ترجمة اقتصاد صدى- كان من المفترض أن يتجه الاقتصاد الإسرائيلي نحو التعافي، بعد عودة العديد من العمال البالغ عددهم 300 ألف عامل والذين تركوا وظائفهم للقتال في غزة، إلى مكاتبهم ومصانعهم ومزارعهم. ولكن بدلاً من ذلك، أصبح الوضع الصعب أكثر حدة. فقد بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.7% فقط بين إبريل، ويونيو، على أساس سنوي، أي أقل بنحو 5.2 نقطة مئوية عن توقعات خبراء الاقتصاد، وفقاً لوكالة بلومبرغ للأنباء.

وفي 16 سبتمبر، اضطر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى طلب موافقة المشرعين على زيادة العجز في حالات الطوارئ. وكانت هذه هي المرة الثانية التي يقدم فيها مثل هذا الطلب هذا العام، وفق تقرير نشره موقع The Economist.

وتابع التقرير كما ترجم اقتصاد صدى:" إن إسراف سموتريتش يقلق المستثمرين. وكذلك احتمال اندلاع قتال أكثر ضراوة. ففي 23 سبتمبر، شنت إسرائيل غارات جوية على الحدود اللبنانية، مما أسفر عن مقتل 558 شخصاً، وجاء ذلك في أعقاب حوادث انفجرت فيها أجهزة النداء واللاسلكي التي يستخدمها حزب الله، مما أسفر عن مقتل 39 شخصاً، فضلاً عن أشهر من الهجمات الصاروخية التي شنتها لبنان على المستوطنات الإسرائيلية. وقد بدأت الأموال في الفرار من إسرائيل. فبين شهري مايو/أيار ويوليو/تموز تضاعفت التدفقات الخارجة من البنوك الإسرائيلية إلى المؤسسات الأجنبية، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، إلى 2 مليار دولار. ويشعر صناع السياسات الاقتصادية في البلاد بقلق أكبر مما كانوا عليه منذ بداية الصراع".

وأضاف التقرير: "إن أي اقتصاد في زمن الحرب يرتكز على حد السكين: إذ يتعين على الحكومة أن تمول قواتها المسلحة، وغالباً من خلال الإنفاق بالعجز، مع ضمان بقائها قوية بما يكفي لسداد ديونها عندما يحل السلام. والسيناريو الكابوسي بالنسبة لإسرائيل هو أن ينتشر الصراع إلى القدس وتل أبيب، المركزين التجاريين للبلاد. ولكن حتى حرب أقل حدة حيث يقتصر القتال على شمال البلاد قد تكون كافية لدفع اقتصادها إلى حافة الهاوية".

وأكمل: "إن الحكومة الإسرائيلية التي تنفق بسخاء لا تساعد الأمور. ففي شهر مارس/آذار، عندما كانت القوات المسلحة تأمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول شهر يوليو/تموز، قدر الجنرالات أنهم سوف يحتاجون إلى 60 مليار شيكل (16 مليار دولار أميركي، أو 3% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي ) فوق ميزانيتهم ​​العادية، ثم زيادة دائمة قدرها 30 مليار شيكل سنوياً للتعامل مع الوضع الأمني ​​الجديد. ومنذ ذلك الحين، ومع استمرار القتال، استمرت توقعات العجز في الارتفاع. ومن المتوقع الآن أن يصل العجز إلى 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام ـ وهو ما يقرب من ثلاثة أمثال ما كان متوقعاً قبل الحرب. ومع انتشار الأعمال العدائية على نطاق أوسع، فمن المرجح أن يزداد العجز اتساعاً".

وقال التقرير: "لكن ماذا يعني هذا بالنسبة لصناع القرار السياسي في إسرائيل؟ في يناير/كانون الثاني بلغت ديون إسرائيل 62% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يقل كثيراً عن المتوسط ​​في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تضم في معظمها بلداناً غنية. وعلى هذا فإن سموتريتش يتمتع بقدر ضئيل من المساحة للتنفس. ولكن هذا لا يزيد عن القليل. فإذا استمر القتال في العام المقبل فإن الوضع المالي سوف يتدهور. ويريد حاملو السندات أن يطمئنوا إلى وجود مساحة متبقية لمزيد من الإنفاق على الحرب، ولذا فإن سقف الديون المقبولة أقل من السقف في البلدان المماثلة. كما تشعر وكالات التصنيف بالتوتر. وتقول كل من وكالتي فيتش وموديز إنهما ربما تخفضان تصنيف إسرائيل مرة أخرى بعد أن فعلتا ذلك بالفعل مرة واحدة هذا العام".

