صدى نيوز - من خلال متابعة منظمة “البيدر” المستمرة للأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصًا في الضفة الغربية، أظهرت تقارير المنظمة تصعيدًا ملحوظًا في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في مختلف المناطق، خاصة في المناطق المصنفة “C” والمناطق المستهدفة بالتوسع الاستيطاني تتزايد الانتهاكات بشكل متسارع، وهي تشمل تهجير السكان، هدم المنازل، تدمير المرافق الزراعية، مصادرة الأراضي، بالإضافة إلى الهجمات المتكررة من المستوطنين المدعومين من الجيش الإسرائيلي هذه السياسات الإسرائيلية تعتبر جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تنفيذ الترانسفور القسري للفلسطينيين وتوسيع المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية.
يشير مصطلح “الترانسفور” أو “الترانسفير” إلى عملية التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، والتي تعد جزءًا من سياسة إسرائيلية منهجية تهدف إلى تغيير الطابع الجغرافي والديموغرافي في الضفة الغربية لصالح الاستيطان الإسرائيل يعملية الترانسفير تتضمن عدة ممارسات تهدف إلى إفراغ المناطق الفلسطينية من سكانها الأصليين، مما يتيح للمستوطنين الإسرائيليين السيطرة على الأراضي التي كانت حتى ذلك الحين تحت سيطرة الفلسطينيين ، تشمل هذه الممارسات هدم المنازل، فرض القيود على بناء أو ترميم المباني الفلسطينية، مصادرة الأراضي، وتقليل مساحة الأراضي المتاحة للفلسطينيين للاستخدام الزراعي، بالإضافة إلى الهجمات التي يرتكبها المستوطنون ضد المواطنين الفلسطينيين، سواء بالاعتداء المباشر على الممتلكات أو من خلال تدمير المحاصيل الزراعية.
وفي هذا السياق، تواصل منظمة “البيدر” توثيق الانتهاكات الإسرائيلية التي تستهدف التجمعات البدوية في الضفة الغربية، وبالأخص في المناطق ذات الطابع الريفي والزراعي مثل مسافر يطا والأغوار الشمالية ، هذه المناطق التي يتم استهدافها من قبل الاحتلال الإسرائيلي بسبب موقعها الاستراتيجي والمغري بالموارد الطبيعية، خاصة الأراضي الزراعية والمراعي ، تجدر الإشارة إلى أن مناطق “C” في الضفة الغربية، التي تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل وفقًا لاتفاقية أوسلو، تشكل أكثر من 60% من أراضي الضفة، وهي تخضع لممارسات إسرائيلية قمعية تتضمن سياسة التوسع الاستيطاني والتهجير القسري.
في تقريرها الأخير، وثقت منظمة “البيدر” العديد من الانتهاكات في مناطق مختلفة، مع التركيز على مناطق مسافر يطا والأغوار الشمالية ، ففي خربة المفخرة في مسافر يطا، تم نصب بوابة حديدية بالقرب من منازل الأهالي من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهي خطوة أخرى في سياق الحصار المفروض على هذه المناطق بهدف تقليص المساحة المتاحة للفلسطينيين ، البوابة الحديدية التي تم تركيبها تعتبر إجراءً آخر من إجراءات التضييق على حركة الفلسطينيين، وتقييد وصولهم إلى الأراضي الزراعية والموارد الحيوية.
في منطقة ماعين في مسافر يطا، استمرت قوات الاحتلال في منع الفلسطينيين من حراثة أراضيهم، حيث شملت هذه الممارسات تجريد المزارعين من حقهم في استخدام أراضيهم الزراعية ، هذا المنع يأتي في إطار سياسة إسرائيلية تهدف إلى الحد من قدرة الفلسطينيين على الاستفادة من أراضيهم الزراعية، وبالتالي إضعافهم اقتصاديًا، وهو جزء من عملية الترانسفير التي تهدف إلى الضغط على الفلسطينيين للتخلي عن أراضيهم لصالح المستوطنات ، هذه الانتهاكات تساهم في تحفيز عملية تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، حيث يصبح من المستحيل عليهم الاستمرار في الحياة والعمل في هذه المناطق.
من جهة أخرى، في منطقة الظاهرية، وثقت منظمة “البيدر” الهجوم الذي شنه مستوطنون على منازل الفلسطينيين في منطقة أم السمسم. الهجوم شمل تحطيم نوافذ المنازل وتدمير المحتويات الداخلية، بالإضافة إلى تخريب المحاصيل الزراعية ، هذه الهجمات، التي يشنها المستوطنون تحت حماية الجيش الإسرائيلي، تعتبر جزءًا من سياسة إسرائيلية تهدف إلى فرض تغيير ديموغرافي في المنطقة، حيث يسعى الاحتلال إلى جعل الحياة في هذه المناطق غير قابلة للاستمرار بالنسبة للفلسطينيين، مما يدفعهم في النهاية إلى مغادرة أراضيهم.
