أثار انجاز اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان من قبل حزب الله عبر الحكومة "الدولة" اللبنانية مع إسرائيل بعد حوالي أربعة عشر شهراً من المواجهة "الاسناد والمعركة" نقاشاً فلسطينياً حول قدرة حزب الله على اقتناص الفرصة للتراجع خطوة أو خطوت للوراء لصالح الحزب والدولة أو إعادة التوازن؛ بعد أنْ تلقى ضربات قاصية سواء باغتيال قيادات وازنة ومركزية فيه أو تدمير جزء من قدرات العسكرية وآخذاً في الاعتبار الدمار الذي لحق بلبنان وكذلك المواطنين اللبنانيين. يبدو ذلك من أجل إيقاف مزيد من الخسائر المتراكمة أو تقليص المعاناة الملازمة للحرب سواء لقدرات الحزب أو بيئته الشعبية الحاضنة له.

يعد عقد هذا الاتفاق إنجازاً لإسرائيل في فك الجبهات القاضي بوقف إطلاق النار لأهم وأوسع جبهات الاسناد لقطاع غزة ما يجعل التفكير بما يتعلق بتوجهات حركة حماس بعد خسارة هذه الجبهة المساندة هاماً، خاصة بعد أربعة عشر شهراً من الحرب وحجم المعاناة التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومدى القدرة على أحداث تحولات في السلوك السياسي أو حتى الميداني بما يساعد على الخروج من المأزق الحالي أو تقليل الخسائر وتقليص المعاناة.

فمفهوم الموت الزؤام ليس قاعدة العمل الفدائي والمقاومة؛ فالحفاظ على البيئة الحاضنة، وتقليل التوتر مع الخصوم المحليين والحفاظ أو المحافظة على قدرات أو بعض قدرات المقاومة، ضرورة لدرء المفاسد المقدم على جلب المصالح، وإعادة التوازن أو الموازنة ما بين القدرة والامكانيات الكامنة ودرء المخاطر القادمة.

في ظني أنّ تحرك حزب الله وكذلك المبادرة التي قام بها في إدارة المعركة التفاوضية نموذج يمكن الاقتداء بها من قبل حركة حماس للخروج من مأزق الحرب القائمة دون القدرة على تحقيق الأهداف أو أن الاثمان التي يدفعها الشعب الفلسطينية باتت أكبر من الأهداف التي من الممكن تحصيلها من هذه الحرب.