كتب رامي مهداوي
وانقسمنا إضافةً على انقساماتنا، مع إغلاق الطرق.. ضد إغلاق الطرق كحالة من التصعيد والدعم لإضراب الأسرى، وتناسينا الهدف الأساسي، وبدأ الجميع يحلل ويحرم المشاهد التي أمامه، غير مكترثين بالمشهد الحقيقي الأكبر وهو أن آفاق المستقبل هي المغلقة، وأن الضفة الغربية عبارة عن سجون متلاصقة وعند مداخل معظم المدن والبلدات الفلسطينية، هناك بوابة حديدية، تستطيع أصغر مجندة إسرائيلية إغلاقها وتحويل الضفة مثل قطاع غزة الى سجن كبير!!
وتناسينا أيضاً أنه لا توجد أيضاً بشائر تخبرنا من بإمكانه الآن أن يرشدنا الى خارطة جديدة تقودنا الى المستقبل الذي نريد؛ والمُبكي أنه بعد 69 عاماً على النكبة ومواجهة الاحتلال نجد ان الفصائل الفلسطينية ما زالت تبحث عن استراتيجية موحدة للنضال!!
إن غياب القيادة الوطنية الميدانية، يجعل من أي فعل فردي يقوم به المواطن_ مهما كان عمره_ بحجة النضال حق وطني شرعي مكتسب على مر سنوات تواجد الاحتلال، لهذا فإن إضراب الأسرى الحالي قام بإعطاء شهادة الوفاة لأغلب مكونات النظام السياسي الفلسطيني، وأظهر احتقان الشارع الفلسطيني ليس فقط على الاحتلال الإسرائيلي وإنما على المنظومة المجتمعية والسياسية في العقلية الفلسطينية.
حالة الإحباط والتذمر من الواقع تجعل من أي مواطن عبارة عن قنبلة موقوتة لن يستطيع أحد التحكم أو السيطرة عليه، وخصوصاً في ظل حالة التيه للقيادات الفلسطينية واغترابها عن أدوات النضال من جهة، وضياع المجتمع بين رافض وقابل للأدوات النضالية المختلفة بسبب حالة التيه المكتسبة من القيادات ما بين النضال السلمي والعنيف؟!
وإذا ما نظرنا لإضراب الأسرى بعين وعلى واقعنا الحالي بالعين الأخرى، سنجد بأن النضال الفلسطيني أصبح كلٌ يقاتل في معركته الخاصة، ما جعلنا مفرقين في نضالاتنا؛ أهل القدس وحدهم، المخيمات وحدهم، غزة وحدها، فلسطينيو 48 وحدهم، أهل الأسرى والشهداء وحدهم... بالتالي كلٌ يغني على ليلاه، والدليل على ما أقوله اذا ما رجعنا بالذاكرة عقدين من الزمن سنجد هبة الأسرى..هبة الأقصى..هبة الداخل، والأخطر من هذا بأنه تم إنشاء مؤسسات لكل ملف نضالي، ما جعلنا نتكيف مع الواقع ومتطلباته دون أن يتم ربط كل الملفات في ملفه الأساس وهو التحرر، نعم فقط التحرر والتحرير.
بدأت تطفو على بركة تضحيات إضراب الأسرى، مشاهد يجب قراءتها بحذر، فهي تعبر عن الواقع بطرق غير مباشرة، لكنها تعكس الواقع ونبض الشارع الذي بدأ يستفيق من سباته كلٌ حسب الطريقة التي يريدها، ولن يستطيع أي شخص إطفاء جرس المنبه، لأن لكل مواطن جرسه الخاص وحلمه الذي استفاق منه.