الشعب الفلسطيني لا ينسى أو يتجاهل المواقف المٌشرفة لشعوب وأنظمة عربية وغيرها في مناصرة قضيته ماديا وسياسيا كما يترحم على أرواح الشهداء من عرب ومسلمين الذين قضوا دفاعا عن فلسطين. ولكن... كثيرون أدخلوا القضية الفلسطينية في متاهات ما زالت تعاني منها حتى اليوم.
في عام ١٩٦٢ التقى الزعيم جمال عبد الناصر بوفد من قطاع غزة من بينهم الدكتور حيدر عبد الشافي وقال لهم: (من يقول لكم إن عنده خطة لتحرير فلسطين يضحك عليكم) ،قال ذلك رداً على تصريحات رئيس وزراء العراق عبد الكريم قاسم الذي وعد بذلك، ومرت السنوات وحدث انقلاب على قاسم بعد عام وتم إعدامه ثم كانت هزيمة وعدوان ٦٧ وأعلن عبد الناصر عن استقالته ومسؤوليته عن الهزيمة مع أن ما جرى كان عدواناً اسرائيلياً، ورفضت الجماهير الاستقالة واستمر في الحكم حتى وفاته ١٩٧٠. صدق ناصر بقوله لا توجد عند الأنظمة العربية أي خطة أو استراتيجية لتحرير فلسطين وحتى اليوم لا توجد هذه الخطة عند أي نظام أو حزب عربي أو اسلامي وكل من يقولون بعكس ذلك يكذبون على الفلسطينيين وعلى جماهيرهم ويوظفون القضية الفلسطينية والتأييد الشعبي لها للتغطية على تآمرهم على فلسطين وعلى استبدادهم وفسادهم وعلى تفقير الجماهير بحجة أن الأموال تذهب للجيش واستعداداته لمحاربة اسرائيل والامبريالية والرجعية الخ،كما أن بعض الأحزاب وظفت القضية الفلسطينية والشعارات الدينية لكسب تأييد جماهير عاطفية ،لها ثقافة دينية ووطنية مشوهة ،في مواجهة منافسيها من الأحزاب الأخرى أو للوصول إلى السلطة.
وبصراحة فإن الأنظمة والحركات السياسية التي زعمت أنها ستحرر فلسطين أو باشرت الصدام والحرب مع اسرائيل أو دعمت جماعات فلسطينية مسلحة لم تأخذ رأي الشعب الفلسطيني أو تنسق مع منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي،بل فسرت شعار ومفهوم قومية المعركة أو الجهاد في سبيل الله كما يريدون وبما يخدم مصالحهم فقط بل كان تدخلهم مضرا ومسيئا لفلسطين والإسلام.
الشعب الفلسطيني اليوم يدفع ثمن هذه التدخلات والمغامرات والمقاومة بدون استراتيجية ووحدة وطنية .