فاجأ الرئيس محمود عباس عن نيته تعيين نائب لرئيس منظمة التحرير ونائب لرئيس دولة فلسطين الوفود الحاضرة للقمة ومنها الوفد الفلسطيني واثار تساؤلات عديدة عن مضمون الاعلان ومالاته، كنا قد اشرنا في مقال سابق تحت عنوان ماذا بعد الاعلان الدستوري ان الرئيس يسعى للفصل ما بين المناصب الثلاثة التي يحوزها، وكنا قد توقعنا ان يقوم بدعوة المجلس الوطني للانعقاد لانتخاب اعضاء لجنة تنفيذية جدد وبالتالي نائب للرئيس بحكم الاعلان المذكور. علينا الانتباه الى جملة من المسائل:

1. ان الاعلان من الواضح انه جاء بضغوط عربية ودولية خاصة من مصر والامارات والاردن والسعودية وبكل تاكيد من الاتحاد الاوروبي وامريكا.

2. ان الاعلان عن تعيين نائب للرئيس تحتاج الى تعديل تشريعي على النظام الاساسي لمنظمة التحرير، بحيث يحدد التعديل مفهوم النائب ومتطلبات ذلك من النواحي الاجرائية ومن ناحية الاختصاصات.والفصل ما بينه وبين نائب الرئيس لدولة فلسطين ورئيس السلطة الوطنية بحكم وجود القانون الاساسي الذي رسم صلاحيات رئيس السلطة وما نتج عن الاعلان الدستوري

3. ان الاعلان الصادر عن الرئيس يعني ان موضوع الخليفة للرئيس بصفته رئيس للسلطة الوطنية قد حسمه الاعلان الدستوري وبالتالي فلقد رسم الاعلان الدستوري من سيكون القائم باعمال الرئيس في حال شغور المنصب وهو رئيس المجلس الوطني وبهذه الحالة سيكون السيد روحي فتوح ان بقية رئيسا للمجلس الوطني بعد اجتماع المجلس المركزي الذي اعلن عنه الرئيس.

4. يظهر جليا ان الرئيس بالاعلان الصادر عنه اوضح ان زمن امتلاك شخص واحد لثلاث مناصب قد ولى، وان الحديث عن نائب لرئيس منظمة التحرير ونائب لرئيس دولة فلسطين، حيث لم يأتي على ذكر موضوع رئاسة السلطة في حال شغور المنصب لان موضوعه قد حسمه الاعلان الدستوري، الا اذا بالطبع هناك رغبة سياسية باصدار اعلان دستوري جديد يعدل السابق او يلغيه.

5. هناك من يبذل جهد متسارع لتشكيل المشهد السياسي قبل الافراج عن الاخ مروان البرغوثي بحيث يخرج مروان وقد تم انتخاب نائب لرئيس منظمة التحرير ونائب لرئيس دولة فلسطين وكيفية اختيار رئيس السلطة الوطنية وبالتالي فان هناك من يعتقد ان تسريع الوتيرة يقطع الطريق على فرص مروان في ان يكون على رأس المنظومة السياسية الفلسطينية خاصة وانه يحوز على اجماع وطني وعربي وقبول دولي على دوره المرتقب خاصة وان هناك فرصة لاطلاق سراحه ضمن صفقة التبادل.

يمكن لنا رصد الخيارات كلها بناء على التركيبة التي سيخرج بها المجلس المركزي عند انتخاب اعضاء اللجنة التنفيذية الجدد، كما انه من المهم ان تختار حركة فتح ممثليها في اللجنة التنفيذية بناء على قرار لجنتها المركزية، خاصة وان حركة فتح تتجه نحو اضافة 5 اعضاء للجنة المركزية قريبا وان كان هناك وضوح ان الرئيس ما زال يملك زمام القرار في مؤسسات منظمة التحرير وحركة فتح والسلطة ، الا ان هذه المرحلة التي نحن امامها ستكون المنافسة والتوازنات فيها مختلفة لان هناك تأثير عربي ودولى على طبيعة القرار وبكل تاكيد امريكي ومن وراءه الاسرائيلي.

يبقى السؤال من هم الاكثر حظا في التنافس على المنصب و/او المنصبين المشار اليهما،هناك اكثر من اسم مطروح للمنافسه حيث تبرز اسماء عديدة، العديد يحسم الامر نحو الاخ حسين الشيخ، بصفته الاكثر نفوذا وانفتاحا في العلاقات مع الجانب الامريكي الاسرائيلي والسعودية وعدد من دول العربية والاجنبية، حيث تردد ان هناك قبول لنهجه وطريقة ادارته للملفات، يبقى السؤال، هل حركة فتح سترشح الاخ حسين مرة اخرى ليكون عضو لجنة تنفيذية في الانتخابات القادمة، وهل سيكون هناك اجماع عليه من حركة فتح ان تم انضمام ممثلين جدد عن حركة فتح الى اللجنة التنفيذية، كالاخ محمود العالول او الاخ روحي فتوح مثلا، وهل سيبقى الاخ روحي فتوح رئيس المجلس الوطني ام سيتم انتخاب رئيس جديد لرئاسة المجلس الوطني والذي سيصبح في حال شغور منصب رئيس السلطة الوطنية لاي سبب هو رئيس السلطة الوطنية؟

