دخلت لاجراء عملية شفط دهون فخرجت جثة

رام الله - صدى نيوز - من منا لم يتتبع تفاصيل وفاة فرح القصّاب على أثر إجرائها عملية شفط دهون في عيادة الطبيب التجميلي نادر صعب، إلى درجة أن هذه القضية احتلت عناوين الصحف وأخبار المواقع الالكترونية وتصدّرت نشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعية، وكأنه لم يعد في لبنان مشاكل سوى هذه المشكلة، على رغم مأساتها وما تركته من ردود فعل من قبل أهل الضحية والجسم العدلي والجسم الطبي، وذلك بعدما بلغ الإستهتار بحياة الناس حدوده القصوى.


فلو كانت القوانين تطبق عندنا، كما هي الحال عند غيرنا من شعوب وأمم، ولو كانت عقوبة عدم الإلتزام بهذه القوانين صارمة وغير قابلة للمراجعة، سوى أمام المحاكم القضائية المعنية، لكانت فرح تعيش اليوم مع عائلتها بفرح، ولكان معظم الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون ويطيحون به غير فرحين بما سيؤول إليه مصيرهم.

ولو لم يكن فوق كل مخالف خيمة وغطاء لما كان مصير الذين يذهبون ضحية الإستهتار بحياة الناس يتجرأون على ضرب القوانين بعرض الحائط وتجاوز الخطوط الحمر، ولما كان المتطاولون على كل ما له علاقة بالسلوك العام السوي يسمحون لأنفسهم بإستباحة المحظور.

لسنا في هذه العجالة في صدد تنصيب أنفسنا قضاة على أقواس المحاكم لنصدر الأحكام ضد الدكتور نادر صعب أو غيره، ولكن ما نحاول الإضاءة عليه، سواء في هذه القضية أو في سواها، هو أنه لو لم يكن أي شخص مستقويًا ببعض الجهات السياسية، التي تعتبر نفسها أنها قادرة على فكّ حبل المشنقة، ولو لم تكن تؤّمن للمتجاوزين غطاء معينًا لكانت فرح وغيرها من ضحايا الإهمال و"التشاطر" على قيد الحياة، ولما كانت هذه القضية قد أخذت هذا الحجم من إهتمام الصحافة، على رغم أن دورها الرئيسي هو تسليط الضوء على كل ما يمسّ بحياة الناس بسوء، وما يعرّض حياتهم للخطر، على كل المستويات.

فلو كان القضاء محيدًّا وغير متأثر بالتدخلات السياسية لكان مصير كل مخالف ومتجاوز السجن، ولما كانت حياة الناس معرّضة للإنتهاك.

ولو كانت نقابة الأطباء غير منحازة للأطباء على قاعدة "أنصر أخاك ظالمًا كان أم مظلومًا" لكانت أيلا طنوس قد أخذت حقّها، ولما كانت فرح غائبة اليوم عن أهلها ومحبيها.

أسئلة كثيرة تُطرح اليوم من دون أن تلقى أجوبة شافية، خصوصًا أن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، ولن تختصر الساعات الأخيرة من عمر فرح، ولن تعيد إلى الحياة من خطفها "القضاء والقدر" في لحظة تخلٍ أو إهمال.

فلهذه الأسباب ماتت فرح القصّاب، ولهذه الأسباب أيضًا فقدت أيلا أطرافها وسُرقت منها طفولتها البريئة، ولهذه الأسباب وغيرها الكثير لا يزال عدد كبير من الموقوفين منذ سنوات من دون محاكمة عادلة، ولهذه الأسباب لم تنزل العقوبات الصارمة في حق القتلة الذين أزهقوا أروحًا بريئة بدم بارد.

لهذه الأسباب لا نزال نعيش في غابة يأكل القوي ضعيفها!