رام الله - صدى نيوز - اعترفت ميليشيا الحوثي الانقلابية، الاثنين، رسمياً بمقتل القيادي البارز ورئيس ما يسمى المجلس السياسي للانقلاب، صالح الصماد، في غارة جوية لمقاتلات التحالف استهدفته في الحديدة غرب اليمن.

وبإعلان الميليشيا الرسمي، يسقط أحد أبرز قادتها الذي جاء في المرتبة الثانية في قائمة الـ40 إرهابياً حوثياً، التي أعلنتها السعودية، ورصدت 20 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات تُفضي إلى القبض عليه أو تحديد مكان تواجده.

لكن من هو صالح الصماد؟

صالح الصماد، الذي يرأس كذلك المكتب السياسي للحوثيين، مثل جميع القيادات الحوثية المغمورة التي لم يكن أحد في اليمن يعرفها، وبرزت عقب انقلابهم المسلح بدعم إيراني على السلطة الشرعية أواخر 2014.

ولد عام 1973 في منطقة وادي صبر بمديرية سحار محافظة صعدة، معقلهم الرئيس أقصى شمال اليمن. هو موظف سابق في مكتب التربية والتعليم بصعدة. انضم للميليشيات ويعد من المؤسسين للحركة وله علاقات مع حزب الله وإيران.

يعتبر الصماد من الشخصيات القيادية للصف الأول للمليشيات، وقد ساعدها في التمدد والتوسع، وكانت له جهود كبيرة في تماسكها أثناء حروب صعدة السابقة، إضافة إلى أنه أسهم بجهود كبيرة في خدمة الميليشيات في أصعب الظروف أثناء حروب صعدة، واستطاع فتح قنوات تنسيق آنذاك مع قبائل صعدة المناوئين لها.

استطاع الصماد اختراق بعض القبائل، خاصة في مديريات ساقين وغمر وسحار والصفراء ورازح والظاهر ومجز، وقد كانت جهوده كبيرة جداً لخدمة الميليشيات وتسهيل تمددها في تلك الفترة التي كانت صعبة عليها.

بعد العام 2011 وسقوط مركز محافظة صعدة بيد الميليشيات، انتهت مهمة الصماد في تفكيك القبائل وعمل رئيساً للجانب الثقافي للميليشيات. أسهم كثيراً في تضليل الرأي العام من خلال أسلوبه القوي في الخطابة وتزوير الأحداث، وقد استغل الوضع غير المستقر في اليمن منذ العام 2011 وحتى 2014، وبتبني خطاب عقائدي خطير  يقدم الميليشيات في صورة إيجابية للرأي العام اليمني، ما مهد الأرض للميليشيات للتوغل باتجاه مناطق أخرى غير صعدة.

رئيس مجلس الانقلاب

في العام 2014، تم تكليفه رئيساً للمجلس السياسي للميليشيات خلفاً لصالح هبرة، لأن المرحلة كانت بحاجة إلى شخصية تجيد المناورة السياسية، فالميليشيات كانت تستغل الحوارات والتفاهمات للتمدد والسيطرة. واستطاع الصماد خدمتها كثيراً في تضليل الأطراف السياسية في اليمن لتخذيلها وعقد التحالفات مع بعض الأطراف.

تتوجت جهوده بالإضافة إلى يوسف الفيشي في إجراء التحالف بين الميليشيات وبين الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر، وكذلك مع قيادة حزب الإصلاح. كما استطاع نقل وفد رفيع من حزب الإصلاح إلى صعدة لمقابلة عبدالملك الحوثي.

كان يستخدم أسلوب المناورة والتحفيز ما بين حزبي المؤتمر والإصلاح حتى جعلهم يتسابقون لخدمة الميليشيات قبل عاصفة الحزم. وظل الصماد ما بعد سقوط صنعاء يلعب دوراً محورياً لتعزيز التحالف بين الميليشيات والمؤتمر، وكان بمثابة قناة تواصل وتفاهم مع الرئيس السابق. تتوجت جهوده بإقناع صالح بتعزيز التحالف مع الحوثيين وتشكيل المجلس السياسي بالشراكة مع المؤتمر. ونتيجة العلاقات القوية التي استطاع بناءها مع صالح، فقد حصل على الثقة المطلقة من الأخير الذي لم يتردد في رفض أي طلب للصماد.