وأكمل التقرير:"سموتريتش ـ وهو مستوطن في الضفة الغربية ينتمي حزبه إلى أقصى اليمين في إسرائيل ـ يزيد المشكلة سوءاً. فلا أحد يصدق أنه سيطلب من الجيش خفض التكاليف. كما رفض سموتريتش اتخاذ تدابير أخرى لكبح جماح العجز، إما بخفض الإنفاق في أماكن أخرى أو برفع الضرائب. ولا تزال دولة الرفاهة الإسرائيلية المتوسعة سليمة. وقد استفاد السكان المتدينون والمستوطنون، حلفاء سموتريتش، من المزيد من الإعانات والمساعدات لإبقاء الرجال في منازلهم. ووعد سموتريتش بتوفير 35 مليار دولار في العام المقبل، ولكنه لم يذكر من أين سيأتي أغلب هذا المبلغ".

وأضاف: "إن النمو الأقوى من شأنه أن يخفف من الألم. ورغم عودة جنود الاحتياط إلى العمل وعودة الاستهلاك إلى مستويات ما قبل الحرب، فإن اقتصاد إسرائيل يظل أصغر مما كان عليه عشية الحرب. لقد نجح سموتريتش في حماية الأجزاء الأقل إنتاجية في المجتمع وحرمان الصناعة من الموارد. كما تعاني سوق العمل من ضغوط شديدة، حيث لا يتجاوز معدل البطالة 2.7%. وتكافح الشركات لملء الوظائف الشاغرة، وتعاني الشركات الصغيرة العاملة في مجال التكنولوجيا العالية في إسرائيل من ضغوط شديدة. وتحذر مؤسسة ستارت أب نيشن البحثية من أن هذه الشركات تخسر التمويل بسبب الحرب".

ولفت التقرير إلى العمال الفلسطينيين، وجاء فيه: "لقد حُرم نحو 80 ألف عامل فلسطيني من التصاريح بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولم يتم استبدالهم قط. ونتيجة لهذا، أصبحت صناعة البناء أصغر بنسبة 40% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، الأمر الذي أعاق إلى حد كبير بناء المساكن وإصلاحها. وفي الوقت الحالي، كان التأثير الأكبر على التضخم، الذي بلغ معدله السنوي 3.6% في أغسطس/آب، بعد أن تسارع خلال الصيف. وإذا تزايد نطاق هجمات حزب الله، فإن نقص عمال البناء سوف يصبح مشكلة أكبر".

وأضاف التقرير: "لكن المستثمرين غير متأكدين من قدرة إسرائيل على التعافي. فالشيكل متقلب، والبنوك الإسرائيلية تعاني من هروب رؤوس الأموال، والبنوك الثلاثة الكبرى تعلن عن زيادة كبيرة في عدد العملاء الذين يطلبون تحويل مدخراتهم إلى بلدان أخرى أو ربطها بالدولار. ورغم أن التضخم لا يزال أعلى من المستهدف، فقد اختار البنك المركزي التمسك بسعر سياسته السابق في اجتماع السياسة النقدية في أغسطس/آب، خوفاً من عرقلة التعافي".

وتابع: "ثم هناك السيناريو الكابوسي. فقليل من المستثمرين يستعدون لحرب قد تبتلع إسرائيل بأكملها، بما في ذلك القدس أو تل أبيب ـ حتى برغم أن حزب الله قد يكون قادراً على شن مثل هذا الهجوم. وفي ظل مثل هذا السيناريو، سوف يتضرر النمو الاقتصادي بشدة، وربما أكثر من الضربة التي تلقاها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وسوف ترتفع نفقات الجيش إلى عنان السماء. وربما يؤدي فرار المستثمرين إلى انهيار البنوك وهبوط قيمة الشيكل، الأمر الذي يضطر بنك إسرائيل إلى التدخل وإنفاق احتياطياته".

وأكمل: "لكن أياً كان ما سيحدث، فإن خبراء الاقتصاد الإسرائيليين مستسلمون لواقع أن الأمور تتجه نحو الأسوأ. وحتى سموتريتش، الذي يتسم عادة بالتفاؤل، بدأ الآن يشعر بالإرهاق والإنهاك: "نحن في أطول وأغلى حرب في تاريخ إسرائيل". لقد انتهت الصراعات السابقة إلى كارثة اقتصادية بالنسبة لإسرائيل. ولا ينبغي لنا أن نتفاجأ إذا حدث نفس الشيء مع هذه الحرب".