اقتصاد صدى- أصدر مركز ثبات للبحوث واستطلاعات الرأي الذي يديره الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب تقدير موقف حول تكلفة القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024 بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته الذي نشر في الوقائع الفلسطينية رقم 217 الصادر بتاريخ 26/8/2024، تحت عنوان "مليار شيكل تكلفة تطبيق قانون تقاعد السياسيين في العشرين عاماً القادمة" ضمن أوراق تقدير الموقف التي يصدرها المركز للعام 2024.

وجاء في التقرير أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدرَ بتاريخ 30 حزيران 2024 قراراً بقانون رقم 8 لسنة 2024 بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته الذي نشر في الوقائع الفلسطينية رقم 217 الصادر بتاريخ 26/8/2024. يحمل هذا التعديل مسألتين رئيسيتين الأولى إلغاء المادة 14 من القانون والتي تزيح عن كاهل الخزينة نفقة مالية ما يتعلق بتحسين الوضع لأعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة التي تصرف لهم مرة واحدة مع بداية تسلمهم النيابة أو منصب الوزير، وهي لم يتم تطبيقها على مدار العشرين عاماً إلا نادراً. في المقابل أضاف هذا التعديل نفقة مستمرة تتعلق بإضافة صنف جديد لمن يحظون بما يسمى بتقاعد السياسيين وهم الموظفون العامون ممن يتولون رئاسة مؤسسات عامة ويحملون الدرجة الخاصة "درجة وزير".
أعاد تعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين "تقاعد السياسيين" تجاه منح هذا النوع من التقاعد لحاملي درجة الوزير من رؤساء المؤسسات العامة النقاش في تكلفة تقاعد السياسيين على خزينة الدولة والأعباء التي يفرضها على جيوب المواطنين وخاصة على الأجيال القادمة في ظل الأزمة المالية المزمنة لخزينة الدولة، والإعلان عن برامج الإصلاح القاضية باعتماد برنامج التقشف ووقف أي أعباء مالية إضافية عليها. وطرح مسألة تقاعد السياسيين " باتجاه إلغاء هذا النوع من التقاعد الذي يرهق الخزينة العامة ويهدر أموال دافعي الضرائب.
تظهر السوابق في هذا الموضوع وجود محاولتين لضم من يحملون درجة وزير لقانون تقاعد السياسيين، حيث أُدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء في الأسبوع الثاني من تشرين الأول / أكتوبر 2014 مشروع قانون من بند واحد يتعلق بتقاعد بعض المستشارين ورؤساء المؤسسات الوزارية غير الحكومية الذين يعينون بدرجة وزير؛ ينص هذا المقترح على "كل من حصل على درجة وزير يحصل على تقاعد الوزير". لكن الحكومة لم تستمر بالنظر فيه بعد معارضة من قبل باحثين وإعلاميين آنذاك.[2] 
وفي العام 2020 صدر قرار بقانون قرار بقانون رقم (4) لسنة 2020م بشأن تعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004م وتعديلاته[3] تم فيه تعديل احكام المادة بإضافة مادة جديدة إلى القانون الأصلي بعد المادة (11) تحمل رقم (11) مكرر، وذلك على النحو التالي: باستثناء من نظمت حقوقهم بأنظمة خاصة، يستحق من عين بدرجة وزير ويشعل رئاسة مؤسسة عامة ومن في حكمهم، ما يستحقه الوزير من حقوق تقاعدية وفقاً لأحكام هذا القانون، على أن ترد لهم اشتراكاتهم وللخزينة العامة حصتها، وتتولى هيئة التقاعد الفلسطينية تنظيم ذلك. لكن مع الاحتجاجات التي رافقت إصدار هذا القرار بقانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقيام رئيس الحكومة آنذاك د. محمد اشتية بالاعتراض عليه[4] تم إلغاء القرار بقانون بحكم القرار بقانون رقم (14) لسنة 2020م بشأن إلغاء قرار بقانون رقم (4) لسنة 2020م بشأن تعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004م وتعديلاته[5]. 
تعرض هذه الورقة قواعد قانون تقاعد السياسيين من جهة، وثم الملاحظات الشكلية على القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024 بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته من جهة ثانية، ومن ثم الملاحظات على مضمون القرار بقانون رقم 8 لسنة من جهة ثالثة 2024، وأخيرة قراءة للتكلفة المالية المحتملة لتطبيق هذا القانون على الأجيال القادمة بما فيه التعديلات التي جرت على القانون وبعض القوانين الأخرى التي منحت بعض رؤساء المؤسسات العامة تقاعد الوزراء من جهة رابعة.

