رام الله - صدى نيوز- بين كل مقهى ومقهى عربي يوجد مقهى، يستميل رواده بروائح الشيشة او الارجيلة المنهكة بالتفاح او الفراولة او الموز.. نكهات تجذب إليها مختلف الشرائح العمرية، الكل ينفث الدخان من الخياشيم، شيبا وشبابا، نساءا ورجالا..

“الهوكة”هو الاسم الاول للشيشة أو الأرجيلة، تضاربت الروايات حول أصلها عربي أو هندي ولكن ترجح أكثر الروايات ان اصلها يعود الى شبه الجزيرة الهنديّة، أين كانت تصنع من ثمار ولحاء جوز الهند من أجل تدخين نبات القنب الذي كان يدخنه الهنود. من ثم انتقلت هذه العادة إلى شبه الجزيرة العربية والدول الأوروبية و الأمريكيتين عن طريق خطوط التجارة المفتوحة والهجرات.

سموم وسرطانات خبيثة في دخان الشيشة

أَثبتَت دراسة سويدية ( قدمت في 2016) أن تدخين الشيشة يؤدي إلى دخول مواد ضارة إلى الجسم وهو ما يسبب جلطات في الأوعية الدموية والإصابة بأمراض القلب. ويساهم في ارتفاع نسبة النيكوتين والكوتينين في بلازما الدم واللعاب والبول وهو ما يؤثر على أنسجة الفم واللثة و تسوس الأسنان .

يحتوي “معسل” الشيشة على نسبة عالية من مادة النيكوتين التي تسلب عقل المدخن و تجره نحو الإدمان عليها يوميا. وقد وجدت الأبحاث أن الشخص الذي يدخن الأرجيلة مرة واحدة في اليوم ينتج كميّة من النيكوتين في البول مشابهة لمن يدخّن 10 سجائر. فيما يحتوي دخانها على عدد كبير من المواد السامة اهمها أول اكسيد الكربون والمواد المسببة للسرطان كسرطان الرئة والمثانة،الذي يصل مباشرة إلى الرئة خلال عملية استنشاقه بعمق ويساهم باحتوائه على النيكوتين في ايذاء الجهازين العصبي والتنفسي بشكل كبير.

فيما تؤكد جملة الدراسات أن الأرجيلة تؤثر بشكل خطير على نمو الأجنة فخلال تدخينها يمتص الجسم مواد سامة كالزرنيخ والقطران والكروم والنيكل، التي تفرز التهاب الكبد والامراض الفطرية وورم العينين وانتفاخ الشفاه والإصابة بسرطان الحلق والرئة.

ما تخفيه الروائح الطيبة للشيشة؟

تكمن خطورة هذه النكهات العطرة التي تجذب الشباب و تعطي صورة بريئة للشيشة في احتوائها على المواد اللاصقة وخاصة الجليسرين، الذي يؤدى إلى حُرقة عن طريق الفحم الى تكوين مادة الأكرولين التي تعتبر من المواد السامة المتسببة في سرطان المثانة.

وخلافا لما هو سائد عند المدخنين أن شيشة الفواكه أقلّ ضررا من تدخين التبغ أو المعسل، يحذر الأطباء والخبراء من التأثير السلبي لتدخين شيشة التفاح، الفراولة، الياسمين، الخوخ النعناع والبطيخ وذلك لاحتوائها على قشور الفاكهة التي يتم تخميرها ومعالجتها بالعسل الاسود او الجليسرين كمادة مضافة.

المرأة المدخنة للشيشة

هذه الروائح والنكهات المختلفة الضارة للشيشة صارت طعما للمستهلك العربي، بما فيه المرأة التي صارت تقبل عليها كالرجل، فبات من المعهود ان ترى البنت والام والجدة جالسات في كامل زينتهن في المقاهي يستنشقن الدخان وينفثنه مستمتعات، دون وعي بمضاره الجمة على صحتهن.

فقد اثبتت الدراسات ان المواد التي توجد في الشيشة تعتبر مدمرة لجمال المرأة وصحتها كتغير لون الأسنان وظهور علامات الشيخوخة مبكرا و الإصابة بأمراض القلب والرئة والسرطنات المختلفة. كما يودي الى تشوهات جينية اذا كانت المدخنة حاملا، حيث يتسبب في ولادة مبكرة لجنين يكون وزنه أقلّ من الوزن الطبيعي ما يؤثر على نموه ويتسبب في تشوهات خلقية وإعاقات جسدية.

فيما يهدد تدخين الشيشة النسيج الأسري والترابط بين أفرادها ويزعزع ثقة الطفل في أبويه وخاصة أمه التي تمثل قدوة له والمدرسة الأولى لتنشئته على أسس سليمة وقيم أخلاقية تقيه من الانجراف وراء الإدمان على التدخين.

إجراءات ردعية ضعيفة للحد من التدخين

يؤدي الادمان على تدخين التبغ بحياة حوالي 6 ملايين شخص سنويا منهم أكثر من 600 ألف شخص من غير المدخنين الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر. وتحتل تونس المرتبة الأولى عربيا في نسبة المدخنين الذكور بنسبة 40 بالمائة و5 بالمائة للاناث، وفقا للتقرير الأخير لمنظمة الصحة العالمية.

ووفقا لإحصائيات سنة 2014 فإن الأردن يوصف بأنه أسوأ ثالث دولة في العالم من حيث نسبة التدخين، إذ تصل فيه نسبة المدخنين الذكور الى 50 بالمائة و الإناث إلى 18 بالمائة. بينما بلغ عدد المدخنين في المملكة العربية السعودية ستة ملايين مدخن، ينفقون ما يقارب ملياري دولار لإشباع إدمانهم، فيما تجاوز عددهم في العراق سبعة ملايين مدخن ينفقون 500 مليون دولار سنويا.

هذه النسب المرتفعة المسجلة في الدول العربية، تعود أساساً إلى غياب الوعي بخطورة هذه الآفة. فالأسرة انشغلت عن مراقبة أطفالها وشبابها وغابت عنها موائد الحوار ما جعل المقاهي تتحول الى الملاذ الأول لهؤلاء أين تكثر اللقاءات والمجالس مع الأصدقاء المدخنين للسجائر والشيشة وغيرها من المواد المضرة للصحة.

ناهيك عن غياب الدور التوعوي للحكومات ومؤسساتها ومساع جادة لمقاومة الظاهرة التي تؤدي الى خسائر فادحة وأعباء إضافية تثقل كاهل المنظومة الصحية مع ازدياد اعداد المصابين بامراض الرئة والتنفس التي تصل الى السرطان عافاكم الله. دور الاعلام التوعوي غائب هنا ايضا، فلا برامج تحسيسية ولا حملات توعوية للتنبيه من مخاطر تدخين الشيشة، بل على العكس، تشجيع على الظاهرة من خلال حضورها ومدخنيها في الدراما والأفلام والسينما العربية.