صدى نيوز - أجرى باتريك هيلي نائب رئيس تحرير مقالات الرأي بصحيفة نيويورك تايمز حوارا مع الكاتب الأميركي توماس فريدمان عبر قناته للبث الصوتي الرقمي (بودكاست)، تناول فيه نهج الرئيس دونالد ترامب غير المتوقع في معالجة قضايا السياسة الخارجية.

ونشرت الصحيفة نصا مكتوبا للحوار المطول ضمن سلسلة أسبوعية من برنامج "ذا أوبنيونز" (الآراء)، تتناول كيفية استخدام ترامب السلطة وسعيه لتغيير الولايات المتحدة في أول 100 يوم منذ توليه مقاليد الأمور في البيت الأبيض.

وبدا فريدمان، في المقابلة، غير متفائل من الطريقة التي ينتهجها الرئيس الأميركي في تعامله مع قضايا مثل الحرب في أوكرانيا، وخطته لتهجير الفلسطينيين، ووصفه بأنه شخص يسعى إلى أن يصبح رئيسا مدى الحياة، زاعما أنه يرغب في تقليد زعماء مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

صراع الأقوياء

وعلّق مقدم البرنامج باتريك هيلي على هذا النقطة، زاعما أن ترامب ينظر إلى هؤلاء على أنهم الرجال الأقوياء في عالم يغص بالمجتمعات الضعيفة والأشخاص الضعفاء، مضيفا أنه يرى العالم في الأساس على أنه متاح للاستحواذ عليه، وتقاسمه بين الأقوياء.

واعتبر فريدمان، من جانبه، أن ما ذهب إليه محاوره بأنه وصف عادل للطريقة التي ينظر بها الرئيس الأميركي إلى العالم الذي ينظر إليه على أنه "قسم للبيع بالتجزئة في برج ترامب".

وقال إننا سنفتقد تلك الفترة الطويلة نسبيا التي ظل العالم ينعم فيها بالسلام والازدهار منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وساد فيها الاستقرار رغم أنها تخللتها حروب، ولكنها ليست كتلك التي تقلب حياة الجميع رأسا على عقب.

وقال إنه ضاق ذرعا إلى حد ما بالسياسة في بلاده، وشن هجوما عنيفا على أداء مجلسي الشيوخ والنواب (الكونغرس) اللذين يسيطر عليهما الجمهوريون.

قضية فلسطين

وعن خطة ترامب بشأن قطاع غزة، تساءل كاتب العمود الشهير في صحيفة نيويورك تايمز عن الأسباب التي تجعل الناس لا يزالون يتحدثون عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعن لماذا لا يزال هناك لاجئون فلسطينيون بعد مرور 75 عاما على تأسيس إسرائيل؟

وتساءل أيضا عن أسلوب ترامب في التعامل مع الحرب الروسية في أوكرانيا. واستطرد قائلا: إن الرئيس الأميركي رجل يثير القلق، ومبعث ذلك أنه يجنح إلى تصديق الرئيس الروسي بوتين في كل ما يقوله.

ووصف ما قام به بوتين في أوكرانيا بأنه كان "خطوة غبية"، فقد ظن أنه سيدخل ويخرج من كييف في غضون أسابيع قليلة وينصب حكومة جديدة. لقد فهم الأمر خطأً تماما ولم يكن يتعين عليه أن يخطئ بذلك القدر، ومع ذلك فقد أخطأ لأنه لم يكن على دراية وقد ضُلل بمعلومات خاطئة.

لكن لماذا يلقي له ترامب طوق النجاة؟ وما الذي يخطط له إذن؟ يجيب فريدمان عن السؤالين: إن ترامب يعمل على 3 مستويات مختلفة، أولها عدم الإلمام بتفاصيل المواضيع المطروحة.

وثانيا: إن الرئيس الأميركي يشعر بتقارب ثقافي معين مع بوتين لا يشعر به تأكيدا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وفق متابعة صدى نيوز. أما على المستوى الجيو اقتصادي، فإن فريدمان يعتقد أن إستراتيجية ترامب في أوكرانيا تتمحور حول انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بعد عامين من الآن.

مسؤولية دولية

وأوضح أن ترامب يظن أنه إذا نجح في إنهاء هذه الحرب ورفع العقوبات عن روسيا، فإن النفط الروسي سيُغرِق السوق العالمية، ومن ثم ستنخفض أسعار البنزين.

ومضى يقول: إن ترامب يرى الاتحاد الأوروبي ككتلة تجارية يمكن أن تمارس نفوذا على الولايات المتحدة أكثر مما يريد. "لذا فهو يرغب في تفكيكه ثم التفاوض مع كل دولة على حدة".

واستخدم فريدمان -المقرب جدا من إسرائيل- وصفا جديدا عندما تحدث عن القضية الفلسطينية، واجترح مصطلحا جديدا هو الصراع حول الضفة الغربية. وقال، في ذلك موجها حديثه للمحاور، "لنأخذ صراعا أعرف كثيرا عنه، وهو صراع الضفة الغربية".

وقفز إلى الحديث عن مساعدات الاتحاد الأوروبي، معتبرا إياها الرافدَ الذي يُبقي السلطة الفلسطينية تعمل أساسا، "فإذا انهارت (هذه السلطة) فسيتعين على إسرائيل عندئذ أن تدير فعلا جميع الشؤون المدنية والإدارية في الضفة الغربية".

وتابع أن الاتحاد الأوروبي ينفذ مشاريع في جميع أنحاء العالم لها الفضل في استقرار القارة، مشيرا إلى أن ما يقلقه هو أن ترامب لا يفكر في هذه الأمور من هذه الزاوية على الإطلاق.

وكشف فريدمان عن أنه ضاق ذرعا إلى حد ما بالسياسة عندما يتعلق الأمر بالمنهجية التي يتعامل بها ترامب على الأقل حتى موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، لأن مجلسي الشيوخ والنواب والمحكمة العليا ومنظومته الإعلامية كلها تقف في صفه.

وزعم أن ترامب محاط بأشخاص مطيعين في كل المؤسسات، وهم خائفون "وهذا جنون حقا".

وقال إنه يراهن الآن بالكامل مع الحقائق العلمية التجريبية، مؤكدا أن الرئيس الأميركي لا يمكنه ترحيل 2.2 مليون فلسطيني من غزة، ولن يستطيع دفع أوكرانيا نحو الاستسلام لروسيا.

وأردف: إن إحدى حقائق علم الفيزياء أن "صناعة السيارات لدينا لا يمكنها البقاء في عالم تُفرض فيه رسوم جمركية على مكونات الصلب التي تحتاجها بنسبة 25%، مع إلغاء حوافز السيارات الكهربائية أساسا".

وأوجز حديثه في عبارة موحية عندما قال إن "ترامب هو من يقود، ونحن جميعا نجلس في المقعد الخلفي، وأعتقد أنه يتجه نحو الجدار".

المصدر: نيويورك تايمز