(1) قواعد قانون تقاعد السياسيين:
يمنح قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته نظام تقاعد خاص يختلف عن قواعد ونظام التقاعد العام، حيث أنّه منح حصة التقاعد للنائب بقيمة 12.5% مكافأة عن كل سنة يقضيها في النيابة، أيّ في غضون أربع سنوات يحصل على 50% من راتبه. أما الوزير فيحصل على 20% من المكافئة عن كل سنة يقضيها في الحكومة أيّ في غضون أربع سنوات يتحصل على 80% من راتبه، فيما يحصل المحافظ على 10% عن كل سنة يقضيها في منصبه. فيما الموظفون العامون يحصلون على 2% عن كل سنة يقضونها في الخدمة العامة أيّ في غضون ثلاثين سنة يحصلون على 60% - 70%من رواتبهم.
قَوَضَ هذا القانون أسس نظام التقاعد، المتعارف عليها عالميا، القائم على أساس الدفع المسبق لاستحقاقات مستقبلية، أيّ الدفع في زمن الشباب لتأمين شيخوخة آمنه، بالإضافة إلى أنّ هذا الدفع ينبغي أنْ يكون لعدد من السنوات باعتبارها حدا أدنى للحصول على ذلك الاستحقاق؛ في فلسطين اتفقوا قانونيا على انْ يكون خمسة عشر عاماً على الأقل للحصول على تقاعد الشيخوخة. كلا الحالتين لا تنطبق على تقاعد السياسيين؛ فالموظفون يدفعون من رواتبهم 10% شهرياً للتقاعد، بعد العام 2005 يدفعون 7%، لكن الوزراء النواب لا يدفعون أو لا يساهمون في تقاعدهم بأيّ نسبة من مكافآتهم. 
واضح أنّ المشرع الدستوري قصد في القانون الأساسي أنْ تكون هذه المكافآت والمخصصات لطبيعة الوظيفة التي يؤديها أعضاء المجلس التشريعي والوزراء أعضاء الحكومة. لكن المشرع الفلسطيني عند إقراره قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين عام 2004 تزّيد في مسألة الحقوق المتعلقة بأعضاء المجلس التشريعي والحكومة نحو وضع نظام تقاعدي خاص لهم على حساب الخزينة العامة من جهة، وتمت إضافة المحافظين إلى القانون على الرغم من أنّهم ليسوا بسياسيين وهم بالأساس موظفون يخضعون لقوانين تنظم حقوقهم "الوظيفية" الآنية والمستقبلية لدى التقاعد". 
بالرغم من أنّ القانون يستند على أحكام المادة 55 من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 التي تنص على أنّه "يتقاضى عضو المجلس التشريعي مكافأة شهرية يحددها القانون" والمادة 81 التي تنص على أنْ "تحدد بقانون مخصصات رئيس الوزراء والوزراء ومن في حكمهم"، إلا أنّ المشرع خالف بذلك قواعد القانون العام ومبدأي العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون المنصوص عليهما في القانون الأساسي المعدل. الأمر الذي يشي بشبهة تضارب المصالح للنواب الذين وضعوا امتيازات وحقوق لصالحهم.

(2) الملاحظات الشكلية على القرار بقانون رقم بقانون رقم 8 لسنة 2024 بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته.
(أ‌) غياب المبادرة التشريعية من أصحابها الدستوريين
صدر القرار بقانون أعلاه من السيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس مباشرة دون تنسيب من جهة مخولة بالتنسيب وفقا لأحكام القانون الأساسي المعدل الذي منح حصراً أعضاء المجلس "أفراداً ومجموعات" ومجلس الوزراء حق تقديم اقتراحات ومشاريع القوانين؛ باعتبار أعضاء المجلس التشريعي ممثلي الشعب معبرين عن إرادته الحرة واحتياجات الشرائح الاجتماعية المتعددة فيه واهتمامات الفئات المختلفة منه، والثاني "مجلس الوزراء" أصحاب الخبرة والاطلاع وممتلك الإمكانيات بما يتوفر له من معرفة وإدراك مؤسسي. 
