قبل سنوات امتنعت عن المشاركة في البرامج الإخبارية للقنوات الفضائية او الفضائحية حتى ابتعد اعلام موجه سياسيا من مموليه عربا ام اجانب حيث تلمع بسواد اسماء اعلاميين متصالحين كمرتزقة مع اجهزة مخابرات عربية واجنبية فالمخابرات الغربية هي التي تزكي كثيرا من الاعلاميين وتعينهم في الفضائيات وباتت اغلبية الفضائحيات مستنقعا راكدا لا يحلق فيه سوى البعوض.

اتذكر أن آخر برنامج حواري شاركت فيه على قناة العربية كان لمناسبة هبة القدس حيث شاركت حماس بقصف صاروخ سقط في عين كارم ولم يشعل شجرة بل أطفأ لاحقا الهبة المقدسية التي حظيت بتعاطف دولي غير مسبوق.

وفي ذلك البرنامج اكتشفت منذ البدء  انه موجه لإدانة حماس وتحميلها مسؤولية التراشق الصاروخي بعد فترة هدوء طويلة، وكان الضيف الاول من واشنطن صريحا وكان شبه لبناني متأمرك ووجه الاتهام فورا لحماس والضيف الثاني ربما كان اميركيا انضم اليه والضيف الثالث لا اذكر من اين تحدث ربما من بيروت  لكن المحصلة ان البرنامج كان موجها ضد حماس حيث ان مخرجه ومعده رضعا من ثدي كلبة غربية، ووجدتني ادافع عن حماس رغم اختلافي سياسيا معها وفي توقيتها  لقصف صاروخ نحو القدس  لأنه يضر بهبة سلمية ضد الاحتلال الذئبي وبينت انها كحركة اسلامية لابد ان تشارك في الهبة بطريقتها ضد العدوان الاحتلالي على المقدسات  اي انني كنت المدافع عنها لكن احد الجهلة من إتباعها واكتشفت لاحقا انه  على خلق رذيل  إجتزأ عبارة من كلامي ونشرها على الفيس بوك وكأنني اهاجم الحركة وانهالت علي  الشتائم من الذباب الإلكتروني  لحركة حماس دون ان يروا البرنامج.  والذباب الالكتروني على الساحة الفلسطينية ابتدعه اعلام   حماس لمهاجمة من ينتقدها وهو جيش الكتروني اعمى ينفذ الشتم دون ان يعلم السبب فصرت ابعث لمن يوجه لي الشتم  المقطع  كاملا فخفت حدة الهجوم الشتائمي . ولعلني  كنت على حق عندما امتنعت منذ سنوات عن الظهور على القنوات خاصة في الفترة الأخيرة حيث الالحاح من جانب فضائيات على المشاركة فقلت انما الرزق على الله وليس على ابواق موجهة تريد ان تضع كلامها على لساننا    فلسنا مرتزقة لكي نخون ضمائرنا وتاريخ من نصف قرن في الصحافة والملاحقة من المخابرات العربية المتحدة ضد الاقلام الحرة . كنت على حق لأن الفضائيات انقسمت الى فسطاطين احدهما مدفوع لإثارة الشك في أية مقاومة للعدوان الغربي الاحتلالي والثاني موجه لإثارة الفتن الداخلية عربيا .وكنت منذ اكثر من عشرين سنة قاطعت الجزيرة واخواتها لاحقا لتطاولها على الرئيس المؤسس ياسرعرفات اثناء حصاره وحاولت بجرأة المومس تبرئة الاحتلال من دمه ولأنها بوق الإنقسام الفلسطيني والناطقة بلسانه والحريصة على استمراره وما زالت الداعية لحرب اهلية فلسطينية.

اما العربية واخواتها فهي تمثل من  يرى  في التحبب من الاحتلال خدمة لمموليها مع انه ليس مطلوبا منها ان تكون فضائحية لدرجة الفسق والفجور وان تستعين بأمثال من  استعانت بهم الجزيرة من المؤلفة قلوبهم اعلاميا والجائعة جيوبهم لأموال السحت  للنيل من القضية الفلسطينية وتفتيت الشعب الفلسطيني في خضم كارثته ومأساته الجارية  . فالإعلام العربي عموما لم يخدم قضايا امته بل يكتفي بخدمة انظمته واحزابه ولا يجد الرأي الحر مساحة له فلا مساحات الا للممولين انظمة واحزابا وجهات اجنبية  لا تريد لهذه الأمة إلا الشر فاستعانت باعلاميين رخوين مخاطيين يلصقون بأي حذاء ومذيعات ببغاوات لا يفقهن في السياسة الا ما يكتب لهن بعد تدريب شاق على لفظ  الضاد والفصحى.

وبالنسبة لما نحن فيه الآن فقد سبق وكتبت مقالين في شهر نيسان الماضي  بعنوان السنوار الرجل الذي احدث انقلابا في النظام العالمي وبينت فيه شخصيته العنيدة والبسيطة وخلصت الى القول انه لن يستسلم وسيقاوم حتى النهاية لأنه صاحب مشروع وإن كان حزبيا بحتا وقد صدق توقعي فقد قاوم حتى النهاية رغم محاولة الاحتلال اعادة برمجة المشهد وكأنه انتصار له بل بات خيبة كبرى له.

لكن في الوقت نفسه حذرت من أنه لم يدرس فقه المآلات اي تبعات  وثبة اكتوبر ، وتساءلت في حينه هل كان يستند الى مشاركة فاعلة من محوره كله ام انه وجد نفسه وحيدا في معركته ! لا اعلم ماهي حساباته لكنه اثبت انه قادر على الوقوف في وجه الإحتلال  وحلف الناتو واتباعه وهو ما لا تستطيعه دول كبرى وعلى مساحة مكتظة لا تكفي لمناورة  كتيبة واحدة فهو رجل لا يتكرر ومن جينات نادرة.

في النهاية اكرر ما قلته من سنوات بعد كل جولة عدوان او اشتباك مع الاحتلال من غزة ان الاحزاب المؤدلجة اسلاميا عادة لا تخوض معاركها من منطلق وطني قومي بل من منطلق حزبي ولأهداف حزبية،  وهو ما لمسناه دوما في الحروب السابقة ضد الاحتلال انطلاقا من غزة.

وحتى العراب الأكبر لحركة الإخوان المسلمين وهي تركيا انما تبنت  الجماعة لخدمة مشروعها الوطني القومي التركي التوسعي وايران تبنت حماس والاحزاب الشيعية في العراق وحزب الله لتخدم مشروعها القومي التوسعي  الفارسي المغلف بالدين  .

فالمحصلة هي تقاسم نفوذ بين ايران واسرائيل في المنطقة العربية برعاية استعمارية اميركية غربية.

وما الأنظمة إلا خصيان وولدان في خدمتها ،وشعارها أنج سعد فقد هلك سعيد. وفي النهاية تأطرت الصهيونية لأول مرة في اطارها كحركة ترفض السلام فقد نقشت بحربها الجارية وشما لا يمحى في الذهنية العالمية والعربية كحركة ضد التاريخ .