يعتبر الصماد من القيادات الخطيرة في الميليشيات ويمتلك تأثيراً كبيراً جداً بين أوساطهم لأنه كان من الجناح المتطرف لها ويتخذ الأسلوب الديني منطلقاً لتعزيز حضوره وتعميق تأثيره في صفوف الميليشيات، إضافة إلى الخبرة التراكمية التي يمتلكها جراء تجاربه السابقة في إجراء الحوارات المفرغة. كما يجيد أسلوب التملص والهروب من الالتزامات، ما جعله القيادي الوحيد في ظل ميليشيات متطرفة يغلب على أعضائها وقياداتها الجهل المطبق. وبهذا كان يعتبر أقوى وأخطر قيادي على مستوى الميليشيات.

رئيس أول وفد حوثي رسمي يزور إيران

ترأس صالح الصماد أول وفد علني للحوثيين يزور إيران مطلع آذار/مارس 2015، بعد استكمال انقلابهم على السلطة الشرعية بالإعلان الدستوري، ووقع خلال زيارته اتفاقيات تتولى طهران من خلالها دعم سلطة الحوثيين، وفتح رحلات مباشرة للطيران الإيراني وبمعدل رحلتين يومياً إلى صنعاء، أعقبها تصريحات إيرانية رسمية بأن "صنعاء رابع عاصمة عربية" تسقط في قبضتهم.

أوفدت ميليشيات الحوثي بعد انطلاق عمليات "عاصفة الحزم"، الصماد إلى العاصمة العُمانية مسقط، لإجراء لقاءات مع دبلوماسيين دوليين في أيار/مايو 2015، بعدها استبعدته من المشاورات، التي رعتها لاحقاً الأمم المتحدة، لأسباب غير معروفة.

مقتل الصماد خسارة فادحة للحوثيين

بمقتل الصماد منيت الميليشيات بخساره فادحة جداً وفقدت أقوى وأخطر شخصية في صفوفها .إضافة إلى ذلك مني الحوثيون بخسارة معنوية لها تأثير غير عادي، وشعروا أنهم تعرضوا للاختراق الذي لم يحصل من قبل. إضافة إلى أن الصماد كان شخصية توافقية على مستوى قيادات الصف الأول للمليشيات.

والمعروف أن هناك خلافات حادة تحصل بين قياداتها، لا سيما فيصل عبدالكريم الحوثي ومعه محمد علي الحوثي وفصيل عبدالخالق الحوثي ومعه أبوعلي الحاكم. وكان الصماد يمثل شخصية توافقية بينهم. وما يعزز هذا هو آلية اختيار البديل له حيث اضطرت الميليشيات تأخير إعلان مقتله لخمسة أيام قضت في محاولات بحث واختيار لشخصية توافقية بديلة. ولم يتم حسم الأمر إلا بتدخل مباشر من عبدالملك الحوثي الذي قام بفرض تكليف مدير مكتبه، مهدي المشاط، بعد أيام من الخلاف العميق بين فصائل الميليشيات.

ولن تتوقف خسارة الانقلابيين هنا بفقدان الصماد، بل إن الخسائر والخلافات مرشحة للتفاقم أكثر خلال الفترة القادمة ولن يستطيع "المشاط" أن يسد الفراغ وليس لديه خبرة سابقة في هذا المجال، ما سيعزز حالة الخلاف بين قيادات الميليشيات بشكل كبير. وبالتالي يمكن القول إن الحوثيين فقدوا أهم وأخطر عناصرهم وسوف يتعرضون للتفكيك وتنامي حدة الخلافات في الفترة المقبلة.

المصدر: العربية نت