صدى نيوز - صادقت الحكومة الإسرائيلية، ليل الخميس - الجمعة، على إقالة رئيس جهاز الأمن الإسرائيليّ العامّ ("الشاباك")، موافِقة بذلك على قرار قدّمه رئيسها بنيامين نتنياهو.

وتظاهر آلاف الإسرائيليين، مساء الخميس، بالقرب من مقر إقامة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في مدينة القدس المحتلة، للمطالبة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ورفضا لاستمرار الحرب على غزة، واعتراضا على محاولات إقالة رئيس الشاباك، رونين بار، والمستشارة القضائية، غالي بهراف-ميارا.

وتبحث الحكومة الإسرائيلية، إمكانية أن يترك بار مهامّ منصبه، يوم الجمعة المقبل، الموافق 28 آذار/ مارس، وذلك عقب الرسالة التي بعث بها، والتي انتقد فيها بشدة الاتهامات الموجهة إليه.

وبالتزامن مع الاحتجاجات، بدأ اجتماع الحكومة الإسرائيلية، مساء الخميس، للتوصيت على إقالة بار، الذي لم يحضر الاجتماع، غير أنه بعث برسالة رسمية، وجّه من خلالها انتقادات لاذعة لنتنياهو، على رأسها أن الأخير قد قرّر إقالته، بهدف منع التحقيق في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ويأتي ذلك فيما حذّر الرئيس الأسبق للمحكمة الإسرائيلية العليا، القاضي المتقاعد أهارون باراك، من أن إسرائيل قد تنزلق نحو حرب أهليّة، وذلك في تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام إسرائيلية، مساء الخميس.

وشهدت الاحتجاجات التي تتواصل لليوم الثاني على التوالي، مواجهات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة، التي حاولت قمع المظاهرة وتفريقها بالقوة؛ كما عمدت إلى تكسير نوافذ بعض المركبات التي شارك مستقلّوها بالمظاهرة.

وأظهرت العديد من المقاطع المصوّرة، عناصر من الشرطة الاسرائيلية يحطمون زجاج سيارات متوقفة في التظاهرة التي شارك فيها آلالاف ضد إقالة رئيس "الشاباك"، وللمطالبة بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل شاملة.

وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان، إن "المركبات أغلقت التقاطع تمامًا، وعرّضت مستخدمي الطريق للخطر، وحبس ركاب المركبة أنفسهم داخلها ورفضوا مغادرة التقاطع، رغم طلبات الشرطة المتكررة، خلافًا للقانون".

وأضافت أنه "حتى بعد إبلاغهم باعتقالهم، رفضوا فتح الباب أو تحريك المركبة، ولذلك، وبعد تحذيرات إضافية، اضطرت الشرطة إلى كسر بعض النوافذ لأداء واجباتها بشكل قانوني".

وفي رسالته التي بعث بها إلى نتنياهو، قال بار، شارحا سبب عدم حضوره الاجتماع، إن "الردّ الجوهريّ على مثل هذه الادعاءات يتطلب عملية منظمة، تتضمّن تقديم الوثائق ذات الصلة، وليس عملية تبدو مُدبّرة ونتائجها محددة مسبقًا".

وتطرّق بار إلى أسباب إقالته، وقال إن هذه "ادعاءات لا أساس لها، تُبنى على مصالح شخصّية، وتمنع كشف الحقيقة؛ سواءً في ما يتعلق بالأحداث التي أدت إلى (هجوم السابع من أكتوبر)، أو بالحوادث الخطيرة التي يحقق فيها الشاباك حاليًا".

وقال بار في رسالته "أُعلن مساء أمس أن الحكومة، ستجتمع اليوم (الخميس)، لبحث إنهاء ولايتي كرئيس لجهاز الأمن العامّ، وهذا اجتماع عُقد على عجل، خلافا لكل قاعدة قانونيّة أساسيّة، تتعلق بالحقّ في جلسة استماع، وخلافا لموقف المستشارة القضائية للحكومة".

وأضاف "بصفتي شخصا، خدم ​​أمن الدولة لأكثر من 35 عاما، وأُكن احتراما كبيرا لمؤسساتها، ولسيادة القانون، أودّ أن أوضح منذ البداية، أن قراري بعدم حضور اجتماع الحكومة، ينبع فقط من فهمي أن هذا النقاش، لا يتوافق مع أحكام القانون، والقواعد المتعلقة بإنهاء خدمة أي موظف، ناهيك عمّن يشغل منصبا رفيعا، وبخاصة منصب رئيس الشاباك".

