صدى نيوز - أظهر تسريب مذكرة كتبها المدير القانوني لخدمة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فرانك هوفمايستر أن الاتحاد يتجاهل حكما صادرا عن محكمة العدل الدولية يطالب جميع الدول بإنهاء دعمها لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
ووفقا لتقرير نشره موقع إنترسبت، قال الصحفي المستقل آرثر نيسلن إن المذكرة تزعم بأن رأي المحكمة الدولية، التي تعتبر أعلى هيئة قانونية دولية لحل النزاعات بين الدول، لا يُلزم دول الاتحاد بفرض حظر على السلع المستوردة من المستوطنات الإسرائيلية، رغم مطالبة المحكمة بوقف "المساعدات والدعم" الذي يساهم في استمرار الاحتلال.
كما ادعى هوفمايستر بتحليله المكون من 7 صفحات أن قوانين الاتحاد الأوروبي تتطلب فقط وضع علامات على المنتجات القادمة من المستوطنات توضح أصلها وليس حظرها، مؤكدا أن الحظر "أمر يعود للتقدير السياسي".
وأثارت المذكرة المسربة، التي أُرسلت إلى رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في 22 يوليو/تموز، انتقادات لاذعة، إذ اعتبر خبراء قانونيون وحقوقيون أن الاتحاد الأوروبي يتجاهل التزاماته بموجب القانون الدولي، وفق التقرير.
ووصفت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي موقف الاتحاد بأنه "معيب قانونيا، وضار سياسيا، ومتناقض أخلاقيا"، وحذرت من أن تقوض تصرفات الاتحاد الأوروبي الثقة في القانون الدولي.
وأضافت: "هذا الالتفاف على القواعد من أجل المصالح السياسية يُضعف مصداقية السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ويخون ثقة الشعوب خارج فلسطين".
وأشار الكاتب إلى أن دانييل ليفي، مستشار رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود باراك ورئيس مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وصف تفسير هوفمايستر بأنه "ضعيف ويمكن دحضه بسهولة"، واعتبر أن حكم المحكمة واضح ويطلب من الدول وقف كل أشكال الدعم للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي.
وتأتي هذه الأزمة في وقت تزايدت فيه الانتقادات حول علاقة الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل، فقد كان للدول الأوروبية دور مركزي في دعم الاستيطان اليهودي لأكثر من 100 عام، ولم تتوان عن دعم إسرائيل منذ إنشائها في 1948 واستيلائها على الأراضي المحتلة عام 1967، حسب التقرير.
ورصدت مجموعة منظمات معارضة للاستثمارات الأوروبية في المستوطنات قروضا وضمانات تقدر بحوالي 164.2 مليار دولار قدمها مستثمرون أوروبيون بين عامي 2020 و2023 للشركات التي تشارك في الأنشطة الاستيطانية، كما وجدت المنظمات أن هؤلاء المستثمرين لديهم حوالي 144.7 مليار دولارا من الأسهم والسندات في الشركات نفسها.
وتابع الكاتب قائلا إن مذكرة هوفمايستر تظهر إبداء الاتحاد الأوروبي علاقاته التجارية وأولوياته السياسية على القانون الدولي، وعلقت سوزان أكرم، مديرة عيادة حقوق الإنسان الدولية في كلية الحقوق بجامعة بوسطن، بأن: "السياسة الأوروبية الحالية لا تتماشى مع رأي المحكمة، والأمر ليس مسألة تقدير سياسي، وقد ذكرت المحكمة أن الاحتلال برمته غير قانوني ويجب أن ينتهي بأسرع ما يمكن".
وفي ضوء هذا التسريب وعلى خلفية ما يسميه البعض "أول إبادة جماعية على الهواء مباشرة"، أعادت بعض الدول الأوروبية النظر في موقفها، وطرح التقرير مثال أيرلندا التي عاودت طرح قانون محلي يحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية، وكانت قد أوقفته لفترة خوفا من تضاربه مع قوانين الاتحاد الأوروبي.
وحذر نائب رئيس الوزراء الأيرلندي في رسالة صدرت الثلاثاء من أنه إذا فشل الاتحاد في التحرك، فقد تتحرك الدول بشكل مستقل لحظر التجارة وفقا لمحكمة العدل الدولية.
وأشار الكاتب إلى أن المنتقدين يرون أن موقف الاتحاد الأوروبي يتعارض مع مواقفه القانونية في نزاعات دولية أخرى، مثل إدانته لروسيا في أوكرانيا، وأكدت ألبانيزي أن الاتحاد الأوروبي يخاطر بأن يصبح شريكا في الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، قائلة: "الاتحاد الأوروبي يخاطر بأن يصبح مسؤولا عن دعم نظام فصل عنصري وجرائمه الفظيعة".