تقرير صدى نيوز: أثارت مشاهد تسليم الأسيرات الإسرائيليات في قطاع غزة أمس غضباً إسرائيلياً كبيراً، مع خروج عناصر القسام بالعصبة الخضراء على رؤوسهم وبلباسهم العسكري المهندم وأسلحتهم، وسبق ذلك انتشار عناصر الشرطة الفلسطينية التابعة لحماس في أنحاء القطاع مع سريان وقف إطلاق النار، ما لفت الأنظار نحو ترتيبات حماس الواضحة لإعادة زمام الأمور لما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، وسط تساؤلات كبيرة تُطرح الآن، عما إذا كانت حماس ستتخلى عن حكمها في قطاع غزة، أو ستقبل في محاصصة السلطة الفلسطينية بحكم القطاع، أو بقوى دولية أو عربية تتحكم بمقاتلي القسام هناك وبمصير موظفيها؟ كل ذلك وسط تهديدات إسرائيلية متواصلة بتحقيق ما يسمى إسرائيلياً بأهداف الحرب وعلى رأسها "إسقاط حكم حماس في غزة".

ووفق متابعة صدى نيوز، فإن مسألة حكم قطاع غزة بعد الحرب، ما زالت تقلق أهالي غزة، الذين عاشوا حرباً مأساوية لم يشهد مثلها التاريخ الحديث، من جوع وقتل ودمار وخراب، من احتمالية أن تشكل تلك القضية سبباً كافياً لإسرائيل لإشعال الحرب من جديد لإرضاء سموتريتش ومن على شاكلته الذي هدد أكثر من مرة بضرورة إسقاط حكم حماس.

هذه القضية الشائكة ظلت عالقة في المفاوضات التي توصلت إليها حماس وإسرائيل على (3 مراحل) في الدوحة بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية وقطر، وتذهب بقطاع غزة نحو المجهول والغموض للأسابيع والأشهر القادمة.

ولكن ماذا سيحدث بعد انتهاء مراحل الصفقة الثلاث؟ خيارات كثيرة تطرح عن مصير غزة ما بعد الحرب ولم يُحسم شيء على الطاولة، وفي تلك الفترة سيكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتولى زمام الحكم، وهو معروف بقراراته "المجنونة" والتي لا حدود لها، فستهرب إسرائيل "الطفلة المدللة" للرئيس الأكثر جدلاً في العالم، لحل مشكلتها مع حكم حماس في قطاع غزة، فماذا تُخبئ الفترة القادمة لأهالي قطاع غزة؟

وحسب متابعة صدى نيوز فإن تصرفات حماس في قطاع غزة بعد الحرب، من انتشار أجهزتها الأمنية وعناصرها وبدء العمل لتنظيم مؤسساتها لا تشير إلى انهيار أو تلاشي تلك الحركة بل على العكس تماماً، ووفق مصادر فلسطينية صرحت سابقاً لوسائل إعلام أن وفد منظمة التحرير الفلسطينية وحركة "فتح"، الذي فوّضه الرئيس محمود عباس بالذهاب إلى مصر، أبلغ المصريين بشكل رسمي حينها رفض القيادة الفلسطينية للجنة الإسناد المجتمعية، التي من شأنها إدارة شؤون قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، وكذلك رفض أي صيغة تعيد حركة حماس إلى حكم قطاع غزة، معتبرين أن "تلك اللجنة هي تأكيد للانقسام وفصل قطاع غزة".

وعن مراحل الاتفاق الحالي، فإن المرحلة الأولى من اتفاق الصفقة بين حماس وإسرائيل دخلت حيز التنفيذ يوم أمس (19 يناير 2024)، على أن تستمر لمدة 6 أسابيع، تنسحب خلالها قوات الاحتلال تدريجياً من وسط قطاع غزة ويعود الفلسطينيون النازحون لشمال قطاع غزة المدمر. 

ومن ضمن المرحلة الأولى من  المقرر أن تفرج حماس عن 33 "رهينة إسرائيلية" بينهم جميع النساء (جنود ومدنيون) والأطفال والرجال فوق سن الـ50، وسيتم الإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل المحتجزين الإسرائيليين في غزة، 30 معتقلا فلسطينيا مقابل كل (محتجز مدني إسرائيلي) و50 معتقلا فلسطينيا لكل (جندية إسرائيلية) تُطلق حماس سراحها في تلك الفترة.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن 25 من محتجزيها المقرر الإفراج عنهم أحياء، ولكن كيف سيتقبل الجمهور الإسرائيلي ما إذا كان رقم الأحياء أقل بكثير من التقديرات الإسرائيلية ولو عاد الأغلبية بأكياس الجثث!

المخاوف بدأت تتشكل عندما تأخر إعلان كتائب القسام أمس عن أسماء الأسيرات المنوي الإفراج عنهم، ولم تلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار عند الثامنة والنصف صباحاً، وارتقى شهداء بقصفها، حتى استلمت الأسماء وأعلنت أن الاتفاق دخل حيز التنفيذ عند الساعة 11:15 صباحاً، ما أثار تساؤلات عما إذا كانت حماس تواجه صعوبات ربما في التواصل مع المجموعات الآسرة، علماً أن الاحتلال الإسرائيلي واصل قصف همجي مع مجازر كبيرة قبل يومين من الصفقة ولم يمنحهم الوقت الكافي لترتيب أمورهم الداخلية.

وفي المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تنطلق بحلول اليوم الـ16 من المرحلة الأولى، تشمل إطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين المتبقين ووقف إطلاق النار بشكل دائم والانسحاب الكامل للجنود الإسرائيليين.

أما في المرحلة الثالثة سيتم إعادة جميع الجثث المتبقية، وبدء إعادة إعمار غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.