ترجمة اقتصاد صدى- إذا كان الحديث الاقتصادي المحيط بالسياسة النقدية لإسرائيل، حتى أسابيع قليلة مضت، يتمحور حول مسألة ما إذا كان بنك إسرائيل سيخفض أسعار الفائدة أم لا، قبيل القرار المقبل للجنة النقدية غداً، فإن صياغة المشكلة قد تغيرت الآن. حيث بدأ كل من الاقتصاديين والسوق يتحدثون عن خيار رفع سعر الفائدة على خلفية الواقع الجيوسياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وسياسة الحكومة - أو عدم وجودها وفق مانشرته صحيفة كالكاليست الاقتصادية الاسرائيلية.
يذكر أن سعر الفائدة في بنك إسرائيل الآن هو 4.5%. وقام بنك إسرائيل بتخفيض سعر الفائدة بنسبة 0.25% في يناير 2024، ومنذ ذلك الحين تركه دون تغيير 5 مرات على التوالي. وهنا مثال يوضح الانعكاس: سعر IRS (صفقة الصرف على سعر الفائدة الإسرائيلي) لمدة 3 أشهر، والذي من المفترض أن يعكس سعر الفائدة المتوقع لبنك إسرائيل في ربع السنة، قفز من 4.33% في نهاية سبتمبر (أقل من سعر فائدة بنك إسرائيل، وهو ما يعكس توقعات بخفض سعر الفائدة) إلى مستوى 4.6% في الأيام الأخيرة - أعلى من سعر الفائدة الحالي.
زيادة سعر الفائدة أمر ضروري
وعند النظر في البيانات العديدة التي تؤثر على السياسة النقدية في اسرائيل، فإن القرار الواضح للجنة النقدية لابد أن يكون رفع أسعار الفائدة. وبلغ التضخم السنوي بشكل غير متوقع 3.6% في الشهر السابق، ويتجاوز بأكثر من 0.5% سقف هدف استقرار الأسعار الذي حددته الحكومة الاسرائيلية (بين 1% و3%). وهذا، على عكس الاتجاه العالمي - في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، انخفض التضخم 5 مرات متتالية إلى مستوى 2.5%.
علاوة على ذلك، فإن تسارع معدل الأسعار يتركز بشكل رئيسي في الفترة الأخيرة. أي أن أحدث المؤشرات هي التي ارتفعت، حيث أفاد المكتب المركزي للإحصاء الاسرائيلي أن بيانات الاتجاه للفترة بين مايو 2024 وأغسطس 2024 تعكس معدل زيادة سنوي في التضخم قدره 4.6% - أسرع بكثير من التضخم نفسه.
المشكلة الثالثة والأكثر إثارة للقلق هي أن التضخم موزع بشكل كبير ويستمر في التسارع على وجه التحديد في قطاع الخدمات، بما في ذلك قطاع الإسكان الذي يشكل ربع إجمالي التضخم، حيث يصعب التغلب عليه. وإذا لم يكن ذلك كافيا، فقد انهار الشيكل مقابل الدولار الأمريكي بأكثر من 4% منذ القرار الأخير (من 3.67 شيكل للدولار في نهاية أغسطس، إلى مستوى 3.82 شيكل تقريبا للدولار خلال الأسبوع الماضي) وفق ترجمة اقتصاد صدى.
بالإضافة إلى القفزة في علاوة المخاطرة الإسرائيلية، والتي تجلت في قفزة مبادلة مخاطر الائتمان (CDS) إلى مستوى يقارب 200 نقطة، بسبب الأحداث الجيوسياسية الأخيرة – دخول الجيش الإسرائيلي إلى لبنان والهجوم الإيراني.
ولكن هناك سبب مهم آخر لا يتعلق بإسرائيل: البيانات الواردة في الولايات المتحدة حول تحسن كبير في التوظيف والتدهور المحتمل في التضخم دفعت الأسواق إلى تصحيح طفيف للتقديرات المتعلقة بتخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية التي ستكون أبطأ من التوقعات الأولية. وهو الأمر الذي دعم تعزيز العملة الأمريكية في جميع أنحاء العالم وليس فقط في إسرائيل.
الاقتصاد يزداد ضعفا
يضعف الشيكل مقابل جميع العملات وليس فقط الدولار، وانخفاض قيمة العملة هو القوة التضخمية الرئيسية لأنه يجعل جميع المدخلات والمنتجات والخدمات المستوردة أكثر تكلفة - وهو الأمر الذي يسرع التضخم. إن عدم الاستقرار الجيوسياسي وعدم اليقين في الآونة الأخيرة لا يؤديان إلا إلى دعم انخفاض قيمة العملة أكثر فأكثر، وهذه أخبار سيئة بالنسبة للاقتصاد الذي يضعف ويخشى بشدة من ارتفاع أسعار الفائدة.
كما تدعم تطورات سوق العمل عدم تخفيض أسعار الفائدة. لقد شهدنا في الآونة الأخيرة ظاهرة مقلقة للغاية: استمرار الانخفاض الحاد في معدل البطالة (عرض العمالة) إلى جانب زيادة الوظائف الشاغرة (الطلب على العمالة)، وهو ما يشير - بحسب التصريحات المتكررة لمحافظ بنك إسرائيل - أن السوق "ضيق" للغاية والمشكلة ليست في قلة الطلب، بل في قلة العرض. وهذا الوضع يدعم التضخم، في حين أن خفض أسعار الفائدة أو عدم رفعها لا يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع.
وأخيرًا، تجدر الإشارة أيضًا إلى سلوك الحكومة الاسرائيلية: بعد تأخير إعدادها لمدة شهرين، تبدو فرص وزير المالية بتسلئيل سموتريش في صياغة ميزانية عام 2025 بحزمة مالية تتراوح بين 1% إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي وهمية، ومن المشكوك فيه على الإطلاق ما إذا كان ذلك ممكنًا أم لا وفق ترجمت اقتصاد صدى. وفي الوقت نفسه، تتوقع وكالتان للتصنيف الائتماني حدوث عجز ضخم في السنوات المقبلة، ولا تعتقدان أن سموتريش سيكون قادرًا على كبح جماح سياسة الميزانية. وهذا عنصر آخر يكمل الصورة الكلية المثيرة للقلق والتي قد تتطلب قريبًا من المحافظ وأعضاء لجنته اتخاذ قرارات صعبة للغاية.