صدى نيوز -  أكدت وزيرة العمل د. ايناس العطاري أن تسريح نحو 200 ألف عامل فلسطيني من سوق العمل الإسرائيلي أثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني، حيث تسبب ذلك في ارتفاع معدلات البطالة والفقر (بنسبة تصل إلى 51%) وفقدان تدفق مالي شهري يقارب 1.5 مليار شيقل.

وأوضحت العطاري في لقاء صحفي مع "الحياة الجديدة" أن عملية تحديث البنية التشريعية تُعد من الأولويات، وقد بدأت الوزارة بتعديل قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000، للتعامل مع الثغرات القانونية وتكييفه مع التطورات الحديثة مثل أنماط العمل الرقمية والعمل عن بعد، مع مراعاة اتفاقيات العمل الدولية والعربية.

ولفتت العطاري إلى أن الوزارة  تعمل على مدار الساعة لوضع وتنفيذ استراتيجيات شاملة تهدف إلى تحسين ظروف العمال وتوفير فرص عمل مستدامة في فلسطين، سواء على الصعيد المحلي أو في ظل التحديات الخارجية. جاءت هذه الجهود في إطار رؤية وطنية قائمة على تعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان، مع العمل المتواصل مع الشركاء المحليين والدوليين لتنفيذ برامج مبتكرة تدعم التطوير الاقتصادي والاجتماعي للوطن.وسلطت الضوء على جهود الوزارة في تنظيم القطاع غير الرسمي، وإيلاء اهتمام خاص للفئات الضعيفة والنساء والشباب.

وفيما يلي نص اللقاء:

أبرز الخطط والمشاريع

*ما أبرز الخطط والمشاريع الحالية التي تعمل عليها وزارة العمل لتحسين ظروف العمال في الضفة؟ وكيف يمكن لهذه المشاريع أن تُحدث تغييراً ملموساً في الواقع المعيشي للعمال؟
الوزارة تنفذ عدة مشاريع استراتيجية، من أبرزها:

مشروع الوصول إلى سوق العمل 2:
يتم بالتعاون مع الصندوق الفلسطيني للتشغيل والاتحاد العام للغرف التجارية، ويستهدف مواءمة 650 باحثاً عن عمل (تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً، مع ضمان مشاركة لا تقل عن 50% من النساء). يشمل المشروع تدريباً عملياً مدفوع الأجر بقيمة 140 يورو لمدة ثلاثة أشهر.
مشروع "وظيفتي الأولى":
ضمن برنامج التشغيل بأجر، يستهدف دعم فرص عمل مستدامة للخريجين الجدد من الجامعات والتدريب المهني، عبر برنامج تدريبي متكامل ينمي المهارات الحياتية والفنية، ليتيح لهم شغل 320 وظيفة في شركات القطاع الخاص بمحافظات الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة خلال الفترة 2023-2024.
مشروع تعزيز وصول الباحثين عن عمل (PALM):
ممول من الحكومة الألمانية ومنفذ من قبلالوكالةالألمانيةللتعاونالدولي (  GIZ)، ويهدف إلى تأهيل 650 باحثاً عن عمل (بنسبة 50% نساء على الأقل) لتدريب مدفوع الأجر لمدة ثلاثة أشهر.
مشروع زيادة وصول الشباب إلى سوق العمل من خلال التدريبات المهنية وخدمات الأعمال (أيادي):
يستهدف زيادة فرص الالتحاق بسوق العمل من خلال التعليم والتدريب المهني المستمر، حيث يتم تقديم الخدمة لعدد محدد من الشباب سنوياً عبر مراكز التدريب المهني.
مشروع تحقيق الشمول المالي والاجتماعي (التعلم للكسب):
يهدف إلى تزويد الشباب العاطلين بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل.
مشروع التشغيل الطارئ للتعافي المبكر في قطاع غزة والضفة الغربية:
يستهدف تشغيل 1245 عاطلاً عن العمل في مشاريع إعادة الإعمار بالمناطق التي تضررت في محافظات الشمال وقطاع غزة.
مشروع مهارات من أجل التوظيف بدعم من الوكالة البلجيكية:
سيوفر 900 فرصة تشغيلية، من خلال تدريب 700 باحث عن عمل على اكتساب الكفايات الفنية والحياتية، بالإضافة إلى تأهيل 200 عامل بحاجة إلى تطوير مهاراتهم.
مشروع العمل بأجر للباحثين عن عمل في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والنقابات (برنامج التشغيل المستدام):
يستهدف دعم 2200 شاب وعاطل عن العمل لدمجهم في سوق العمل المحلي، مع بدء تنفيذ المشروع المتوقع بحلول يونيو 2024 بدعم من بنك التنمية الألماني.

