كتب الأستاذ الكبير محمد الرميحي يوم السبت الماضي مقالاً بدأه بهذا التساؤل: من أين جاءتنا نظرية المؤامرة؟! ويمضي قائلاً: انتشر بين البعض أن (كورونا) مؤامرة أميركية من أجل إضعاف الاقتصاد الصيني، وقال آخرون: بالعكس فهي مؤامرة صينية من أجل إخافة رأس المال الغربي وإخراجه من صناعتهم، ثم يشتري الصينيون الأصول بأثمان بخسة.
ويخلص بهذا التحسّر قائلاً: لا عجب أن تنطلق تلك التفسيرات من بعض العامة، ولكن العجب أنها تنطلق ممن يعتقد أنهم (أهل المعرفة).
صدقت في تعجبك أخي محمد، فـ(الكورونا) شأنها شأن كل الأمراض التي تعاقبت على البشرية طوال التاريخ، وها هم مئات الملايين لجأوا قسراً إلى منازلهم كالقوارض عندما تلجأ إلى جحورها إذا داهمت منطقتها عاصفة هوجاء، وهم ذكروني كذلك بالنمل الذي جاء ذكره في القرآن الكريم، إذ قالت إحداهن: (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).
وهذا الوباء كأي حرب من الحروب فيها الخسائر والمكاسب، ومن أكثر الخاسرين: قطاع السياحة، ففي بعض الدول توقفت السياحة بنسبة 100 في المائة، قطاع النقل (الطيران) توقف مما يجعل أغلب شركات الطيران مهددة بالإفلاس، بورصات العالم حتى الآن خاسرة أكثر من تريليون ونصف من الدولارات، وكذلك ملاعب الملاهي والأندية الرياضية ومرابع الليل وحتى لاس فيغاس الأميركية أكبر مدينة قمار في العالم أصبحت خالية على عروشها و(تنش دبان).
أما أصحاب المكاسب فهم: قطاع التوصيل، فجميع القطاعات تسرح الموظفين، بل إن إحدى شركات التبضع عبر الإنترنت تعلن عن رغبتها في توظيف ما يقارب مائة ألف موظف فقط للسيطرة على الطلبات المتزايدة للتوصيل للمنازل. أيضاً من أصحاب المكاسب القطاع الصحي وهو يعمل بأعلى إنتاجية، وخصوصاً كميات المطهرات الوقائية والأدوية التي تصرف من دون روشتة، منتهزين الفرص المالية لاقتناص تراجع قيم الأسهم والبورصات، وإن نسيت فلا يمكن أنسى صنّاع (توابيت) الموتى - خصوصاً في إيطاليا وإسبانيا - ولسان حالهم يقول: هل من مزيد؟!
وفي الوقت الذي يكافح فيه العالم فيروس كورونا بكل الطرق والأساليب لمنع تفشيه، خصوصاً لدى كبار السن، إلاّ أن الصحافي بافار عباس (100 عام)، الذي يعيش في لندن يمشي عكس التيار، حيث قرر الزواج بكل شجاعة يحسد عليها في ظل هذه الظروف، بل إنه سارع إلى إتمامه قبل اتخاذ الحكومة البريطانية قراراً بعزل كبار السن.
والمضحك أنه في سباق مع الزمن فهو يريد أن يتمم زواجه بعد أربعة أيام من الآن - أي في 27 مارس (آذار) - فأيهما يسبق الآخر: هو أم الحكومة؟!، يا ليته يسبقها.