وتابع "أعتقد أن القرار الذي يشكل سابقة هامة في ما يتعلق بفصلي من منصبي، بعد أن أعلنت بالفعل أنني لا أنوي إنهاء منصبي في التاريخ المحدد، يجب أن يستند إلى حجج مفصّلة وواضحة، بما في ذلك أمثلة تُقدَّم لي والتي سأكون قادرًا على الرجوع إليها، بما في ذلك من خلال تقديم الوثائق ذات الصلة، وبعد إعطاء الوقت الكافي لذلك".

وذكر أنه "من المؤسف أن القرار المقترَح، بالطريقة التي صيغ بها، يتضمن ادعاءات عامة وموجزة، وغير مبرّرة، ولا تسمح لي بصياغة رد ّمنظم، ويبدو أنها تخفي الدوافع الكامنة وراء نية إنهاء ولايتي؛ وأود أن أشير إلى أنه حتى في المحادثة الأوليّة مع رئيس الحكومة، وعلى الرغم من طلبي، لم يتم تقديم أي أمثلة".

وأضاف أنه "في ظل هذه الظروف، لا أستطيع هنا أن أتناول الادعاءات الواردة في القرار المقترح، والذي جاء بوضوح من أجل هذه العملية، والتي لم يتم ذكر معظمها في محادثاتي مع رئيس الحكومة، وليس من قبيل المصادفة أنه لا يوجد مثال واحد يدعمها".

وذكر بار أن "النظر بشكل جوهري في مثل هذه المطالبات، يتطلب عملية منظمة، بما في ذلك تقديم الوثائق ذات الصلة، وليس عملية تكون نتيجتها مُحدَّدة مسبقًا".

وشدّد بالقول "على أية حال، هذه ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وليست أكثر من غطاء لدوافع مختلفة تمامًا، وأجنبية، وغير صالحة أساسًا، تهدف إلى تعطيل قدرة جهاز الشاباك على أداء دوره في الدولة، وفقًا للقانون ولصالح مواطني إسرائيل، وليس في إطار الإجراء المتعلق بالرغبة في إنهاء ولايتي، والذي آمل أن يتم بشكل قانونيّ".

وقال إن "مسارات تحقيق مهمة تجري حاليًّا، وإن تقويضها من خلال محاولة عزل متسرعة ومفاجئة، مدعومة بأسباب لا أساس لها من الصحة، هو أمر غارق تماما في اعتبارات خارجية وصراع مصالح شخصيّ، لا يمكن أن يكون أكثر خطورة".

وأضاف أن "إقالة رئيس الجهاز في هذا الوقت، بمبادرة من رئيس الحكومة، ترسل رسالة إلى جميع المعنيين، وهي رسالة قد تعرّض النتيجة المثالية للتحقيق للخطر؛ وهذا يشكل خطرا مباشرا على أمن دولة إسرائيل".

ولفت إلى أنه "علاوة على ذلك، فإن عرض موقف الجهاز بشأن الحاجة الأمنية إلى تحقيق شامل ومعمّق ومستقل في أحداث السابع من أكتوبر، والخطوات التي سبقتها، والذي يُفهم في القرار المقترح كسبب لإنهاء مهمة الجهاز، هو جزء من واجبات الجهاز، وفي ما يتعلق بهذه القضية أيضا، فالأمر لا يتعلق بانعدام الثقة، بل بمفهوم غريب عن الولاء الشخصي".

وشدّد بار على أنّ "الحاجة الوطنية الملحّة لمثل هذا التحقيق، لا يمكن أن تخضع للاعتبارات الشخصية للأشخاص المعنيين بالأمر، لأنه السبيل الوحيد لضمان عدم حدوث مثل هذا الفشل المتعددّ، مرّة أخرى".

وأضاف "على عكس ما يُزعم، فمنذ أن تولّيت منصبي، وبخاصة منذ بداية الحرب على الجبهات المختلفة، كان هناك تعاون مكثّف وفعّال بين الجهاز (الشاباك)، تحت قيادتي، ورئيس الحكومة، مما يؤدّي إلى نتائج مهمّة في إحباط الإرهاب، وتعزيز أهداف الحرب، وقد أكد رئيس الحكومة على هذا الأمر في مناسبات عدّة، بما في ذلك في تصريحات علنيّة".

