مع انتهاء الانتخابات البرلمانية للكنيست وصدور النتائج النهائية وحصول القائمة المشتركة على انجاز كبير ومبهر أتقدم بالتهنئة والتقدير للنواب المنتخبين ال-15 جميعا ولأحزابهم الأربعة التي يشكّل كل منها مركبا أساسيا وهاما في لجنة المتابعة العليا.
التهنئة والاعتزاز موصوليْن لجمهور الناخبين الكبير الذي منح ثقته العظيمة للقائمة المشتركة.
هذه الثقة التي تشكل مصدراً للاعتزاز ومعها يكبر حجم المسؤولية وتتعزز الثقة بان نواب شعبنا سيكونون امينين لها وامينين عليها..
ان هذا الإنجاز البرلماني الكبير يتكامل مع الاجندة الوطنية والديموقراطية والشعبية لكون العمل البرلماني يشكل رافدا هاما من روافد العمل الوطني العام لصيانة الهوية والتمسك بالثوابت وخدمة مصالح الناس.
ان الازدياد الملحوظ في اعداد المصوتين اليهود للقائمة المشتركة يشكل أساسا جيدا لنضالات مشتركة من اجل حقوق شعبنا ومن اجل العدالة والديموقراطية.
من جهة أخرى فقد حملت النتائج العامة في طياتها اخطارا كبيرة على الجماهير العربية الفلسطينية وضد ما تبقى من هامش للعمل الديموقراطي بفعل ان حوالي 100 نائب في الكنيست من أصل 120 قد دعا بهذا المستوى او ذاك الى اقصاء الجماهير العربية خارج الشرعية السياسية والتمثيلية.

ان تصريحات نتنياهو في الايام الأخيرة وشطبه الوقح والفاشي للتمثيل العربي, تنذر بمخاطر شديدة وتنطوي على انفلات شرس من قبل المؤسسة مباشرة او من قطعان الفاشية التي تنتشر كالسرطان في بلادنا ضد جماهيرنا العربية الفلسطينية او ضد أي قرار قد لا يكون في صالح نتنياهو واليمين.

ان ازمة الحكم في إسرائيل قبل الانتخابات وبعدها من شأنها إنتاج فاشية معلنة تتخذ من قانون القومية ومن صفقة القرن أساسا لحراك المؤسسة الإسرائيلية مع كل ما يمكن ان يترتب على ذلك من محاولة الاجهاز على حقوق شعبنا الفلسطيني عموما وعلى جماهيرنا العربية بما في تصعيد دعوات الترانسفير وتصعيد الملاحقات السياسية القائمة أصلا وشطب ما تبقى من الهامش الديموقراطي.

نحن ندرك تماما ان العنصرية وعقلية الاقتلاع متأصلتان في الفكر الصهيوني وهي ليست خللا في النظام انما تقع في جوهره وعلى هذه الحقيقة ان تكون ماثلة امامنا الى جانب السعي لتحقيق إنجازات موضعية لجماهيرنا ضمن منظومة ثوابت حقوقنا القومية والمدنية.

لقد حقق شعبنا مآثر كفاحية مجيدة عبر مسيرة طويلة حسمت الامر الأساس وهو بقائنا وانتمائنا وتطورنا في وطننا الذي لا وطن لنا سواه، كما حققنا إنجازات هائلة سياسية واجتماعية وكل ذلك بفضل صمودنا ونضالنا وبفضل تكامل دوائر عملنا التي يقع العمل الشعبي في مركزها، ولم تكن انجازاتنا في وطننا منذ النكبة وحتى اليوم بفضل كرم المؤسسة الصهيونية.

امامنا جميعا مهمات جسيمة علينا ان نضطلع بها ,من مواجهة مصادرة الأراضي وهدم البيوت وتضييق الحيز العام في قرانا ومدننا والخطر بانفجار سكاني بسبب محاصرة قرانا ومدننا حتى تكاد تكون غير قادرة على استيعاب حاجات السكن والبنى التحتية الأساسية الى جانب نشر العنف والجريمة والسوق السوداء والتمييز الصارخ في الميزانيات وغياب مناطق صناعية ومناهج تعليم هجينة واستهداف اللغة العربية والهجوم على روايتنا لنشر العدمية والانتماءات المجوّفة وعدم استيعاب الكفاءات العربية في مجالات تأهيلهم المهني والعلمي وكل ذلك الى جانب الاخطار التي تتهدد شعبنا الفلسطيني عموما.

كل ذلك يتطلب تضافر الكفاح الشعبي والنضال الوحدوي لكل أبناء مجتمعنا دون استثناء وهذا يتطلب تعزيز هيئاتنا الوحدوية: لجنة المتابعة العليا والأحزاب السياسية واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والقائمة المشتركة والتنظيمات الشبابية والنسائية ومنظمات المجتمع المدني.
هذا يلزمنا باستكمال عمل اللجنة الدستورية المنبثقة عن لجنة المتابعة وانهاء صياغة التعديلات على النظام الداخلي للجنة المتابعة للارتقاء بعملها الى مرحلة أكثر تقدما بوصفها الهيئة الوحدوية لكافة مكونات شعبنا.

ان اهم مقدمات العمل الوحدوي يكمن في احترام التعددية الفكرية والسياسية والعقائدية في مجتمعنا العربي ويجب التوقف والتخلص من مظاهر الاسفاف التي ظهرت مؤخرا في بعض زوايا حياتنا فمن يشارك في الانتخابات البرلمانية من أبناء شعبنا لا يمكن ان يكون جزءً من الهيكلية الصهيونية ومن يقاطع الانتخابات من أبناء شعبنا لا يمكن ان يكون جزءً من منظومة خدمة اليمين، لذلك لا مكان للتسفيه والتخوين والقذف والتكفير وهناك متسع لإدارة نقاش حضاري يقوى المناعة المجتمعية ولا يشظِّيها.
بعد انتهاء الانتخابات نعود الى الميدان الى شعبنا لمواجهة صفقة القرن وقانون القومية والعمل على حماية القدس وثوابت حقوقنا وحقوق شعبنا.

في نهاية الشهر الحالي تحلّ علينا الذكرى ال-44 ليوم الأرض المجيد الذي اشهرت فيه جماهيرنا انتمائها رغم القمع والإرهاب وأعلنت اضرابا شاملا تاريخيا قوّض أحلام التدجين الصهيونية.
في يوم الأرض القادم نلتقي جميعا، شعبا موحدا ومكافحا في فعل سياسي مشترك يشمل جميع أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده لنقول بالصوت الجهوري للحالمين بالترانسفير الجسدي او السياسي نحن لا نعيش في وطننا وحسب انما وطننا يعيش فينا ولنؤكد ان العنصرية مهزومة حتما ونحن باقون في وطننا على العهد كأننا عشرون مستحيل.

ان مواجهة العنصرية أقلّ كلفة من الخضوع لها.