المتابع للعالم الافتراضي وبالأخص موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» يجد بأننا كشعب أصبحنا افتراضيين ونمارس حقوق المواطنة من خلال عدد من وسائل التواصل المجتمعية الحديثة بمختلف الأشكال والأدوات، وهذا مهم اذا ما نظرنا من الزاوية الإيجابية بأن قلب الشعب مازال ينبض.
لكن هذا النبض موجود في غرفة الإنعاش على الصعيد الشعبي الواقعي أي في العالم الحقيقي، ما جعلنا أشبه ما نكون بأننا أموات أحياء؛ أموات في العالم الحقيقي أحياء في العالم الافتراضي، والخطير في الأمر بأننا رضينا بهذا الدور واكتفينا به.
تلك الحالة وضعتنا جميعاً وبالأخص ممن يصنفون أنفسهم بأنهم من فئة «المثقف» في حالة عزلة مجتمعية لتغيير الواقع الفعلي كما كان في عهد ما قبل التطور الإلكتروني، ما أدى الى بروز مصطلح افتراضي جديد وهو «المؤثر»، فتسابقنا من يريد أن يكون هذا المؤثر وتجميع أكبر عدد من المتابعين، ونشر المواضيع التي تحصد «اللايكات» دون الخوض في مضمون النص وطريقة معالجة القضايا المطروحة على أرض الواقع.
أكاد أجزم بأنه كل يوم وكل اسبوع هناك العديد من القضايا التي تطفو على سطح العالم الافتراضي وتختفي، والغريب العجيب بأن القضايا تأتي تباعاً وكل قضية تظهر تغطي على القضية التي سبقتها، وهكذا تدار القضايا في هذا العالم الافتراضي نشجب ونستنكر ونكفُر بالواقع ونلعن الظلامية دون أي فعل يذكر حتى ولو كان بإشعال شمعة!!
طنة ورنة هو أفضل وصف لطريقة تعاملنا مع انفصامنا بين الواقع والافتراض، طنة ورنة مع أي خبر كان، طنة ورنة مع أي حدث، طنة ورنة على القرارات، طنة ورنة بمزاجيتنا ندعم أو نشوه من نريد، طنة ورنة على القاتل والمقتول، طنة ورنة على أي خطأ قد يرتكبه أي مواطن أو مسؤول مصادفة أو دون قصد، طنة ورنة دون أي فعل في عالم الحقيقة من أجل ترجمة ما كتبه»المثقف» «المؤثر».
نصبح ونمسي ما بين الطنة والرنة في العالم الافتراضي وبين الواقع المؤلم المُعاش، فنتحول الى شعوب وقبائل افتراضية كلٌ يغني على ليلاه ونعيش حالة التيه وكأننا في دوامات دون أن يكون هناك ولو تحرك بسيط من أجل تغيير ما يمكن تغييره!!
لا شيء يتغير، نحن كما نحن، نكتفي بهذا الدور وكفى الله المؤمنين شر القتال، وهذا ينطبق على جميع القطاعات من سياسية، اقتصادية، رياضية، ثقافية، اجتماعية.... الخ ما جعلنا مُعريين في العالم الافتراضي دون خجل ولا إحساس بل ونتفاخر بمن يُعرينا دون أن نسأل ان كان باستطاعته مد يد العون في معالجة الجروح الكثيرة التي بحاجة الى من يقدم يد العون في معالجتها ويستر على نزيفنا من أجل تضميدها ولا يزيد الجروح ألماً.