خاص صدى نيوز: علمت صدى نيوز أن رئيس ديوان الموظفين العام، موسى أبو زيد، طالب في اجتماع عقده مع مسؤولي الشؤون الإدارية والمالية من مختلف الدوائر الحكومية، أوائل الشهر الجاري (2/2/2025)، بإلزام الموظفين الحكوميين بالدوام الرسمي الكامل، والانتهاء من مسألة (تقليص الدوام)، مؤكداً على ضرورة مراجعة البصمة (الدخول والخروج للموظفين).

وتعقيباً على ذلك، قال ساجد بشارات مدير عام العلاقات العامة والإعلام في ديوان الموظفين لصدى نيوز: "رئيس ديوان الموظفين العام، موسى أبو زيد طالب خلال الاجتماع بضرورة الالتزام بالدوام في المؤسسات التي تقدم خدمات يومية للمواطنين، حتى لا يشعروا بأي تأخير في معاملاتهم أو الخدمات التي يتلقونها في ظل المرحلة الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني".

آلية تقليص الدوام يتبعها الموظفون الحكوميون حالياً بتعليمات من النقابات والاتحادات، نظراً لاستمرار الحكومة الفلسطينية بصرف رواتب منقوصة مع أزمتها المالية الحادة والاقتطاع الإسرائيلي من أموال المقاصة الفلسطينية وتأخير تسليمها. 

وحتى مع رفع نسبة صرف راتب الموظفين لـ70% وبحد أدنى 3500 شيكل، وتلقي أكثر من 70% من الموظفين راتبهم كاملاً، وفق تصريحات وزارة المالية الفلسطينية، إلى أن عدداً كبيراً من الموظفين يتقاضون راتباً منقوصاً وبالمقابل عليهم سداد التزاماتهم كاملة من أقساط القروض، وأقساط المدارس والجامعات، وسداد فواتير المياه والكهرباء والبنزين وغيرها الكثير. 

كما علمت صدى نيوز أن الاجتماع أكد على ضرورة التزام الموظفين بالدوام على الوقت ومراجعة "بصمة الدخول والخروج"، ومطالبة الموظف المتأخر بأن يسلم كتاباً رسمياً لمسؤوله المباشر للشؤون الإدارية بسبب تأخره (اعتمدته بعض المؤسسات الحكومية)، حتى في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في سياسته الجديدة وهي نصب الحواجز بكل مكان في الضفة الغربية، سواء بين القرى ومراكز المدن، أو بين المحافظات، وتعمد ترك الفلسطيني لساعات طويلة أمام الحواجز خاصة مع ساعات الصباح الباكر، وقرار مطالبة الموظف بكتاب رسمي يشرح أنه تأخر بسبب حواجز الاحتلال، يعني تكرار هذه الكتب الرسمية بشكل يومي أمام مكاتب الشؤون الإدارية، نظراً لأنه الاحتلال يزيد من سياسة الحواجز كل يوم، وهو ما يحتاج لمرونة ومراعاة ظروف الموظفين مع هذه الأوضاع الصعبة. 

وفيما يتعلق بالمناطق التي تتعرض لاقتحامات أو اجتياحات إسرائيلية واسعة خصوصا شمال الضفة الغربية، وعدم تمكن الموظف من الوصول لمكان عمله، سواء كان بخروجه من محافظته أو التنقل بداخلها، طالبت بعض المؤسسات كما علمت صدى نيوز خلال الاجتماع، بدوام الموظفين، وفي حال عدم تمكنهم إطلاقاً من ذلك أن يحضروا كتاباً رسمياً يبرر غيابهم ويوضح السبب بشكل رسمي، على أن يعود التعامل مع الموظف الذي يواجه عائقاً بالحضور لعمله مع قبل مديره المسؤول بالمؤسسة.

واطلعت صدى نيوز على كتاب أصدره مدير عام الشؤون الإدارية في إحدى المؤسسات الحكومية، بتاريخ 6/2/2024، أي بعد 4 أيام من اجتماعهم بديوان الموظفين العام، جاء فيه: "يرجى التعميم على كافة الموظفين وبكل الفئات الوظيفية الالتزام بالدوام الكامل طيلة أيام الأسبوع، وتوثيق هذا الدوام ببصمات الدخول والخروج اليومي".

