كان معارضو اتفاقية أوسلو وخصوصاً حماش واليسار يصفونها بأنها عبثية وخيانية حتى الرئيس أبو مازن وصفها في بعض المراحل بأنها عبثية وقرر وقفها، وفي الحقيقة كانت كذلك لأن امتدادها حتى عام ٢٠١٠ شكل ستاراً وتغطية للممارسات الإسرائيلية في الضفة والقدس ،من توسيع الاستيطان وبناء الجدار العنصري واقتحام الضفة ٢٠٠٢  واغتيال أبو عمار ٢٠٠٤ وفصل غزة عن الضفة ٢٠٠٥ وتعطيل أي حراك دولي جاد بحجة أنه سيؤثر على عملية السلام الخ، دون تجاهل ما تحقق خلال هذه السنوات من بعض الانجازات نتجت عن توقيع اتفاقية أوسلو سبق وأن كتبنا حولها ،أهمها تثبيت ودعم صمود الشعب على أرضه وتعزيز الحضور الفلسطيني دولياً.  ونخشى أن المفاوضات الجارية اليوم في القاهرة وقبلها في الدوحة وروما والممتدة منذ عشرة أشهر  دخلت في ما هو أسوأ من العبثية حيث تمنح العدو مزيداً من الوقت لمواصلة  تنفيذ مخططاته الحقيقية من حرب الإبادة يساعده في ذلك الدعم الأمريكي الشامل حتى على طاولة المفاوضات وضعف الوسيط العربي قطر ومصر.

هروب الطرفان،حماس وإسرائيل، من عبثية المفاوضات إلى التصعيد العسكري في الضفة لن يخدم إلا الاحتلال بعد أن أطمئن الى غياب أي ردود فعل جادة لا دولياً ولا عربياً ولا من محور المقاومة ولا حتى من تشكيل جبهة فلسطينية موحدة لمواجهته. والضرر الذي لحق بغزة والضفة وبالقضية عموماً خلال عشرة أشهر تقريباً من المفاوضات والمناورات والخداع بالحديث عن خلافات إسرائيلية داخلية أو خلافات مع واشنطن يفوق كثيراً ما لحق بها خلال مفاوضات أوسلو خصوصاً من حيث تدمير مقومات صمود الشعب على الأرض وتزايد مخاطر مخطط التهجير. 

سيسأل البعض: اذا كانت المفاوضات عبثية فما هو البديل، وهل المقاومة هي البديل؟
أجبنا عن هذا السؤال في دراستنا بعنوان: (الحاجة لاستراتيجية فلسطينية متعددة المسارات) وفي يونيو ٢٠٢١ كتبنا مقالا بعنوان (الحذر من تجزئة القضية وتعدد مسارات التفاوض) وهي موثقة حتى الآن في أكثر من موقع وصحيفة ومركز أبحاث .