منذ توليه رئاسة الصين في عام 2013، أصبح شي جين بينغ شخصية محورية في تحديد مسار الصين في العصر الحديث ، أفكار شي جين بينغ، التي أُطلق عليها “فكر شي جين بينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد”، هي مجموعة من المبادئ السياسية والاجتماعية التي تمثل الاتجاه الجديد للصين في القرن الحادي والعشرين ، هذه الأفكار أصبحت جزءًا من الدستور الصيني في عام 2017، وتعتبر أساسية لتوجيه السياسات الداخلية والخارجية للحزب الشيوعي الصيني.
في هذا المقال، سنستعرض أبرز جوانب أفكار شي جين بينغ التي تركز على الاستمرار في الاشتراكية الصينية، تعزيز دور الحزب الشيوعي، وتحقيق نهضة الأمة.
الاشتراكية ذات الخصائص الصينية:
أحد الركائز الأساسية لأفكار شي جين بينغ هي التأكيد على الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ، يعتقد شي أن النموذج الاشتراكي الصيني يجب أن يتماشى مع الظروف الخاصة للصين، بما في ذلك تاريخها الثقافي والاجتماعي الفريد ، و بينما يتبنى الاشتراكية كإيديولوجية، يروج شي لفكرة تحديث الاشتراكية لتتناسب مع العصر الجديد ، وهذا يشمل تعزيز النمو الاقتصادي، وتطوير الابتكار التكنولوجي، والتحول إلى اقتصاد يعتمد بشكل أكبر على المعرفة والتكنولوجيا الحديثة.
في هذا السياق، يشدد شي على ضرورة إصلاحات هيكلية لمواكبة التحولات العالمية السريعة، خاصة في مجالات مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي ، كما يبرز أهمية الاستدامة البيئية من خلال تطوير الاقتصاد الأخضر وحماية البيئة، وهو ما يعكس التوجه الحديث نحو الاقتصاد المستدام في الصين.
دور الحزب الشيوعي الصيني:
في رؤية شي جين بينغ، الحزب الشيوعي الصيني هو القوة المحورية التي يجب أن تظل في صدارة قيادة الصين ، يشدد شي على أن الحزب هو الضامن لاستقرار الدولة ونجاح مشاريعها السياسية والاقتصادية، ويعتبر أن نجاح أي تحول اجتماعي أو اقتصادي يجب أن يعتمد على القيادة الحزبية الموحدة.
أفكار شي تركز أيضًا على مكافحة الفساد داخل الحزب لتعزيز فعاليته وثقة الشعب به ، ومن خلال برنامج إصلاحي صارم، سعى شي إلى تعزيز ممارسات الشفافية والانضباط بين أعضاء الحزب، مما يزيد من قوتهم في تحقيق أهداف الثورة الاشتراكية في الصين.
الحلم الصيني ونهضة الأمة:
أحد المفاهيم الرئيسية التي طرحها شي جين بينغ هو “الحلم الصيني”، الذي يرمز إلى النهضة الوطنية الصينية وتحقيق مكانة متقدمة في العالم ، و الحلم الصيني، كما يراه شي، هو رؤية لمستقبل اقتصادي، ثقافي، وعسكري مشرق للصين ، يسعى شي إلى أن تصبح الصين في طليعة الدول العالمية في مجال الابتكار والتكنولوجيا، وأن تلعب دورًا محوريًا في السياسة الدولية.
من خلال رؤية استراتيجية بعيدة المدى، يهدف شي إلى تعزيز القدرة العسكرية للصين، ما يعكس طموحات البلاد في أن تصبح قوة عظمى عسكرية تتساوى مع القوى الكبرى في العالم ، و على الصعيد الداخلي، يسعى إلى تحسين نوعية حياة المواطنين الصينيين، في مسعى لتحقيق الرفاهية الاجتماعية وتحسين الاقتصاد الوطني.
المصير المشترك والمنفعة المتبادلة:
من المبادئ التي يعززها شي جين بينغ في سياساته الداخلية والخارجية هو المصير المشترك للإنسانية و هذه الفكرة تُروج لفكرة التعاون العالمي والعيش المشترك بين جميع الشعوب والدول، حيث يسعى شي إلى تعزيز التنمية المتوازنة التي تعود بالنفع على جميع الأطراف ، في هذا السياق، يرى شي أن التحديات العالمية مثل تغير المناخ، الأوبئة، والفقر تتطلب التعاون بين الأمم المختلفة من أجل إيجاد حلول مشتركة.