قد يحاجج البعض أنّ الرئيس قد تولى وظيفة التشريع بدلا من المجلس التشريعي لإصدار قرارات بقوانين بحكم المادة 43 من القانون الأساسي، في هذه المسألة يمكن نقاش مدى انطباق هذه المادة من حيث الضرورة التي لا تحتمل التأخير فيما يتعلق بتعديل قانون تقاعد السياسيين بإضافة رؤساء المؤسسات العامة الذين يحملون درجة وزير وهذه الورقة ليست مخصصة لذلك. 
بالرغم من امتلاك الرئيس صلاحية المجلس التشريعي "الجلسة العامة" بحكم هذه المادة آنفة الذكر إلا أنّ هذه المادة لا تمنح حق المبادرة التشريعية بتقديم مشاريع القوانين التي حصرها القانون الأساسي بأعضاء التشريعي ومجلس الوزراء. 
وفي هذه الحالة قد يحاجج البعض بقاعدة من يمتلك الكل يمتلك الجزء، فعلى الرغم من صحة هذه القاعدة إلا أنّها لا تنطبق على القواعد الدستورية، حيث لا يحق لأي مؤسسة أو جهة أن تقوم بوظيفة أو دور ما لم يرد فيه نصاً صريحا.
يذكر أنّ صائغ ديباجة القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024 لم يستند لأحكام المادة 43 من القانون الأساسي بالأساس الأمر الذي ينفي إمكانية المحاججة بالقواعد آنفة الذكر في الفقرة السابقة.

(ب‌) الاستناد إلى المصلحة العامة لإصدار القرار بقانون 
استند صائغ القرار بقانون على مفهوم المصلحة العامة لإصدار القرار بقانون، وهو أمر ذو أهمية بالغة إلا أنه لم يحدد أوجه المصلحة العامة المبتغاة منه، خاصة أن مفهوم المصلحة العامة أو الصالح العام يمكن المجادلة فيه من قبل أطراف مختلفة وهي بالضرورة تنطوي على حماية حقوق الإنسان، والحريات العامة، واحترام احتياجات الأقليات، وتحقيق العدالة والحد من أوجه عدم المساواة، ووجود مؤسسات فعّالة ومساءلة.  
إنَّ أحد أهم محددات الصالح العام أو المصلحة العامة ينطلق من مسألة "المعقولية" حيث أم ما ينسجم مع مبادئ حقوق الإنسان ومقاصد العدالة وغاياتها ويحظى بالرضا العام، ويعد مقبولاً لدى المواطنين يعد وإلا تناقض مع المعقولية فعلى سبيل المثال هل معقولا أنْ يحصل شخصا يتولى منصباً عاماً تقاعدا دون ان يشارك في صندوق تقاعد، أو أن يحصل على عشرة أضعاف النسبة السنوية المحتسبة لأغراض الراتب التقاعدي لموظفي الدولة.  
عادة لا يقف الجدل حول تحديد المؤشرات الدالة على صوابية سياسات الحكم والإجراءات المتعلقة به من منطلق المصلحة العامة بل أنَّ جدلية المفهوم تتعمق بالنظر إلى أو الربط بمفهومي الشرعية والمشروعية؛ فالشرعيّة تعني العمل بموجب ما نصت عليه القوانين فيما المشروعية ترتبط برضا الجمهور عن ما تم تطويره منها. وهنا يبرز السؤال هل ما تم إصداره يتمتع بالمشروعية، إذا سلمنا بشرعيته؟ 
فقد انْتُزعَ نص المادتين 55 و81 من سياق النصوص المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين الفلسطينيين أمام القانون وخالف مبدأ عاماً للتقاعد العام. فأحكام المادة 55 من القانون الأساسي المعدل التي تنص "يتقاضى عضو المجلس التشريعي مكافأة شهرية يحددها القانون" والمادة 81 "تُحدد بقانون مخصصات رئيس الوزراء والوزراء ومن في حكمهم" أيّ أنَّ  القانون الأساسي  منحَ المشرع  سلطة تقديرية لتحديد حجم المكافأة أو الراتب لكن المشرع  توسع بإعطاء راتباً تقاعدياً للسياسيين (20% من الراتب للوزير و12.5% للنائب و10% للمحافظ عن كل سنة يقضيها في منصبه مقارنة بـ 2% للموظف العام) بما يتنافى مع مبدأ العدالة الذي ينطبق على مجتمع مُقدمي الخدمة العامة أو العاملين لخدمة الصالح العام، ويحمّل خزينة الدولة أعباء مالية لتدفعها الأجيال القادمة دون وجه حق.

(ت‌) غياب المشاورة الواجبة في إجراءات صناعة القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024
نشر القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024 بعد إصداره بحوالي شهرين دون مداولةٍ مع الحكومة (معلنة) أو نقاش مجتمعي، في حين فصّل المشرع الفلسطيني في النظام الداخلي للمجلس التشريعي الإجراءات التشريعية بثلاثة قراءات بإضافة إلى قراءة العامة (القراءة التمهيدية للموافقة أو الرفض للاحتياج وراء مقترح أو مشروع القانون) واحتمالية قراءة خامسة في حال اجتمعت في هذه الحالة مقترحات مجلس الوزراء على القراءة الثانية واعتراض الرئيس على مشروع القانون.
عادة تمتد الإجراءات المتعلقة باعتماد وإقرار والمصادقة على مشروع القانون أشهر عديدة وهي تمنح التفاعل بين السلطة التشريعية والتنفيذية في إعمال الرقابة المتبادلة وفقاً لمبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في القانون الأساسي. الأمر الذي يتيح فرصة للنقاش الجماعي العلني لأعضاء المجلس مجتمعين في الجلسة العامة للمجلس، وفرصة للدراسة المتأنية والتدقيق والتمحيص لأعضاء اللجان البرلمانية ذوي الاختصاص أو الاستعانة بذوي الاختصاص من الجهات المختلفة الحكومية والمجتمعية والخبراء والأكاديميين، وخلق التفاهم بين جهات التشريع والتنفيذ لضمان القدرة على الوصول للغايات المتوخاة من هذا القانون أو ذلك لمصلحة المجتمع عبر التطبيق السليم للقانون.   
إنّ الحكمة المتوخاة من إطالة أمد إجراءات التشريع هذه؛ بتعدد القراءات المعتمدة، وعلنية جلسات المجلس، والنقاش في اللجان البرلمانية، وحق النقض "الاعتراض الممنوح لرئيس الدولة وفقاً لأحكام المادة 41 من القانون الأساسي المعدل، تكمن في منح فرصة للمجتمع للاطلاع على ما يدور أو يحاك في أروقة مؤسسات الحكم والسياسية الفلسطينية، ولإشباع مشاريع القوانين نقاشاً مجتمعياً وتعمقاً في صياغتها، وللتهيئة التشريعية بهدف تطبيق القانون من المجتمع كأفراد ومن المؤسسات المعنية الحكومية والمجتمعية، ولمنع مراكز النفوذ من استغلال نفوذهم للتأثير في توجيه القوانين لمصالحهم الشخصية على حساب الصالح العام أو خصهم بالمزايا والامتيازات غير مستحقة. وهي تأتي بالأساس لضمان نزاهة الحكم المبني على المصلحة العامة، ولتحقيق العدالة الاجتماعية وتكريس المساواة بين المواطنين أمام القانون المنصوص عليهما في وثيقة إعلان الاستقلال والقانون الأساسي المعدل.

(3) الملاحظات على مضمون القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024 بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته.
جاء القانون الجديد لمكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته بتعديلين جوهريين هما:
 
(أ‌) إلغاء المادة 14 من القانون الأصلي التي تقضي بتحسين الوضع لأعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة، والتي تنص على "يخصص لرئيس المجلس وعضو المجلس ورئيس الوزراء والوزير الذي يمارس المهمة لأول مرة بدل تحسين أوضاع بقيمة (15.000) دولار أمريكي أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا، وبصرف المبلغ مرة واحدة في حياته بغض النظر عن مدد الولاية". وبالرغم من هذا النص لم يتم تطبيقه على مدار العشرين عاماً بشكل عام إلا أنّ إلغاؤه في إطار سياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة أمرٌ محمودُ وايجابي.
(ب‌) إضافة فئة جديدة لتقاعد السياسيين وهم الموظفون العامون ممن يعينون أو يشغلون رئاسة دوائر حكومية بدرجة وزير. 