  رؤية استراتيجية واضحة

*في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه فلسطين، هل لدى الوزارة رؤية واضحة لتحسين فرص العمل للفئات الشبابية والخريجين الجدد؟ وكيف سيتم تنفيذ هذه الرؤية؟

الوزارة تعتمد رؤية استراتيجية واضحة تستهدف تقليل معدلات البطالة التي تصل إلى 39% بين الشباب والخريجين، عبر:

- دعم ريادة الأعمال وتشجيع التشغيل الذاتي من خلال برامج مثل "الوصول إلى سوق العمل Palm 2" " ومشاريع التشغيل الذاتي.
- تنفيذ مشاريع تشغيل مباشر بالتعاون مع الشركاء، مع تبني استراتيجيات متكاملة تدعم تشغيل الفئات الضعيفة.
- تعزيز التعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية لتطوير برامج تدريبية متخصصة تتماشى مع احتياجات سوق العمل.

 نظام حماية اجتماعية شامل

*كيف تعمل الوزارة على تطوير برامج الحماية الاجتماعية للعمال، بما في ذلك التأمينات الصحية والتقاعدية؟ وهل هناك خطط لتوسيع هذه البرامج في المستقبل؟

إن تطوير نظام حماية اجتماعية شامل يُعد أولوية قصوى، حيث تعمل الوزارة على:

- التحول من المعونات الطارئة إلى نظام حماية اجتماعية دائم يعزز العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
- رفع الحد الأدنى للأجور (من 1450 شيقلا إلى 1880 شيقلا) وتحديثه بما يضمن حماية الحقوق الاقتصادية للعمال.
- توفير التأمين الصحي للعاطلين عن العمل عبر آليات مخصصة، بالإضافة إلى دعم العاملين ضمن برامج التأمين الصحي الشامل.

 تطوير سوق العمل الرقمي

*هل لدى الوزارة استراتيجيات حالية أو مستقبلية لتطوير سوق العمل الرقمي والتكنولوجيا في فلسطين؟ وكيف يمكن لهذه الخطط أن تساهم في خلق فرص عمل جديدة؟

هناك تخطيط لتطوير برامج تدريبية جديدة تتماشى مع متطلبات العصر الرقمي، حيث تم إعداد مشروع PEPبدعم من ENABEL، والذي يتضمن:

- تدريبا في مجالات الخضرنة وإعادة تأهيل المشاغل.
- برامج تدريبية في مراكز التدريب المهني تشمل مجالات إعادة تدوير النفايات، الأبنية الذكية، السيارات الهجينة والكهربائية، المنازل الخضراء، وأنظمة الإعلام الرقمي.

 ضمان المساواة في فرص العمل

*ما الخطوات التي تتخذها الوزارة حالياً لضمان المساواة في فرص العمل بين جميع فئات المجتمع، بمن في ذلك النساء وذوو الاحتياجات الخاصة؟ وهل هناك خطط مستقبلية لتعزيز هذه المساواة؟

الوزارة تعمل على:

- تحليل سياسات العمل وتأثيرها على تمكين النساء، من خلال مراقبة نسب العمل بدوام كامل وجزئي، وتوفير سياسات العمل المرن مثل العمل من المنزل.
- إعداد وتحديث مؤشرات النوع الاجتماعي في قطاع العمل، بما يشمل تحليل الفجوة في الأجور، العمل غير المدفوع، وأنماط العمل المختلفة.
- تطوير منصة إلكترونية لتسهيل التشبيك بين أصحاب العمل والباحثين عن فرص عمل.
-تعزيز الحوار مع مؤسسات المجتمع المدني لتفعيل سياسات مكافحة التمييز والتحرش.

