطفال تملك جهاز كمبيوتر.