يتضمن القرار بقانون خمس مواد جوهرية أي تتعلق بمضمون التعديل أربعة منها تتعلق بإدخال الفئة الجديدة لتقاعد السياسيين وهم كما جاء في نص تعديل معنى كلمة الوزير لغايات هذا القرار بقانون حيث أصبحت كما يلي "الوزير: وهو عضو الحكومة، أو من في حكمه ممن يعين أو يشغل رئيساً لدائرة حكومية بدرجة وزير" والتعديلات الباقية تتعلق بإدخال هذه الفئة في صياغة أحكام القانون الأصلي. هذا التعديل يخلق نفقة جديدة مستمرة تتعلق بإضافة صنف جديد لمن يحظون بما يمكن أن يطلق عليه تقاعد السياسيين.
وفقا لهذا التعريف، فإن عدد الدوائر الحكومية (المؤسسات العامة) التي يرأسها من يحملون درجة وزير هي عشرون دائرة حكومية؛ ديوان الموظفين العام، سلطة الأراضي، هيئة تسوية الأراضي والمياه، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، سلطة جودة البيئة، سلطة المياه الفلسطينية، سلطة الطاقة الفلسطينية، هيئة الصناديق العربية الإسلامية، ديوان الرقابة المالية والإدارية، هيئة مكافحة الفساد، هيئة شؤون الأسرى والمحررين، هيئة التقاعد الفلسطينية، هيئة شؤون المنظمات الأهلية، الادارة العامة للمعابر والحدود، المكتبة الوطنية الفلسطينية، المجلس الأعلى للشباب والرياضة، هيئة الشؤون المدنية، هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ديوان الرئاسة الفلسطينية، هيئة الإذاعة والتلفزيون. 
تجدر الإشارة إلى أنّ رؤساء بعض هذه المؤسسات حصلوا وفقاً للقانون الخاص بمؤسساتهم على تقاعد السياسيين مثل رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس ديوان الرئاسة.

(4) التكلفة المالية المتوقعة لتطبيق القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024 بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته.
عادة تتطلب عملية التشريع القيام بإعداد ما يسمى بالتهيئة التشريعية لأي مشروع قانون من الجهة المختصة، تشمل التهيئة التشريعية أربع مسائل رئيسية ينظر فيها المشرع المختص وهي: (1) الشرعية أيّ توافق التشريع/ القانون مع أحكام القانون الأساسي دون انفصال عن المبادئ العامة المتمثلة بالعدالة الاجتماعية والمعايير والممارسات الفضلى في مجال هذا القانون أو ذاك. و(2) الانسجام مع القوانين الأخرى بما لا يخلق تضارب أو تعارض في النصوص القانونية الأخرى. (3) الاحتياج أو الضرورة لمشروع القانون من الناحية الاجتماعية والاقتصادية التي توضحها المذكرة الإيضاحية الواجبة (4) التكلفة المالية المحتملة لمشروع القانون وخاصة تلك التي تستحدث نفقة عامة؛ كي تتمكن جهات الاختصاص في الدولة، عند تنفيذها لأحكام القانون، اتخاذ التدابير الواجبة لقياس مدى قدرة الخزينة العامة على تلبية هذه النفقة من جهة، والأعباء المالية على الخزينة طويلة الأجل المحتملة التي تحدثها هذه النفقة من جهة ثانية، ومدى الأعباء التي ستفرض على دافعي الضرائب من الأجيال القادمة.
إن التعديل على القانون، موضوع هذه الورقة، يخلق أعباء مالية مستقبلية على الخزينة العامة من خلال إضافة فئة جديدة إلى قانون تقاعد السياسيين "القرار بقانون رقم 8 لسنة 2024 بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته" وهم فئة رؤساء الدوائر الحكومية الذين يحملون درجة وزير (وهي الدرجة الخاصة المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية). الأمر الذي سيزيد من الأعباء المالية على الخزينة العامة ويزيد من النزيف المالي للدولة؛ خاصة أن الرواتب التقاعدية ستصرف من الخزينة العامة كأي نفقة أخرى من جهة، ويحرم صندوق التقاعد في هذه الحالة من توريد الاشتراكات والمساهمات من الأشخاص الذين ينتمون لهذه الفئة من جهة ثانية. 
إنّ إضافة هذه الفئة (عشرون مؤسسة حكومية بـ22 رئيسا لها[6]) لنظام تقاعد السياسيين سيكلف الخزينة العامة في الخمس سنوات القادمة حوالي ثلاثة عشر مليون شيكلاً. فيما حسابات التكلفة، وفقاً للدراسات "الاكتوارية"،[7] لإضافة هذه الفئة على مدى العشرين عاماً القادمة سيكلف الخزينة العامة حوالي 116 مليون شيكلاً،[8] باعتبار أن الأشخاص في هذه المناصب يتبدلون كل خمس سنوات وحساب متوسط العمر المتوقع الذي يقدر بـ75 عاماً.
إنّ قراءة اجمالية لحجم الإنفاق المحتمل من الخزينة العامة على تقاعد السياسيين (الوزراء والنواب والمحافظين ورؤساء المؤسسات العامة وقضاة المحكمة الدستورية) على مدى السنوات العشرين القادمة يقدر بحوالي مليار شيكل مما يثقل كاهل الخزينة العامة. وذلك بعد احتساب الفقدان من أعداد المتقاعدين يتراوح بين 50% إلى 20% من مجمل أصحاب تقاعد السياسيين. تجدر الإشارة إلى أنّ متوسط أعمار الوزراء في الحكومتين الأخيرتين يبلغ 60 عاماً فيما أن بعض الوزراء والنواب سيحصلون على رواتب تقاعدية لأكثر من 30 عاماً خاصة أولئك الذين بدأوا مناصبهم السياسية ما بين 30 و40 عاماً.

الخلاصة 
ضَرَبَ القرار بقانون، قانون تقاعد السياسيين منذ العام 2004 أسس نظام التقاعد والضمان الاجتماعي، المتعارف عليها عالميا، القائم على أساس الدفع المسبق لاستحقاقات مستقبلية، بالإضافة إلى أنّ هذا الدفع ينبغي أن يكون لعدد من السنوات كحدٍ أدنى للحصول على هذا النوع من الاستحقاق؛ في فلسطين اتفقوا قانونياً على أن يكون خمسة عشر عاماً على الأقل للحصول على تقاعد الشيخوخة.
إن هذا القانون "قانون تقاعد السياسيين" يخلق أعباء مالية على الخزينة العامة والأجيال القادمة دون القيام بدراسة أو احتساب للالتزامات المالية اللاحقة على الخزينة العامة ودافعي الضرائب.
بعد عشرين عاماً على قانون تقاعد السياسيين وحجم الأعباء المتراكمة على الخزينة العامة والشعب الفلسطيني وكي لا يكون جرحا نازفاً اضافياً على الأجيال القادمة يتطلب إلغاء القانون الخاص بتقاعد الوزراء والنواب والمحافظين والفئات التي أضيفت لاحقاً له أو على شاكلته التي نصت عليه قوانين خاصة مثل؛ قانون ديوان الرئاسة وقانون ديوان الرقابة المالية والإدارية وقانون مكافحة الفساد وقانون المحكمة الدستورية العليا، بما يحترم المبادئ الفلسفية لنظام الضمان الاجتماعي، ويلتزم بأُسس وقواعد نظام التقاعد العام في دولة فلسطين، ويمنع استسهال بفرض التزامات مالية غير مستحقة، ويحافظ على الأموال العامة، ويضمن الاستدامة المالية لخزينة الدولة. وفي الوقت نفسه ضمان إنفاق أموال دافعي الضرائب لتحسين الخدمات العامة. وذلك جميعه بما ينسجم مع سياسة الحكومة لترشيد الإنفاق العام في إطار عملية الإصلاح الشاملة.
وتقترح هذه الورقة دمج من يستحق تقاعداً من الخاضعين لقانون تقاعد السياسيين؛ النواب والوزراء أعضاء الحكومة والمحافظين وأعضاء المحكمة الدستورية ورؤساء المؤسسات العامة الذين تم منهم بموجب قوانين الناظمة لمؤسساتهم مثل ديوان الرقابة المالية والإدارية وديوان الرئاسة وهيئة مكافحة الفساد بالإضافة للمستحدث في التعديل الجديد،  وفقا لقانون التقاعد العام، أو الدفع لأنظمة الضمان أو الادخار للذين يتولون منصب وزير أو نائب المشتركين فيها، أما غير المؤهلين للحصول على رواتب تقاعدية وفقاً لقانون التقاعد العام أنْ يتم التعامل معهم وفقاً لقانون العمل لوقف تحمل الخزينة العامة ودافعي الضرائب وزر قانون تقاعد السياسيين.