كما يدعو إلى المنفعة المتبادلة بين الدول، حيث يجب أن تسعى جميع الدول لتحقيق مصالحها الخاصة ولكن من خلال التعاون المشترك الذي يحقق الفائدة لجميع الأطراف.
شي جين بينغ يعبر أيضاً عن احترامه لتعدد الأفكار و هذه الفكرة تدعو إلى قبول التنوع الفكري والثقافي باعتباره أمرًا إيجابيًا في تعزيز النمو والتطور ، و يشبه شي هذه الفكرة بالنهر الذي يتغذى من قنواته الفرعية، فكل قناة تؤدي إلى زيادة قوة النهر ، و في السياق السياسي والاجتماعي، يشير شي إلى أن العالم بحاجة إلى تقبل التنوع الثقافي والفكري، ويجب أن تساهم هذه الاختلافات في تعزيز الحوار والتعاون بين الأمم و تقويتها و زيادة تطورها و نموها.
الإنجازات الرئيسية لشي جين بينغ:
لقد حقق شي جين بينغ العديد من الإنجازات البارزة خلال فترة رئاسته التي أسهمت في تعزيز مكانة الصين على الساحة الدولية:
1. التحول الاقتصادي:
تم تحويل الصين إلى واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، مع زيادة كبيرة في الإنتاج الصناعي، وزيادة دورها في الاقتصاد العالمي من خلال مبادرة الحزام والطريق.
2. تحقيق الاستقرار الاجتماعي:
أدت سياسات شي إلى نقل أكثر من 700 مليون شخص من الفقر إلى الحياة الكريمة ، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ الصين الحديث ، و ذلك من خلال تعزيز التنمية الريفية وتوفير فرص العمل، حيث أسهمت الحكومة الصينية في تحسين ظروف الحياة للعديد من المواطنين في المناطق الريفية، و تم توفير الفرص الاقتصادية والتعليمية التي ساعدت في انتقالهم من الفقر المتقع إلى الحياة السعيدة.
3. القوة العسكرية:
تعززت القوة العسكرية الصينية بشكل كبير، مما جعل الصين قوة عالمية مؤثرة على الصعيد العسكري.
4. مكافحة الفساد:
تحت قيادته، تم تنفيذ حملة واسعة لمكافحة الفساد داخل الحزب الشيوعي، مما ساعد في تعزيز الثقة العامة في الحزب والحكومة.
تمثل أفكار شي جين بينغ رؤية شاملة لمستقبل الصين القوي والمستقر، حيث يسعى لتحديث البلاد في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، و من خلال تطبيق هذه الرؤية، يهدف شي إلى وضع الصين على الطريق الصحيح لكي تصبح قوة عالمية رائدة، مع الحفاظ على استقرار داخلي وضمان رفاهية شعبها.
الشعوب الأخرى التي استفادت من تجربة الصين ترى في هذه القوة الصاعدة نموذجًا يحتذى به وجمهورية الصين الشعبية لم تكن قوة استعمارية، بل شريكاً يحترم تطلعات الدول و الشعوب الأخرى و من خلال التعاون مع الصين، أصبحت الدول النامية قادرة على تنويع شراكاتها الاقتصادية وتحرير نفسها من التبعية للقوى الإمبريالية .
جمهورية الصين الشعبية، بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، و نواة حزبها الرئيس شي ليست مجرد قوة اقتصادية أو سياسية تخدم ذاتها فقط ، بل أمل للبشرية التي تطمح إلى العدالة والتنمية والسلام و أفكار شي جين بينغ حول المصير المشترك و المنفعة المتبادلة و رفع الظلم و تحقيق العدالة و تطبيق القانون الدولي تضع رؤية جديدة لعالم أكثر تعاونًا وعدلًا، حيث تتشارك جميع الدول في بناء مستقبل مشرق للجميع و كلما تقدمت الصين وتعاظمت قوتها، ازداد شعور الشعوب بأن العالم يسير نحو السلام والاستقرار، بعيدًا عن الصراعات والهيمنة ، هذه القوة الصاعدة هي بالفعل هبة من الله للعالم.