ثبت خطاب الناطق الرسمي باسم الحكومة الثامنة عشر، الذي أطلقه على أثير إذاعة وطن، صباح أمس الخميس، أن الحكومة قد فشلت "لم تنجح" في إنتاج خطاب يحترم عقول الفلسطينيين. هذا النموذج من الخطاب، الذي انتهجه الناطق الرسمي، أظهر أن الحكومة قد فشلت "لم تنجح" في محاججة التقرير الأول لتقييم عملها.

كان الخطاب تجسيدا للكراهية والتخوين، كما أظهر الحكومة ضيقة الصدر، عنيفة ولا تتحمل النقد. وأظهرها، أو كما يصورها الناطق الرسمي باسمها، أنها كالحكومة الربانية معصومة عن الخطأ ومُترفعة عن المساءلة.  أفقد الناطق الرسمي باسم الحكومة بهذا الخطاب أية معايير قائمة على الانفتاح، وضعها د. محمد اشتية لحكومته، معتبرا الهجوم الشخصي على الإعلاميين والباحثين وسيلة دفاع عن الحكومة وهي تشبه الخطابات الخشبية للحكومات الاستبدادية البائدة للنيل من معارضيها أو ناقديها رافضة المساءلة.  فلا هو استطاع الدفاع عن الحكومة بتفنيد التقرير، ولا هو تهرب من المساءلة بدبلوماسية رئيس الحكومة بل حشر الحكومة في سيل الانتقادات وامتعاض الناس.

بدا الناطق باسم الحكومة في لقائه مع الإعلامية ريم العمري مغرم "بالأستذة" كأنه معلم يمنع على طلابه خط نهج مغايرٍ لما تعلمه في زمنه. رافضا تقديم نقد لمنهجية التقرير أو تفنيد ما احتواه، الذي هو موضوع النقاش، بالحجة والبرهان. كما أورد في ذات اللقاء معلومات غير صحيحة "لن أقول كاذبة حتى لا يغضب الناطق باسم الحكومة" حين قال إنه لا توجد مراسلات مع مجلس الوزراء أو ما يثبت أن المؤسسة الفلسطينية للتمكين والتنمية المحلية انها قامت بذلك؛ ولعلمي اليقين بأن هناك ما يثبت ذلك وترفعت المؤسسة عن استخدامه  حرصا منها على عدم زج أسماء موظفي وموظفات مجلس الوزراء والأمانة العامة في ترهات العنف الخطابي الممارس من قبل الناطق الرسمي باسم الحكومة، وقد تقدمها لجهات الاختصاص في الزمان المناسب. 

ذكر الناطق الرسمي في اللقاء أيضا ان الحكومة قد نشرت الخطة على الموقع الالكتروني لمجلس الوزراء، فهذه مناسبة بدعوة جميع المواطنين لفحص الرابط التالي (http://www.palestinecabinet.gov.ps/portal) ليكتشف عدم دقة كلام الناطق باسم الحكومة أو بالأحرى "زيف الادعاء". وفي هذا السياق لا يغرنك القول إن الحكومة قد أعلنت عنها في وسائل الاعلام بخبر عابر.

أقر الناطق باسم الحكومة الفلسطينية أن الحكومة لا تنشر بعض قراراتها، حوالي الثلث، تحت حجة أنها تتعلق بالأشخاص أو بإجراءات غير مكتملة. هذا الاعتراف فيه شبهات مخالفة الأمانة العامة لمبادئ الشفافية التي أعلنها رئيس الحكومة الدكتور محمد اشتية بإخفائها قرارات قد تنطوي على إنفاق مال عام دون معرفة المواطنين؛ وكأن الحكومة لم تتعظ من الضجة التي أثارتها القرارات "السرية" للحكومة السابقة.

وصف الناطق باسم الحكومة المؤسسات الأهلية بخضوعها لأجندة التمويل الخارجي، وتواطؤ مقدمة البرنامج وشبكة وطن مع مؤسسة REFORM، والوصف الخطير الذي قدمه الناطق باسم الحكومة بأن التقرير يتساوق مع تصريحات جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأمريكي؛ هذا جميعه يحمل خطاب كراهية وتحريض تتحمل الحكومة مسؤولية أية أعمال أو اعتداءات على من وصفهم واتهمهم الناطق باسمها. لابد من التنويه أن تقرير تقييم أداء الحكومة الثامنة عشر لم يذكر كلمات الفشل أو النجاح أو عدم نجاح الحكومة، ولو لمرة واحدة.

هذا التحريض يثير السخرية والغضب معا؛ فمن ناحية فإن الناطق الرسمي باسم الحكومة ليست مهمته إصدار شهادات "صكوك الوطنية" للمواطنين والمؤسسات الاهلية، ومن ناحية ثانية يضع رئيس الحكومة والحكومة في زوايا مظلمة متعارضة مع شعبها وحاضنتها. واجزم أن من يضع رئيس الحكومة في هذه الزوايا المظلمة يتساوق مع طرح جاريد كشنير، أكثر ممن ينتقد الحكومة، لأنه يحقق أحلامه بفشل حكم الفلسطينيين لأنفسهم.

إن رئيس الحكومة والحكومة محمولان على تقديم الاعتذار علناً لي شخصيا ولشبكة وطن ولمؤسسات المجتمع المدني عما بدر من الناطق الرسمي باسمها من خطاب تحريض وكراهية. كما أنصح الحكومة بالاعتذار للإعلامية ريم العمري، ليس فقط بوصفها اعلامية، بل بوصفها امرأة، حيث أن التحريض عليها يتساوق مع الضجة التي أثارتها بعض العشائر المناهضة لاتفاقية "سيداو" ومكانة المرأة في الآونة الأخيرة، ويهدد بنمذجة أدوار النساء بالتنمر عليهن.

ملاحظة: إن تقرير تقييم أداء الحكومة معمول به في الأردن الشقيق الذي يصدر عن مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني –راصد بنفس المنهجية (الذي أذن لمؤسسة REFORM باستخدامها) تحت اسم "رزاز ميتر". لكن الحكومة الأردنية والناطق باسمها لم يهاجما التقرير أو الباحثين أو الإعلاميين، أو وصفه بأن له أجندة خارجية بل أن الصحف الأردنية أكثر جرأة في تناول تحليلات التقرير.