تُعدّ وحدة الإنقاذ والإسعاف من الركائز الأساسية لأي نظام صحي متكامل، حيث تعكس مستوى تطور الخدمات الصحية في المجتمعات.
تلعب هذه الوحدة دورًا محوريًا في معالجة الحالات الطارئة، مما يسهم في إنقاذ الأرواح وتقليل مضاعفات الحوادث.
ورغم أهمية هذه الوحدة، يعاني النظام الصحي الفلسطيني من تحديات كبيرة في تقديم خدمات الإسعاف. تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى نقص حاد في التغطية، حيث تتجاوز أحيانًا مدة الاستجابة الطارئة 20 دقيقة تختلف من منطقه الى اخرى ، ما يؤثر بشكل مباشر على فرص النجاة.
الأهمية الحيوية لوحدة الإنقاذ والإسعاف
1. الاستجابة السريعة للطوارئ
في حالات الطوارئ مثل الحوادث المرورية والأزمات الصحية، يُعتبر الوقت عاملاً حاسمًا.
الاستجابة السريعة تقلل معدلات الوفيات بشكل كبير. في فلسطين، تُسجل البلاد ما يقرب من 30,000 حادث مروري سنويًا، 20% منها إصابات خطيرة تتطلب تدخلاً فورياً على سبيل المثال.
2. تقديم الرعاية المتقدمة
وحدات الإسعاف المجهزة بالمعدات الحديثة وفرق الطوارئ المدربة توفر العلاج الفوري، مما يقلل من حدة الإصابات.
ومع ذلك، يعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة حوالي 200 سيارة إسعاف فقط(ما قبل الحرب على القطاع ) ، بينما تشير التقديرات إلى الحاجة لأكثر من 400 سيارة لتغطية الاحتياجات.
3. تقليل المضاعفات الصحية
كل دقيقة تأخير قد تؤدي إلى تفاقم الحالة الصحية للمريض.
في المناطق الريفية الفلسطينية، يصل متوسط زمن الاستجابة إلى 30 دقيقة، وهو بعيد عن الزمن المثالي الذي يجب ألا يتجاوز 8 دقائق.
4. توعية المجتمع
تثقيف المواطنين حول الإسعافات الأولية يعزز قدرة المجتمع على التعامل مع الطوارئ.
يمكن أن تسهم ورش العمل والدورات التدريبية في زيادة السلامة العامة ورفع الوعي العام بخدمات الطوارئ.
5. دعم الأنظمة الصحية
يجب أن تكون وحدة الإنقاذ والإسعاف جزءًا من النظام الصحي المتكامل، بالتنسيق مع المستشفيات والمراكز الطبية، لضمان استجابة فعالة للطوارئ وتقديم رعاية شاملة.
**التحديات التي تواجه خدمات الإنقاذ والإسعاف
رغم أهمية الوحدة، تواجه فلسطين عوائق تعيق تطويرها، من أبرزها:
• نقص التمويل: يؤثر ضعف الموارد المالية على قدرة النظام الصحي على تقديم خدمات إسعاف شاملة.
• غياب الشراكة الفعّالة: هناك حاجة للتنسيق بين الحكومة، الهلال الأحمر، القطاع الخاص والخدمات الطبية العسكرية لتحقيق تكامل الخدمات.
• البنية التحتية الضعيفة: خصوصاً في المناطق النائية، ما يؤدي إلى تأخير الاستجابة للطوارئ.
**مقترحات للتطوير
لتطوير وحدة الإنقاذ والإسعاف في فلسطين، يجب اتخاذ خطوات جادة، مثل:
1. إنشاء غرفة عمليات مركزية: تغطي جميع الأراضي الفلسطينية وتدير عمليات الطوارئ بالتنسيق مع الفرق الميدانية.
2. تدريب الفرق الميدانية: الاستثمار في تأهيل الأطباء العاملين في فرق الاسعاف والمسعفين، مع التركيز على الاستجابة السريعة.
3. زيادة عدد سيارات الإسعاف: لتحقيق التغطية اللازمة، خاصة في المناطق الريفية.
4. نشر الأجهزة الطبية الحيوية: مثل أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED) الاساسية في حالات الانعاش في الأماكن العامة.
5. تعزيز التوعية المجتمعية: بتثقيف المواطنين حول الإسعافات الأولية وأهمية التعاون مع فرق الإنقاذ.
ختاما يواجه النظام الصحي الفلسطيني تحديات جسيمة في توفير خدمات الإنقاذ والإسعاف، مما يتطلب من الحكومة اطلاق برنامج ورؤية للقطاع الصحي على سلم اولوياته الإسعاف والطوارئ كأولوية لانقاذ الأرواح ويستجيب للاحتياجات اليومية التي تتجاوز المعيقات الميدانية والنقص في إعداد المستشفيات ومراكز الرعاية الطارئة
إن الاستثمار في هذه الوحدة يعكس التزامًا إنسانيًا وأخلاقيًا تجاه حماية أرواح المواطنين وهذا يتطلب تنسيقاً بين الجهات الحكومية والخاصة، إلى جانب الدعم المالي والبنية التحتية المتطورة.
إن إنشاء وحدة إنقاذ وإسعاف فعّالة ليس رفاهية، بل هو حق أساسي يجب أن يُمنح لكل مواطن فلسطيني لضمان حياة كريمة وآمنة.