 تعزيز البرامج التدريبية والمهنية

*ما البرامج الحالية التي تديرها الوزارة لتعزيز التدريب المهني والتقني؟ وكيف تخطط الوزارة لتوسيع هذه البرامج في المستقبل لزيادة مهارات العمال؟

الوزارة تدير عدداً من البرامج التدريبية، من أبرزها:

- برنامج تعزيز مهارات الشباب في قطاع الغذاء والزراعة بدعم من منظمة الأغذية والزراعة (FAO).
- برنامج تميز بدعم من منتدى شارك الشبابي.
- برنامج أيادي:الذي يستهدف خريجي التدريب المهني والجامعات، ويقدم تدريباً مدفوع الأجر وتأهيلاً فنياً وريادياً.
- كما يتم العمل على تطوير البرامج التدريبية الصباحية في مراكز التدريب المهني، بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل الحديثة.

 التعامل مع تحديات القطاع غير الرسمي

*كيف تتعامل الوزارة مع التحديات المتعلقة بالعمالة في القطاع غير الرسمي؟ وهل هناك خطط لتنظيم هذا القطاع وجعله أكثر أماناً واستدامة؟
الوزارة، من خلال الإدارة العامة للتفتيش وحماية العمل، تعمل على:

- توعية العاملين وأصحاب المنشآت في القطاع غير الرسمي بأهمية الالتزام بالقانون، رغم ضعف الإمكانيات المادية والتنظيمية لهذه المنشآت.
- تشجيع العمال على الانضمام إلى لجان عمالية، وتقديم إرشادات تساعد في تقليل الآثار السلبية للظروف الاقتصادية الصعبة.
- زيادة الزيارات التفتيشية لتقييم ظروف العمل، وإصدار التوجيهات اللازمة لتحسين بيئة العمل تدريجياً وفقاً لأحكام القانون.

 مراجعة وتحديث القوانين والتشريعات العمالية

*هل لدى الوزارة خطط لمراجعة أو تحديث القوانين والتشريعات المتعلقة بالعمل في فلسطين لضمان حماية أفضل لحقوق العمال؟ وما هي أهم الأولويات في هذا السياق؟

إن عملية تحديث البنية التشريعية تُعد من الأولويات، وقد بدأت الوزارة في تعديل قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000، للتعامل مع الثغرات القانونية وتكييفه مع التطورات الحديثة مثل أنماط العمل الرقمية والعمل عن بعد، مع مراعاة اتفاقيات العمل الدولية والعربية.

 خسارة 1.5 مليار شيقل شهرياً

*ما تقييمكم للوضع الحالي للعمال الفلسطينيين في الضفة الغربية والذين يعملون داخل إسرائيل؟ وكيف ترى الوزارة التحديات التي يواجهونها على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي؟

إن تسريح ما يقارب 200 ألف عامل فلسطيني من سوق العمل الإسرائيلي أثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني، حيث ساهم ذلك في ارتفاع معدلات البطالة والفقر (بنسبة تصل إلى 51%) وفقدان تدفق مالي شهري يقارب 1.5 مليار شيكل. وأوضحت أن:

تم منح العمال شهادة التعطل عن عمل للاستفادة من التأمين الصحي المجاني.
تُنفذ الوزارة برامج ومشاريع لإعادة دمج هؤلاء العمال في السوق المحلي، بالتعاون مع الإدارة العامة لتنظيم العمل الخارجي والشركاء المعنيين.

 دمج العمال في السوق المحلي

*في ظل منع العمال الفلسطينيين من العمل داخل إسرائيل بسبب الحرب وغياب أي تعويض يذكر لهم، ما هي خطط وزارة العمل لمعالجة هذه الأزمة؟ وهل هناك جهود لتقديم حلول أو بدائل تضمن حماية حقوق هؤلاء العمال وتوفير مصادر دخل بديلة لهم؟
الوزارة تعمل على دمج هؤلاء العمال في السوق المحلي عبر:

- إطلاق مشروع بادر الذي يهدف إلى خلق فرص عمل جديدة وتحسين الدخل، حيث يتم تقديم منح مالية تصل إلى 60 ألف شيقل مع فترة سماح وسداد تصل إلى 6 أشهر وبفائدة صفرية، ليستفيد منها حوالي 500 عامل.
- إعادة تسجيل الحالة العملية للعمال ضمن نظام معلومات سوق العمل لتمكينهم من الحصول على شهادة التعطل عن عمل للاستفادة من التأمين الصحي المجاني.
- توفير التأمين الصحي المجاني وإعفاء أولياء أمورهم من رسوم الأقساط المدرسية، بالإضافة إلى صرف مبالغ نقدية تصل إلى 19 مليون شيقل للمستفيدين من عمال غزة العالقين في الضفة.

