استمرارا للحرب الشعواء، التي يقودها الديمقراطيون ضد الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، صوت مجلس النواب، ذو الأغلبية الديمقراطية على مشروع قرار، يحد من صلاحيات الرئيس العسكرية ضد إيران.
وهذا أمر يتوافق تماما مع موقف الديمقراطيين من مقتل الإرهابي، قاسم سليماني، الذراع القوي للمرشد الأعلى، علي خاميني، والذي ارتكب جرائم لا حصر لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتولّى البطش بالمعارضة الإيرانية داخل إيران.
ومشروع القرار لا علاقة له بحرص الديمقراطيين على الالتزام بالقانون، فما فعله ترامب باستهداف سليماني يماثل ما فعله الرئيس السابق باراك أوباما، عندما استهدف زعيم القاعدة أسامة ابن لادن داخل الأراضي الباكستانية، وحينها بارك الجمهوريون خطوة أوباما، رغم خلافهم واختلافهم معه، فالقضاء على شخصية إرهابية يخدم الأمن والسلام العالميين، ويخدم مصالح أميركا العليا، ويتفق معظم المعلقون على أن سليماني لا يقل خطرا عن بن لادن، إن لم يكن أخطر منه.
لا يزال معظم المتابعين في حالة ذهول، حيال موقف الديمقراطيين من قتل سليماني، فقد تجاوزوا كل حد للخلافات الحزبية التقليدية، وبدا الأمر وكأنهم يصطفّون مع ملالي طهران، ولن ينسى التاريخ أن زعيمة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، تحدثت عن سليماني كجنرال في جيش دولة أخرى، لا كإرهابي تلطخت يديه بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء، بل وتلطخت بدماء مواطنين أميركيين، وهذا سقوط شنيع لم يسبق له مثيل عبر التاريخ الأميركي، ولو جنّدت إيران أعتى لوبيات المصالح داخل أميركا، لما استطاعت أن تحصل على دعم من داخل المؤسسة الأميركية يماثل ما حصلت عليه من الديمقراطيين.
من المسلم به أن موقف الديمقراطيين هذا يتناغم مع كل مواقفهم السابقة من ترامب، فهم لا يريدونه في البيت الأبيض، وحاولوا عزله في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، ولما فشلوا، ها هم يحاولون مرة أخرى في قضية أوكرانيا، وقد جُنّ جنونهم، بعد أن نجح ترامب في التخلص من رمز إرهابي كبير، قبيل بدء محاكمته في مجلس الشيوخ.
فهذه العملية الخاطفة والناجحة، منحت ترامب زخما شعبيا كبيرا، داخل أميركا وخارجها، وهذا ما لا تريده نانسي بيلوسي وتشيك شومر وآدم شيف ورفاقهم في الحزب الديمقراطي.
لكن مهلا، فمشروع قرار الديمقراطيين في مجلس النواب للحد من صلاحيات الرئيس العسكرية ضد إيران لن تكون له تلك القيمة، حتى ولو صوّت عليه مجلس الشيوخ أيضا، لأن قرار الحرب أمر في غاية التعقيد، وهناك خلافات قانونية حول صلاحيات الرئيس والكونغرس بهذا الخصوص.
فالدستور ينص على أن قرار إعلان الحرب من صلاحيات الكونغرس، ولكن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وله الحق في اتخاذ قرار الحرب، متى ما شعر بالحاجة إلى ذلك، كأن يكون هناك تهديد حقيقي لأميركا.
ثم بعد ذلك، يتوجب موافقة الكونغرس خلال ستين يوما بعد بدء العملية، وللعلم، فإنه عدا حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت، والتي وافق عليها الكونغرس قبل بدئها، فكل الحروب التي خاضتها أميركا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت بأمر الرئيس.
والخلاصة هي أن قرار إعلان الحرب من صلاحيات الكونغرس، لكن للرئيس الحق في إعلان الحرب، متى ما رأى ذلك، وذلك بحكم أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالي فتصويت الكونغرس الأخير للحد من صلاحيات ترامب العسكرية ليس ذو قيمة تذكر.