هناك من يعتقد ان نائب الرئيس يجب ان يكون من قطاع غزة، وهناك عدد من الاسماء في دائرة الضوء مثل الدكتور مجدي الخالدي والذي يعتبر مقرب جدا من الرئيس ومصدر ثقته، وبالتالي هل سيتم انتخابه كعضو لجنة تنفيذية مثلا عن المستقليين وبالتالي من الممكن ان يصبح نائب للرئيس بصفته رئيسا لمنظمة التحرير، كذلك فان عضو الللجنة المركزية الدكتور صبري صيدم يرى ان لديه فرصة، ويعتقد البعض ان الدكتور زياد ابو عمرو هو الاقرب للرئيس ومن الممكن ان يحصل على هذه المكانه.وماذا عن دحلان وناصر القدوة ودورهما في المرحلة القادمة؟يبقى السؤال هل ستمسح حركة فتح بان يكون نائب الرئيس من غير حركة فتح؟ ام ان قرار حركة فتح مرهون بالتوازنات العربية والمطالب الدولية؟ وبالتالي فانها ستكون اضعف من ان تقرر ذلك امام هذه الضغوط الهائلة؟

العديد من المراقبين يجدون بالدكتور محمد مصطفى الاوفر حظا في ان يكون نائب لرئيس منظمة التحرير حيث انه حقق استقرار نسبي في ادارته للحكومة وحقق استقرار مع الاتحاد الاوروبي وقام بخطوات اصلاحية ذهبت بعيدا في العديد من الملفات حيث انه يدير الحكومة بطريقة مركزية بحيث يدير مكتبه كافة التفاصيل مما ادى الى تقليل الانتقاد ولم تدخل حكومته اي ازمة حقيقة مع اي من النقابات ومؤسسات المجتمع المدني وهو عضو لجنة تنفيذية ويحظى بثقة الرئيس.

 اما الاخ محمود العالول فهو يمارس عمله كنائب لرئيس حركة فتح منذ فترة طويلة وما زال دون اي منافسه او ازمات مع اي جهة سواء محلية او دولية وبالتالي فان تقدم للمنافسه على منصب نائب رئيس منظمة التحرير يصبح اكثر واقعيا بصفته يمثل حركة فتح.

اما الدكتور رامي الحمدلله فهو قد يعود الى الواجهة خاصة وان لديه احترام واسع في الاقليم ولديه قبول وثقة من الرئيس، فان لم يكن ممن ينافسون على المنصب قد يكون الرئيس القادم للمجلس الوطني بحكم رمزية واهمية الموقع بعد الاعلان الدستوري.

ان بنك الاسماء بكل تاكيد لن يغيب عنها الدكتور سلام فياض حيث ان الرئيس طالما ابدى انفتاح لاجراء مصالحه مع تيار الاخ محمد دحلان والاخ ناصر القدوة فمن المرجح ان يكون هناك امكانية لان يكون للدكتور سلام فياض دورا من خلال منظمة التحرير، خاصة وان هناك ارادة عربية بضرورة ان يكون للدكتور سلام دورا في المرحلة القادمة حسب ما يتردد باوساط عديدة.فهل سيتوافق الاقليم على دور للدكتور سلام بالتنسيق مع محمد دحلان وبموافقة من الرئيس؟ ام ان الاقليم سيقبل بحكومة الدكتور محمد مصطفى لتقوم بالدور المنوط بالتحولات الدقيقة والاستثانئية بعد التعديل عليها وتوسيع طبيعة الوزراء فيها و/او تقليص عدد اعضائها؟

في كل الاحوال نرى انه قد يتم اجراء تعديل واسع على الحكومة برئاسة الدكتور محمد مصطفى سيما وان اللجنة الادارية ان وافقت عليها امريكا والدول العربية سيعني اننا امام تركيبة سياسية جديدة في قطاع غزة وتحتاج الى تعريف جديد في ادارة ملف القطاع.

ان كل ما اوردناه هو من باب التكهنات السياسية وفقا للمعطيات، وينسجم مع حجم التغييرات القادمة على تركيبة اللجنة المركزية وما يحصل من تعديل على رئاسة الاجهزة الامنية . نحن امام لجنة ادارية جديدة في قطاع غزة تخضع من الناحية الادارية للحكومة ونحن امام فصل لرئاسة السلطة عن منظمة التحرير وتعيين نائب لرئيس منظمة التحرير ونائب لرئيس دولة فلسطين، ويبقى السؤال الاساس، هل تعالج هذه الاستحداثات ازمة النظام السياسي الفلسطيني؟ ام سنكون امام واقع سياسي اكثر تعقيدا وخطورة على المنظومة الوطنية برمتها؟ خاصة في ظل الحديث عن تهجير شعبنا من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية!