رام الله - صدى نيوز - تحتفل الجامعات الفلسطينية سنوياً بتخريج الآف الشباب حتى وصل الرقم في قطاع غزة مع نهاية عام 2017 الى نحو واحدٍ وعشرين الف وخمسمئة خريجٍ، بينما بلغ عدد المسجلين في مؤسسات التعليم العالي الى أكثر من خمسة وثمانين الف طالب
إن هذا الرقم الكبير لا يتناسب اطلاقاً مع فرص العمل المتاحة والمحدودة في قطاع غزة سواء في الحكومة او القطاع الخاص او المنظمات غير الحكومية، كما يواجه الخريجيون انتهاكات لحقوقهم، كالحق في العمل والصحة، والحق في مستوى معيشي ملائم، والحق في السكن، والحق في الزواج وتكوين أسرة، وحرية الرأي والتعبير، والحق في المشاركة السياسية، والحق في مواصلة التعليم العالي.
ووفقا لارقام الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فقد بلغ معدل البطالة بين الخريجين الشباب 53% خلال الربع الاول 2017 ليسجل الخريجون من تخصص العلوم الطبيعية أعلى معدل بطالة إذ بلغ 70%، كما اظهرت نتائج مسح الشباب الفلسطيني ان حوالي 34% من الشباب في غزة لديهم الرغبة للهجرة.
وفي الوقت الذي اضطر فيه الكثير من الشباب الخريجين للعمل في مجالات متدنية لا تتناسب مع شهاداتهم العلمية ، فعلى سبيل المثال هناك طلبة من حملة شهادة البكالوريوس والماجستير اضطروا للعمل عمال نظافة لكسب قوت يومهم، وهو الامر الذي يطرح علامات استفهام حول المواد التي تدرّس في الجامعات وهل هي مناسبة لسوق العمل واين الحكومة والوزارة من ذلك.
وللوقوف على تفاصيل هذه الاحصاءات اكثر، أعدّ مركز الديمقراطية وحقوق العاملين بالشراكة مع جمعية المراة العاملة للتنمية ومؤسسة كوسبي الايطالية، حلقة خاصة ضمن مشروع تعزيز الحقوق والحريات للعاملين الفلسطينين بدعم من الاتحاد الاوروبي، تركز على ظروف وواقع الشباب الخريجين في قطاع غزة، والذي يهدف الى المساهمة في حماية حقوق الانسان وحرية التنظيم والتجمع السلمي في فلسطين، وتعزيز قدرة النقابات والمؤسسات القاعدية في الدفاع عن الحقوق والحريات الاساسية للعاملات والعاملين الفلسطينيين ،وضمان الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الانسان ومعايير العمل الدولية.
بدوره قال الاستاذ عبد الله كلاب مدير عام التشغيل بوزارة العمل بغزة، إن مشكلة الشباب تؤرق وزارة العمل في الضفة وغزة، وكل مؤسسات المجتمع المدني والاهلي، مضيفاً أن 66.6% نسبة البطالة عام 2017، 65% منهم من فئة الشباب.
وأضاف أن الوضع الطبيعي أن تكون نسبة البطالة في غزة تشهبه نسبتها في الضفة، ولكن الفائض في هذه النسبة يعود لأسباب سياسية الكل يعلمها، منها أزمة رواتب الموظفين وقلة السيولة، والحصار والمعابر والكهرباء، كل ذلك أدى الى زيادة نسبة البطالة نحو 15% جلها في فئة الشباب
وأوضح كلاب أن 70% من نسبة البطالة ناتجة بسبب ظروف خارجة عن نطاق وزارة العمل، إنما بسبب ممارسات الحتلال، فيما شكلت العوامل الذاتية الداخلية نسبة 30% تتتعلق بطبيعة نظام التعليم وطبيعة المساقات التي تدرّس في الجامعات، هل تلائم حاجة سوق العمل المحلي او العربي والاقليمي؟ للأسف هناك قلة المهارات التي يملكها الخريج لا تلائم متطلبات سوق العمل.
وأكد كلاب أن عام عام 2018 عملت وزارة العمل على برنامج "فرصة" قدمت فيه 24 مهارة يتوجب على كل خريج اتقانها، أهمها التواصل، واعداد السيرة الذاتية، واستخدام الحاسوب، واعداد الميزانية.
أما سلامة أبو زعيتر عضو مجلس إدارة صندوق التشغيل بقطاع غزة، والي تحدث عن ماهية الصندوق وأهدافه، حيث قال إنه مؤسسة وطنية، يشمل كافة الاطراف الحكومية وأصحاب العمل "الخاص" وممثلي العمال، والمجتمع المدني، والمرأة.
وأوضح أن الصندوق جديد العهد، ويرأسه وزير العمل مأمون أبو شهلا، ودوره تنفيذي، حيث من شانه استثمار كافة الجهود في مجال التشغيل وايصالها لكافة الجهات المعنية.
وأكج أبو زعيتر أن الصندوق في الأساس ينفذ السياسة الوطنية في التشغيل ومشرف على تنفيذ السياسات مع المؤسسات الاخىر التي تعمل في ذات السياق.
وأشار الى أن الامور تزداد سوءاً حيث البطالة هي المشكلة الأكبر التي تواجع الفلسطينيين، ليست على الناحية الاقتصادية فحسب، إنما الاجتماعية والوطنية أيضاً، ويحاول الصندوق استثمار طاقات الشباب كونهم الذخيرة الوحيدة التي يمتلكها الفلسطينيون.
وأردف قائلاً: سنوياً تُخرج الجامعات في غزة أكثر كن 21 الف خريج اكاديمي، فيما يتخرج أقل من ألف من التعليم المهني والتقني الذي يحتاجه سوق العمل، وذلك بسبب التشوّه في النظام التعليمي.
مدير مركز الديقراطية وحقوق العاملين في قظاع غزة الاستاذ نضال غبن أوضح أن عوامل البطالة سياسية واقتصادية "الحصار والانقسام وتداعياته كان له اثر كبير"، عدا عن انهيار النظام السياسي الفلسطيني في الآونة الأخيرة، وكذلك عدم توافق مساقات التعليم مع سوق العمل.
وقال غبن إن هناك ضعف في السياسات وعدم مواءمتها مع الاحتياجات الانسانية والبشرية في المجتمع الفلسطيني، حيث أن كل البرامج اعتمدت على الطابع الاغاثي، وكانت مخرجاتها غير منتجة وغير مستدامة.
وكل ذلك ادى الى تشوه السياسات وعدم تحقيق اي نتائج ملموسة للغايات التي يجب ان تصب فيها، مشيراً الى تشوه وغياب تكاملي مشترك ساد بين عمل الوزارات الحكومية وعمل المجتمع المدني ومؤسسات التشغيل، مردفاً أن عدد العاطلين عن العمل مشرح للازدياد، والشباب فقط من يدفعون ثمن التجاذبات السياسية في المنطقة.
حلول تقليص ظاهرة البطالة
وحول الحلول التي يمكن من خلالها تقليص ظاهرة البطالية في قطاع غزة، قال عبد الله كلاب إن وزارة العمل تعمل على :برامج التغشيل المؤقتة، والتي تعمد على تدريب وتمهير الخريجين، مشيراً الى أن قاعدة بيانات الوزراة توثق 90 ألف خريج دزن عمل، وتستهدف برامج التشغيل المؤقتة اشغال 2000 فقط.
وأوضح كلاب أن هذا من شأنه أن يعزز خبرة ومهارة الخريجين، رغم أن سوق العمل لا يستوعب هذا الكم من الخريجين، مؤكداً أن الوزارة استثمرت في العمل عن بعد لأنه لا يحتاج الى تكلفة باهظة، فيستطيع الخريج العمل لقاء أجر مادي.
سلامة أبو زعيتر عبر بدوره عن تشبع القطاع الحكومي بالموظفين، وكذلك مؤسسات NGO التي لا تستوعب أكثر من 12% ، مشيراً الى أنه ما قبل الانتفاضة الثانية يشغل القطاع الخاص بنسبة نحو 53% فيما اليوم لا يشغل أكثر من 30%.
وقال أبو زعيتر "نسعى لتوفير حافظة مالية كبيرة توفر الأموال للشباب والعمل مع الشركاء، ووجود خدمات اعمال ودورات تدريبية وتطوير ودعم حكومي لانجاح المشاريع الصغيرة، وصرّح عن حافظتهم المالية الحالية والتي تقدر بـ 20 مليون، ويسعون للوصول الى 50 مليون".
وأضاف "المشكلة ان الصندوق لا يحصل على الدعم الكافي، عدا عن المال فإنه يحتاج الى بيئة اجتماعية للحفاظ على المشاريع الصغيرة"
أما نضال غبن، والذي حمّل الحكومات المتعاقبة، مسؤولية البطالية، قال "نحن لدينا حكومة توافق وقبلها كانت لجنة ادارية، وقبلها حكومة، نحن شعب مظلوم ولكن توزيع هذا الظلم يعني العدالة، فليس من المنطق أن يدفع الشباب والعمال فقط ثمن هذه الفاتورة".
وأضاف: مطلوب من الحكومة بيئة سياسية واقتصادية للعمال، ولم نجد من الحكومات غير الضغط والضرائب والجبايات، كل القوانين التي لنا وجهة نظر بخصوصها سواء التي صدرت عن غزة ورام الله كلها ليست لها علاقة ببرامج الحماية الاجتماعية.
وتساءل غبن: كيف نعزز صمود الشباب الفلسطيني؟، في ظل أن الحكومات لا تعير اي اهتامام لهذا الجانب، حتى ان الاجراءات التي اتخذت مؤخراً من السلطة الفلسطينية تجاه موظفي غزة كان لها اثر كارثي وتدميري.