وذكر بار أن الشاباك "يعمل على تنفيذ السياسة التي حددتها القيادة السياسية، وسيستمرّ في ذلك؛ ولكن للأسف فإن وزراء الحكومة، غير معنيين بمعظم هذا الأمر، وذلك بعد توجيه رئيس الحكومة، الذي منعني من عقد اجتماعات مع الوزراء خلال العام الماضي، وهو توجيه من المشكوك في ما إذا كان له أساس قانونيّ".

وتابع "ولذلك فوجئت بقراءة في مشروع القرار، حجّة مفادها أن انعدام الثقة بين رئيس الحكومة، ورئيس الشاباك، يضرّ بقدرة الجهاز على أداء مهمته؛ وفي هذا السياق، من المناسب تقديم أمثلة، تؤكد هذا الادعاء، الذي لا أساس له من الصحة".

وشدّد بار على أن "ذلك يأتي في ظلّ الجهود المكثفة التي يبذلها جهاز الشاباك، وغير المسبوقة من حيث النطاق والقوةّ، لمكافحة الإرهاب، مع التركيز على فترة الحرب، بتوجيه من المستوى السياسيّ، وفي جميع القطاعات؛ سواء ضدّ التهديدات الإرهابية، أو ضدّ تهديدات التجسّس".

وقال رئيس الشاباك إن "عزل رئيس الموساد، وإبعادي عن قيادة المفاوضات، قد أضرّ بالفريق (المفاوض)، ولم يُسهم إطلاقًا في إطلاق سراح الرهائن".

وأضاف "بالتالي فإنّ ادعاء رئيس الحكومة في هذا السياق، لا أساس له من الصحة. سأُكرّر وأُؤكّد التزامي الشخصيّ، والتزام الجهاز، ببذل كل ما في وسعنا لإعادة الرهائن، أحياءً وأمواتًا، إلى إسرائيل، وبخاصةً في هذه الفرصة السانحة".

وذكر بار أن إسرائيل "تمرّ بمرحلة صعبة، ومعقّدة بشكل خاصّ، وهناك 59 رهينة لا يزالون في قلب قطاع غزة، وحماس لم تُهزم بعد، ونحن في خضمّ حرب متعددة الجبهات، واليد الإيرانية متغلغلة عميقا في الداخل (في إسرائيل)".

وقال إن "لكل من يتولى منصبا عاما، تقع عليه مسؤولية هائلة، ومن المدهش في هذا الوضع، أن تسعى الحكومة إلى اتخاذ خطوات، تؤدي نتائجها إلى إضعافها، داخليًّا، وضدّ أعدائها".

وأضاف أن "جهاز الشاباك عمومًا، وأنا رئيسه خصوصًا، سيعمل على أداء واجباته وفقًا للقانون، وقرارات الجهات القضائية المختصّة، كما هو الحال في دولة القانون، ولا أنوي الخروج عن هذا"، مشيرا إلى أنّ "الردّ الكامل والمفصّل سيُعرض على الادعاءات الناشئة عن القرار المقترَح، بالإضافة إلى دوافعه، على الهيئة التي سيُحدّدها، وفقًا لقرارات الجهات القضائيّة المختصّة".

وأصدر مكتب نتنياهو، بيانا حادّا يُعدّ الأشدّ لهجة، منذ الاتهامات بينهما، قال فيه، إن "الحكومة الإسرائيلية، التي تتولى مسؤولية جهاز الأمن العام (الشاباك)، فقدت الثقة في رونين بار، الذي لا يزال متمسّكا بمقعده، بينما يستغل عائلات المحتجزين، ويستغلّ منصبه سياسيًّا، بشكل غير لائق؛ لفبركة تحقيقات عقيمة، ولا أساس لها من الصحة".

وأضاف أن "فرصة التقاعد بشرف، قد أتيحت لبار، بعد فشله الذريع في السابع من أكتوبر، وكذلك لرئيس الأركان المنتهية ولايته (هرتسي هليفي)".

وأضاف أن "فرصة التقاعد بشرف، قد أتيحت لبار، بعد فشله الذريع في السابع من أكتوبر، وكذلك لرئيس الأركان المنتهية ولايته (هرتسي هليفي)".

وذكر أنه "كان يخشى الإجابة على سؤال واحد: لماذا بعد أن علمتَ بهجوم حماس قبل ساعات من وقوعه، لم تفعل شيئًا ولم تتصل برئيس الحكومة، وهو أمر كان من شأنه أن يمنع الكارثة؟".

المصدر: عرب 48