وتابع التعميم: "سيتم الأخذ بعين الاعتبار التأخير الناتج بسبب حواجز الاحتلال والإغلاقات لمن لم يتمكن من الوصول إلى العمل بعد إبلاغ مسؤوله المباشر للشؤون الإدارية بذلك بكتاب رسمي". 

ما السر وراء هذه القرارات؟ 

(اجتياحات واسعة، حواجز مستمرة، رواتب متأخرة ومنقوصة)، ومع ذلك تُصدر تعليمات بالالتزام بالدوام الكامل ومراجعة البصمة وكتب رسمية، فلماذا في هذا التوقيت بالذات؟ 

مصادر مطلعة رجحت لصدى نيوز عن السبب وراء تدقيق الحكومة على دوام موظفيها، بهذه الفترة بالتحديد، وهو أن الأوروبيين يشترطون على الحكومة متابعة دوام الموظفين الحكوميين، وكشوفات الحضور للمؤسسات والوزارات الحكومية، لأن الشهرين القادمين بالنسبة للتمويل الأوروبي للسلطة الفلسطينية هي أشهر (حاسمة)، والحكومة لا تريد خطأ بتلك الفترة. 

وقالت المصادر لصدى نيوز إن الشهرين القادمين حاسمات بالنسبة للتمويل الأوروبي للحكومة الفلسطينية، حيث من المقرر أن يجتمع مجلس السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي في آذار المقبل لإعطاء السلطة الفلسطينية دعم يقدر بـ2 مليار يورو، مع مطالبات تكررت أكثر من مرة من الاتحاد الأوروبي لإصلاحات في الجسم الحكومي للسلطة الفلسطينية لاستمرار في دعمه.

موظفون حكوميون أبدوا انزعاجهم من عدم مراعاة الظروف الحالية، فالأوضاع التي تمر بها الضفة الغربية اليوم تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، أحد الموظفين يقول لصدى نيوز: "بسبب الحواجز يضطر شوفير المركبة العمومية لقطع طريق بمسافة أطول وهو ما يزيد من قيمة المواصلات التي ندفعها، وأصبحنا ندفع من جيوبنا لنصل لأماكن عملنا فالراتب لا يكفي لشيء". 

وقال موظف آخر: "الالتزام بالدوام حق للحكومة بالتأكيد، ولكن أين حقنا بصرف راتب كامل يمكننا من سداد ديوننا، وإن كانت الأوضاع المالية للحكومة صعبة، فلماذا لا تصدر تعليمات بالتخفيف على الموظف فواتير المياه والكهرباء والأقساط والمواصلات وبالبنزين، ولماذا بالأساس تصدر تعليمات بدوام كامل ومحاسبات على الوقت، في هذا التوقيت العصيب والمتعب".

الموظفون الحكوميون بلا نقابة تمثلهم!

لسنوات طويلة ويعاني الموظف الحكومي من غياب جسم نقابي موحد يمثله ويدافع عن حقوقه ويتحدث باسمه، خاصة مع مطالبات كثيرة من الموظفين بإنصافهم، فالالتزامات تكبر وتزيد والراتب ينقص.

وكان ديوان الرئاسة الفلسطينية اعتبر في عام 2014، نقابة العاملين في الوظيفة العمومية جسماً غير قانوني، بناء على توصية من لجنة رئاسية بخصوص الوضع القانوني للنقابة، وكانت الشرطة أوقفت حينها كلاً من رئيس النقابة عضو المجلس الثوري لحركة فتح بسام زكارنة، ونائبه معين عنساوي.

هذه الفوضى، وغياب الجسم الحامي لحقوق الموظف الحكومي، دفع موظفين للإطلاق على أنفسهم اسم (نقابة موظفي القطاع العام)، وأصدروا بياناً أمس دعوا فيه للالتزام ببرنامج تقليص الدوام بما لا يزيد عن 3 أيام في الأسبوع، نظراً لعدم وجود أفق لحل الأزمة المالية الحالية، وعدم صرف الرواتب كاملة بالإضافة للمستحقات، مؤكدين أن عدم الانتظام في صرف الرواتب ينهك الموظفين، مطالبين الحكومة بالبحث عن آلية لتخفيف العبء عن الموظفين.