رام الله - صدى نيوز - وصل إلى ليبيا، أخطر قياديين بتنظيم القاعدة، بعدما تم الإفراج عنهما عام 2016 من سجن غوانتانامو بالولايات المتحدة الأميركية، قبل ترحيلهما إلى دولة السنغال، لكن عودتهما لم تكن مرحبّا بها بين الليبيين، بسبب مخاوف من احتمال عودتهما مرة أخرى إلى القتال ضمن تنظيم القاعدة في ليبيا.
ويتعلق الأمر بكل من " سالم عبدو سالم غريبي "، و" عمر خليفة محمد أبو بكر "، اللذين ألقت القوات الأميركية القبض عليهما في أفغانستان منتصف عام 2002، عندما كانا يقاتلان ضمن تنظيم القاعدة إلى جانب أسامة بن لادن منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، ويشرفان على استقطاب وتدريب العناصر الإرهابية.
وكانت السلطات السنغالية التي منحتهما اللجوء بعد الإفراج عنهما من سجن غوانتانامو قبل ترحيلهما إلى ليبيا بموافقة أميركية، قد أكدت أن "غريبي وأبوبكر" لا يشكلان أي تهديدات إرهابية، لكن هذه التأكيدات لم تطمئن الليبيين، بالنظر إلى وضع بلادهم الحالي الذي تنتشر فيه الأسلحة ويمثل بيئة مناسبة للعمل الإرهابي بكل أريحية وحريّة.
وفي هذا السياق، اعتبر مصدر عسكري بالجيش الليبي أن الفوضى الأمنية في ليبيا وتغلغل التنظيمات المتطرفة في الأراضي والمدن الليبية، وضع قد يشجع القياديين الإرهابيين على العودة إلى القتال والنشاط الإرهابي مرة أخرى ضمن تنظيم القاعدة الذي له وجود في ليبيا، خاصة أن التنظيم الأمّ الذي انتميا إليه في السابق وهو الجماعة الليبية المقاتلة لا يزال تنظيما قويّا في ليبيا.
وأضاف في تصريح للعربية.نت، أنّ قرار الولايات المتحدة إرجاعهما إلى ليبيا في هذا الوقت بالذات قرار غير صائب وسيزيد من مخاطر التهديدات الإرهابية على ليبيا وعلى المصالح الأجنبية فيها، خاصة أنها تعرف أن نزلاء غوانتانامو السابقين والذين ينتمون إلى بلدان متوّترة، عادوا مرة أخرى إلى ساحات القتال، بعد الإفراج عنهم.
ومن جهته اعتبر إبراهيم بلقاسم مدير المركز الليبي للإعلام، أن إعادة عناصر قيادية بتنظيم القاعدة قادمة من سجن غوانتامو إلى ليبيا في هذه الوقت، يعتبر "أمرا خطيرا جدا"، باعتبار أن "الأجهزة الأمنية التي تعيش حالة من إعادة الترتيب، غير مؤهلة بالكامل في هذه الظروف السياسية والأمنية وانتشار الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، للتعامل بالشكل المناسب مع عناصر خطيرة بتنظيم القاعدة".
وقال للعربية.نت، إن القياديين اللذين وصلا أمس الأربعاء إلى طرابلس، "تم تسليمهما إلى قوة الردع الخاصة التابعة لوزارة داخلية حكومة الوفاق، من أجل إخضاعهما إلى برنامج تأهيلي قبل الإفراج عنهما"، مستبعدا أن يتم إلغاء الأفكار الجهادية التي تربّت عليها مثل هذه القيادات أو يتم إقناعهما بالتخلي عن العنف.
وأوضح في هذا السياق، أنّه "لا يوجد شيء اسمه "توبة" بل هناك فقط دراسات تصحيحية ومراجعات لأفكار المتطرفة مبنية فقط على ظروف معينة وبمعايير واضحة لعناصر تنظيم القاعدة أو التنظيمات الإرهابية الأخرى"، مبينا أنه سبق لبعض العناصر الإرهابية على غرار "علي الصلابي" و"عبد الحكيم بلحاج" المصنفين على قائمة الإرهاب لدول المقاطعة، أن "أعلنا توبتهما مع معمر القذافي، لكنهما عادا لحمل السلاح من جديد في وجه الدولة والنظام، وهذا يعني أن الأفكار المتطرفة لا تلغى وتبقى معهم".
وتواجه ليبيا إرهابا متصاعدا، قادما خاصة من دول الساحل والصحراء، حيث تتعدّد التنظيمات الإرهابية بالأخصّ في منطقة الجنوب الشاسعة والممتدة إلى الدول المجاورة لليبيا، مستغلّة تردي الوضع الأمني والفوضى المتفشيّة وانتشار الأسلحة التي كرسها الانقسام الحاصل بين مختلف الأطراف الليبية، والذي جعل البلاد مرتعا خصبا لنمو الجماعات المتطرفة ومركز استقطاب للعناصر الإرهابية من كل جهة.
وفي هذا الجانب، توّقع محمد بغداد الباحث الجزائري في شؤون الجماعات الإرهابية، أن تكون ليبيا "البيئة القادمة للتوتر والنشاط الإرهابي"، مضيفا أن "الخطورة في ليبيا ليس في التنظيمات الإرهابية التقليدية وإنما في الاتجاهات الجديدة التي تتجلى فيها التنظيمات الإرهابية التي باتت تستعين بالقدرات التكنولوجية الاتصالية".
وأكدّ بغداد الذي يشغل كذلك خطة مدير الإعلام بالمجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر في تصريح للعربية.نت، أنّ "بعض الأطراف الدولية الفاعلة لها مصلحة في ارتفاع حدة النشاط الإرهابي في ليبيا ومنطقة الساحل كلها، الأمر الذي يفسر إرسال قيادات خطيرة إلى ليبيا في ظرف كهذا".