 تعاون مع جمعيات حقوقية وقانونية

*ما الجهود التي تبذلها الوزارة لحماية حقوق العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر خاصة فيما يتعلق بأجورهم وحقوقهم الاجتماعية؟

- الوزارة تتعاون مع جمعيات حقوقية وقانونية، مثل جمعية "عنوان العامل"، التي تقدم خدمات قانونية يوم السبت، كما يتم رفع شكاوى لدى منظمة العمل الدولية والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين للمطالبة بحقوق العمال وحمايتها ضد انتهاكات الاحتلال.

- الإدارة العامة للتعاون الدولي والمشاريع تشارك بفعالية في الاجتماعات الرسمية مع المؤسسات الدولية والإقليمية، حيث تُعرض قضايا دعم العمال وحماية حقوقهم في مؤتمرات العمل العربي والدولي. كما يتم إعداد تقارير مفصلة عن الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الفلسطينيون، لتُرفع إلى الجهات الدولية المختصة مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية.

 تقليل الاعتماد على سوق العمل الإسرائيلي

*مع وجود آلاف الفلسطينيين الذين يعتمدون على العمل داخل إسرائيل كمصدر دخل رئيسي، هل تفكر الوزارة في تطوير بدائل محلية ومستدامة لتقليل اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على سوق العمل الإسرائيلي؟
تسعى الوزارة جاهدة لتقليل الاعتماد على سوق العمل الإسرائيلي عبر:

- إطلاق برامج تشغيل طارئة بالتعاون مع القطاع الخاص.
- توقيع مذكرات ثنائية مع بعض الدول العربية لتوفير أسواق عمل بديلة بنظام الإعارة وليس التهجير.
- العمل على إقرار قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني وإنشاء ملاحق عماليين في السفارات الفلسطينية بالخارج لتعزيز الدعم المالي والاقتصادي للعاملين.

 التحديات الرئيسية في تحسين ظروف العمل

*ما التحديات الرئيسية التي تواجه الوزارة في تحسين ظروف العمل في فلسطين، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة؟

هناك عدة تحديات رئيسية، منها:

- ضعف نسبة المفتشين مقارنةً بالعمال (بحسب معايير منظمة العمل الدولية، يوجد مفتش واحد لكل 10,000 عامل).
- نقص التدريب المطلوب ونقص الوعي القانوني بين العمال وأصحاب العمل.
- تدني المستوى الثقافي وانتشار الجهل بحقوق العمال والقوانين العمالية.

 تمكين المرأة الفلسطينية في سوق العمل

*ما الدور الذي تلعبه وزارة العمل في تمكين المرأة الفلسطينية في سوق العمل؟ وكيف يتم معالجة التحديات التي تواجه النساء العاملات؟

الوزارة تولي اهتماماً بالغاً بتمكين المرأة الفلسطينية، من خلال عدة إجراءات، منها:

- إدراج قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بالنوع الاجتماعي ضمن خطط وبرامج الوزارة.
- إعداد أوراق مراجعة لمسودات قوانين العمل والضمان الاجتماعي من منظور النوع الاجتماعي.
- تضمين الاتفاقيات الدولية الخاصة بحظر العنف والتحرش في بيئة العمل ضمن تعديلات قانون العمل.
- تنفيذ برامج تدريبية متخصصة لزيادة فرص النساء في الحصول على وظائف ملائمة وتعزيز مشاركتهن في ريادة الأعمال.
- تقديم الارشاد والتوجيه القانوني للنساء العاملات، مع إطلاق حملات توعية للمجتمع وأصحاب العمل حول أهمية المساواة بين الجنسين في بيئة العمل.
- دعم الدراسات والأبحاث لمتابعة وضع المرأة في سوق العمل ووضع خطط تضمن فرص عمل متساوية وتحقيق العدالة الاجتماعية.