كتب رامي مهداوي
رام الله - صدى نيوز - طريقة تعاملنا مع إضراب الأسرى فتحت أبواب التفكير في العديد من الأسئلة المُحرمة داخل عقولنا، وأيضاً كشفت عن المقدرة في كيفية التفكير خارج الصندوق بشكل مختلف، إن كان الصندوق ما زال بحوزتنا! مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الإحباط التي نعاني منها ونعبّر عنها بشكل مختلف، لدرجة وصولنا حالة الكُفر بكل ما هو حولنا، ما جعلنا غرباء في كل مناحي الحياة.
قبل أيام، طرحت سؤالاً على صفحتي في «فيسبوك»، وهو: إذا خسرنا الأسرى، هل سننجح في القدس واللاجئين والمياه والحدود؟ فكانت الإجابات مختلفة، أضع بعضها هنا: «كل المؤشرات تدل على أننا خسرنا كل شيء .. حتى أنفسنا!». «نحن أموات بانتظار معجزة... هذه الوضعية تجعل الاحتلال يستشري في ممارساته وعدم الرضوخ لطلبات الأسرى، ولن يتراجع عن أطماعه». «إحنا لسا رح نخسر!». «الخسارة انحسمت خلص». «لن ننجح في عبور حاجز طيار». «متى نجحنا في شيء... من خسارة إلى خسارة حتى أننا فقدنا الإحساس». «وهل نجحنا قبل إضراب الأسرى في الأشياء المذكورة.. الله غالب». «بالله مقتنع أنت رح نقدر نحل قضية القدس واللاجئين والمياه والحدود؟ إذا مش قادرين نحل غزة ضفة... كيف بدنا نحل هذه الأشياء».
هل ما زال الهدف هو التحرر؟ وأي تحرر نريد، أم أننا أصبحنا جاهزين لإعلان حالة الاستسلام وصياغة مشروع جديد يتلاءم مع حالة الاغتراب التي نعيشها؟! لنبتعد عن العاطفة الوطنية ونشاهد الأمور بتجرد، هل طريقة تعاملنا، كمجتمع وما تبقى من النظام السياسي، مع إضراب الأسرى ستقودنا للنجاح بمواجهة الاحتلال في كافة الميادين والوصول إلى ميناء التحرر؟!
إضراب الأسرى، كشف أيضاً عن أننا نختلف حتى حول الأدوات السلمية لمناهضة الاحتلال، والأخطر من ذلك هو شن الحروب ضد بعضنا البعض في بازار المزايدات لمن يمتلك الشارع الفلسطيني أكثر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الشارع الفلسطيني فقد الإيمان بالقيادات والمناصب، وأصبح وحده في مهب رياح الاستيطان، صامداً في جميع مواقع المواجهة، مثل: القدس المنسية، والمناطق المهمشة، وحتى في الشتات هو وحده في مواجهة كيفية النجاة من هذا الواقع العربي.
على الكل الفلسطيني الإجابة عن السؤال السابق بتجرد وبعيداً عن المزايدة الوطنية، علينا كشعب أن نبدأ بطرح الأسئلة التي كنّا نعتبرها محرمة وممنوعة، فالسؤال هو أول خطوة في معرفة الإجابة التي نخشاها، ثم نراكم على الإجابة خطة عمل وطنية ما زالت مفقودة بعد كل سنوات النضال، وأيضاً لأن واقع الحال يجيب بكل صراحة أمام أعين الجميع؛ بأننا ما زلنا نرضخ تحت الاحتلال وتهجير عام 1948، ويوماً بعد يوم نخسر أرضاً جديدة، لتختفي الدولة _الطُعم_ التي وعدونا بها، ما جعل قضيتنا أقرب إلى الهندي الأحمر، الذي سُلبت منه أرضه على يد «الكاوبوي»، عندما وعدهم بوطن قومي على أرضهم التي تم استيطانها، ثم ممارسة التطهير العرقي بحقهم وإنشاء الولايات المتحدة الأميركية!