لا أعرف إن كنت سأستطيع كتابة مقال ينحاز للعقل وليس للعاطفة، لكن أصبحت أشعر بأنني جزء من فيلم "آكشن" عالمي، ويجب أن أضع جميع خبراتي التي اكتسبتها خلال سنواتي الماضية أمام هذا التحدي الكوني حتى أحمي عائلتي وأبناء وطني.
لقد وضعت جائحة فيروس "كورونا" مطالب استثنائية على كافة قطاعات المجتمع. فقد خلقت الخسائر البشرية التي سببها "COVID-19 "الخوف بين أفراد العائلة، المؤسسة، الفريق، الحزب، الحكومة، الشركة.. باختصار كافة مُكونات الدولة.
إن النطاق الواسع لانتشار المرض وعدم القدرة على التنبؤ به يجعل من الصعب على جميع مُكونات الدولة الاستجابة. والواقع أن تفشي المرض له سلسلة من الأحداث المُتتابعة ذات الحجم الكبير والسرعة الهائلة، ما يؤدي إلى درجة عالية من عدم اليقين الذي يؤدي إلى الارتباك والشعور بفقدان السيطرة والاضطراب المجتمعي.
علمتني الحياة أن إدراك الفرد بأنه يواجه أزمة هو أول خطوة بالاتجاه الصحيح يجب علينا القيام بها، إنها خطوة صعبة خاصة خلال بداية الأزمات التي لا تصل فجأة ولكنها تنبثق من ظروف مألوفة تخفي طبيعتها. ومن الأمثلة على هذه الأزمات تفشي "السارس" في الفترة الواقعة بين 2002-2003 . والآن جائحة الفيروس التاجي. إن رؤية أزمة بطيئة التطور لما قد تصبح تتطلب من كل فرد من أفراد مكونات الدولة التحرك بلياقة عالية غير تقليدية وعدم الاستهانة والاستهتار.
بمجرد أن يعترف الفرد منّا وبالأخص قادة مكونات مؤسسات الدولة بالأزمة على هذا النحو، يمكنهم البدء في الاستجابة. لكنهم لا يستطيعون الاستجابة كما يفعلون في حالات الطوارئ الروتينية، باتباع الخطط التي تم وضعها مسبقًا إن كان هناك خطط بالأساس!! لكن أثناء الأزمات التي يحكمها عدم الألفة وعدم اليقين، يجب أن يتم تحسين الاستجابات الفعالة إلى حد كبير.
ما يحتاجه القادة في مختلف مواقعهم خلال الأزمات سلوكيات وعقليات تمنعهم من المبالغة في رد الفعل تجاه تطورات الأمس وتساعدهم على التطلع إلى المستقبل، وهنا لنعترف بأن حقيقة الأزمة الحالية مع هذا الفيروس هي نتاج ثانوي لصراعات مختلفة هي بالأساس موجودة في المجتمعات، لكنها ليست مرئية بشكل مُكثف وواضح كانت قبل إعلان حالة الطوارئ.
نعم هناك صراعات كثيرة قام هذا الفيروس بتعريتها: من يستطيع أن ينكر بأنه لا يوجد صراع أخلاقي بمختلف جوانب الحياة، لنأخذ على سبيل المثال النظافة: التخلص مما لا نريد من نوافذ السيارات، بالتالي انعكس ذلك الآن على التخلص من أدوات الوقاية من كمامات وقفازات بالشوارع أيضاً، بالتالي هناك صراعات تربوية أيضاً كشف عنها هذا الوباء. وهناك العديد من الأمثلة ما عليك سوى مقارنة ما قبل "كورونا" وما بعده لنجد بأننا في ذات الصراع.. الدين والدولة، العامل وصاحب العمل، المجتمع المدني والحكومة.
لذا أرى أن أزمة المجتمع/المجتمعات الحديثة لا تخلو من مشكلة سوى الأزمة الصحية. إنه يحتوي على بذور شيء جديد بدأ يظهر حتى الآن داخل وعي الفرد العضو في أي مؤسسة من المؤسسات المكونة للدولة، لكن الجديد لن يأتي تلقائيا؛ وسيساعد ظهوره أعمال الناس في المجتمع ومقاومتهم وكفاحهم الدائم ونشاطهم اللاواعي في كثير من الأحيان.
لكن الجديد لن يكمل نفسه ولن يكون قادراً على ترسيخ نفسه كنظام اجتماعي جديد بعد "كورونا" كنمط جديد من الحياة الاجتماعية، ما لم يصبح في مرحلة ما نشطًا واعيًا، وهو عمل واع للشعب. بالنسبة لنا، فإن الشروع في هذا العمل الواعي ومساعدته على التطور، كلما أظهر نفسه، هو المعنى الجديد الحقيقي الذي يجب إعطاؤه وصف "ثورة كورونا".