في الأغوار الشمالية، تم توثيق قيام مستوطنين بإقامة بؤرة استيطانية جديدة في سهل قاعون غرب قرية بردلة. المستوطنون قاموا بجلب معدات زراعية وأبقار، وبدأوا ببناء بؤرة استيطانية على الأراضي الفلسطينية، في محاولة لزيادة الاستيطان في هذه المنطقة المهمة استراتيجيًا ، هذه البؤرة الاستيطانية الجديدة تشكل تهديدًا كبيرًا للمجتمعات الفلسطينية في الأغوار الشمالية، حيث يواجه الفلسطينيون خطرًا مستمرًا في فقدان أراضيهم لصالح المستوطنات الإسرائيلية ، الاحتلال الإسرائيلي يستمر في عمليات تهجير الفلسطينيين من مناطقهم، بهدف تحويل هذه الأراضي إلى مستوطنات إسرائيلية.
في أريحا، رصدت “البيدر” اعتداءات جديدة من قبل المستوطنين على أراضي تجمع عين العوجا البدوي في شمال أريحا، حيث قاموا برعي أغنامهم في الأراضي الزراعية الفلسطينية، ما ألحق أضرارًا كبيرة بالمحاصيل الزراعية ، هذا النوع من الاعتداءات المستمرة من قبل المستوطنين يشكل جزءًا من سياسة ممنهجة تهدف إلى الضغط على الفلسطينيين وتهجيرهم بالقوة من أراضيهم ، المستوطنون، الذين يتلقون دعمًا من الجيش الإسرائيلي، يعمدون إلى تدمير الممتلكات الفلسطينية، سواء كانت زراعية أو سكنية، في إطار استراتيجيات تهدف إلى تغيير الواقع الجغرافي في هذه المناطق لصالح الاستيطان.
أما في مسافر يطا، تواصل الهجمات المتكررة من قبل المستوطنين ضد منازل الفلسطينيين، حيث يقتحم المستوطنون المنازل، ويقومون بترويع السكان ، هذه الهجمات، التي تصاعدت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، تشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن الشخصي والاقتصادي للفلسطينيين في المنطقة ، إذ لا تقتصر هذه الهجمات على التدمير المادي للمنازل والممتلكات، بل تتضمن أيضًا تهديدات مباشرة للسكان، مما يزيد من الضغط النفسي والاقتصادي عليهم.
إضافة إلى ذلك، لا تقتصر الانتهاكات على هدم المنازل واعتداءات المستوطنين، بل تشمل أيضًا هدم المنشآت الزراعية والمباني التي يعتمد عليها الفلسطينيون في حياتهم اليومية ، الفلسطينيون في المناطق المستهدفة من الاحتلال يعيشون في حالة دائمة من القلق والخوف من أن يواجهوا تهجيرًا قسريًا، وأن يفقدوا أراضيهم لصالح المستوطنات.
تعتبر هذه الممارسات جزءًا من استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تعزيز الاستيطان الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المصنفة “C”، والتي تمثل أكبر مساحة من الضفة الغربية ، يتم فرض قيود شديدة على الفلسطينيين في هذه المناطق، حيث يواجهون صعوبة في الحصول على تصاريح للبناء أو ترميم المنازل، وتتعرض ممتلكاتهم الزراعية للتدمير أو المصادرة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين ، في كثير من الحالات، يتم إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم تحت ضغط مستمر من الحصار، الهدم، وتدمير المحاصيل.
منظمة “البيدر” تؤكد أن هذه الانتهاكات تهدف إلى تدمير حياة الفلسطينيين في مناطقهم، وهي جزء من خطة إسرائيلية أكبر تستهدف تحقيق أمر واقع جديد يتمثل في توسيع المستوطنات وتهجير الفلسطينيين ، وتستمر المنظمة في توثيق هذه الانتهاكات بشكل يومي، وتحذر من أن الوضع في الضفة الغربية، وبالأخص في المناطق المصنفة “C”، يزداد سوءًا بشكل متسارع، مع تجاهل المجتمع الدولي لهذه الانتهاكات. المنظمة تدعو إلى تدخل فوري من قبل المجتمع الدولي لوضع حد لهذه السياسات، وحماية حقوق الفلسطينيين في أراضيهم من الترانسفير القسري والتهجير المستمر.
من خلال هذا التقرير، تسلط “البيدر” الضوء على الوضع المتدهور الذي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية، حيث تتواصل محاولات الاحتلال الإسرائيلي لفرض سياسات الترانسفير القسري، وتوسيع المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية