كنت قد كتبت مقالا الشهر الماضي دعوت بها رئيس الحكومة الدكتور محمد مصطفى الى اهمية انصاف الموظفين المدنيين والعسكريين من خلال اقرار الترقيات المستحقة لمن استوجبت له وفقا للقانون، وعلى ما يبدو ان اقرار الحكومة هذه الترقيات وتنسيبها للرئيس لاصدارها تعطي مؤشر ايجابي ان حلحة ما قادمة على الازمة المالية، على الرغم ان التكلفة  المالية للترقيات التي اصدرها الرئيس ليست كبيرة، الا ان هذه الخطوة ما كانت لتاتي ان لم يكن هناك مؤشرات طيبة عن امكانية حدوث انفراجه مالية خاصة وان رئيس الوزراء واثناء زيارته الاخيرة لمحافظة بيت لحم رمز الى امكانية حدوث استقرار مالي مع نهاية العام الحالي.
نعتقد ان هذه الخطوة صحيحة ومتفقة مع القانون، وتعزز من الثقة مع قطاع الموظفين الذين صبروا وثبتوا طوال السنوات الماضية .
المتوقع من رئيس الوزراء ومن خلال مجلس الوزراء ان يعكفوا بالسرعة الممكنة قانونيا واداريا لتسكين كل المدراء المكلفين منذ سنوات في عدد كبير من الوزرات والمؤسسات العامة على الهيكل التنظيمي في كل وزارة خاصة وان عدد منهم امضي سنوات طوال دون تسكين.ونعتقد انه ان الاوان لالغاء فكرة التكليف من قاموس العمل الحكومة.
ان استكمال هذه القرارات بترقية افراد الاجهزة الامنية وخاصة الافراد منهم والذين يحصلون على اجور متدنية نعتقد انها تشكل امرا اساسيا وحيويا لتعزيز المنظومة في ظل هذه الظروف الاستثنائية. 
على ما يبدو ان استراتيجية رئيس الوزراء في التعامل مع الملفات المختلفة بهدوء وهمه قد تؤتي ثمارها في الملف المالي والاداري، ونعتقد ان استكمال هذا المنهج سيتوج بتعديل حكومي داخل حكومة الدكتور محمد مصطفى خاصة وان عدد من الوزراء لم نشهد لهم اي حضور على المستوى الرسمي والشعبي، على الرغم من خصوصية المرحلة الا ان التسريع باجراء اصلاحيات عميقة تطال من يعتقد انه خارج رادار عملية الاصلاح سيرسل رسائل جديدة وقوية لكافة الاطراف ان قطار العمل في ظل هذه الظروف الاستثنائية مستمر ورئيس الحكومة لديه الاستعداد للذهاب بعيدا بذلك، بذات استراتيجية العمل الهادئ والجاد.
قد يقول البعض وكيف يمكن ان نتحدث عن الاصلاح واعادة الثقة بالمنظومة ونحن في مرحلة اقرب ما نكون الى محاولات التصفية السياسية، واذ نتفق بالكامل مع اننا نمر بمرحلة تصفية القضية الفلسطينية، الا اننا نرى ان وجود سلطة وطنية فلسطينية قادرة على الاستجابة للتحديات الخطيرة والمتعلقة بضمان استمرار عمل الاجهزة المدنية والامنية بصورة معقولة، والحفاظ على النظام المصرفي الفلسطيني من الانزلاق الى ازمات متتالية، وتقديم الخدمات الاساسية للشعب الفلسطيني في كل من الضفة وغزة يمثلان قوة طاردة لمشروع التهجير وزرع الفوضي.
نحن ننتقد الاداء السياسي ونسجل ملاحظاتنا باستمرار حول الاداء القانوني والاداري للسلطة، الا انه لا بد من التاكيد ان وجود الحكومة واستمرار قدرتها في تقديم الخدمات الاساسية لشعبنا ومحاربة اي مظاهر للفوضى وعدم الانزلاق الى انهيار النظام المصرفي والمالي والابقاء على قدرة الناس على الصمود فوق ارضهم حتى وان كانت الظروف قاهرة تمثل بالنسبة لنا جميعا فرصة لاستمرار النقاش والعمل الجاد لاحداث التغيير المطلوب.وما يتسرب من اخبار عن قرب حل الازمة المالية ان صح لو كان جزئيا سيساهم في تصليب الموقف الفلسطيني الشعبي، وسنعكس على شعبنا في غزة وليس في الضفة فقط.
المهم فلسطينيا ان نقوم بتعميق الرقابة الشعبية على الاداء الرسمي الفلسطيني وان نحافظ على اصوات كل الحريصين في الثناء على ما يجب الثناء عليه وبذات الوقت الوقوف بجراة وموضوعية وطنية لتصويب اية سياسات او قرارات لا تصب بخدمة الصالح العام.
الكتابة بتوازن موضوعي واصرار دائم على الاضاءة الايجابية او انتقاد اي سلوك سلبي امراً ليس بالسهل، نعلم اننا في عصر الاعلام الاجتماعي حيث من السهل ان نلعن كل ما حولنا او نمدح بلا حدود لمن يشاركنا الرأي او يخالفنا، الا ان الفطرة الوطنية لابناء شعبنا باتت تمييز بين ما هو حق لها وبين ما هو خلاف سياسي او مواقف سياسية.وعليه فان من الشجاعة ان تشييد بخطوة وان كانت صغيرة لتزرع الامل بان التغيير من الممكن ان يحدث، وان تستمر في اثارة مخاوف شعبنا من اي اخفاق سياسي او اقتصادي او غيره، اعتقد ان حجم التجربة التي ما زلنا نعيشها تتطلب منا ان ننضج في تقييم الامور والمضي قدما للحفاظ على وجود شعبنا فوق ارضه.فالخطوات التي تبدو صغيرة لقطاع واسع، قد تعني الكثير لمن ينتظرها من الموظفين الذين استحقوا الترقية منذ سنوات.