الأمثال الشعبية ، وليدة تجارب أجيال ، ليست أقوالاُ عبثية مسجوعة ، و ذات طلاوة لفظ و حلاوة جرس فقط ..
ولما قال أهالينا ( ولاد الحرام ما خلوش لأولاد الحلال حاجة ) ، كان هذا نتيجة تجربة ، و مشاهدات و قرائن حقيقية ..
أولاد الحرام في كل مجال ، سياسة ، مجتمع ، مهن و أعمال و إقتصاد ، حتى المناخ و البيئة ..
و الأمثلة أكثر من أن تحصى أو تحصر ، ففي عالم السياسة كلنا شهدنا و نشهد ، تاريخيا و آنيا مدى تجبر السياسيين و صلفهم و أحيانا إنعدام إنسانيتهم ، حتى بات لدى الكثير منا قناعة أن من يريد أن يعمل في السياسة يعلو شانه و يرتفع كلما قلت إنسانيته و بدأنا في تصنيف الساسة و السياسيين و سلوكياتهم ، و طغى ( العمل السياسي ) حتى أصبح صفة مسبقة لأي نشاط إنساني آخر ، لا فصل و لا إنفصام بينها ، فأصبح هناك سياسات مجتمعية ، و سياسيات كروية و رياضية و بيئية و صحية و سياسات إعلامية و سياسات دينية ، ومثل من نصفهم بالدِيماغُوجِيّة أو الدَهْمَاوِيّة أو الدَهْمَانيّة أو الغَوْغَائِيّة و المشتقة أصلا من بلاد تعريف السياسة الأولى و المثل النظري التاريخي ، و أعني بلاد الروم و ما سمي بالحضارة اليونانية التي أطلقت هذا اللفظ حيت أن ديما تعني شعب ، من ديموس وغوجيا من "أگين "و تعني قيادة" وهي إستراتيجية لإقناع الآخرين بالاستناد إلى مخاوفهم وأفكارهم المسبقة أما اليوم فهي تدل على مجموعة الأساليب والخطابات والمناورات والحيل السياسية التي يلجأ إليها السياسيون في مواسم الإنتخابات لإغراء الشعب أو الجماهير بوعود كاذبة أو خداعه وذلك ظاهريا من أجل مصلحة الشعب، وعمليا من أجل الوصول إلى الحكم. قد اعتاد الكثير من السياسيين اللجوء لاستخدام أساليب السفسطة واللعب على مشاعر ومخاوف الشعوب في كل مجال كما أسلفت ( ديني ، سياسي بحت – علاقات ومصالح دولية ، رياضي ، إعلامي ، صحي ، إقتصادي ، إلخ ) .
وعليه فهي خداع الجماهير وتضليلها بالشعارات والوعود الكاذبة. والديماجوجية هي أحد الأساليب الأساسية وهي موقف شخص أو جماعة يقوم على إطراء وتملق الطموحات والعواطف الشعبية بهدف الحصول على تأييد الرأي العام استنادا على مصداقيته. و يعتمد في المقابل على نفاق و إنبطاح و " تطبيل " الغوغاء من الناس إلى جانبه عن طريق الترويج ومدح الوعود و الأفكار الكاذبة والتملق وتشويه الحقائق بالإستناد إلى شتى فنون الكلام وضروبه وكذلك الأحداث، والكلام الديماغوجي المدعوم غوغائياً تجده مبسط ومتزندق، يعتمد على جهل سامعيه وسذاجتهم واللعب على عواطفهم.
إختصر أجدادنا كل هذا التعريف و الشرح ، للطرفين ، الديماجوجي ، و الغوغائي ، بكلمة أكثر دلالة و أعمق تأثيرا حين و صفهم ب ( أولاد الحرام ) ..
و المشكلة فيهم ، أنهم بفساد فكرهم ، و مسلكهم ، يجلبون المصائب ، ليس على رؤوسهم فقط ، بل و على رؤوس ( أولاد الحلال ) معهم .. فتركهم في غيهم يعمهون ، هو الآفة بذاتها ، تركهم لديماغوغيتهم ، و ترك الغواء يطبلون لهم ، يستجلب أول ما يستجلب غضب الله ، و من ثم فساد ما خلق الله ، فثقب ألوزون من فعل أولاد الحرام ، و الحروب غير العادلة من فعل أولاد الحرام ، و إحتلال الأراض و إغتصاب الحقق من فعل أولاد الحرام ، و إلإيدز بسبب أولاد الحرام ، و السارس و الكوفيد بأنواعه حتى الكورونا من فعل أولاد الحرام .. ولم تنفع تحذيرات واحد إبن حلال مثل بيل غيتس الذي حذر من الأوبئة و أخطارها على البشرية منذ خمس سنوات مضت ، ودعى إلى تكثيف الدراسة و البحث عن أمصال و أدوية إستعداداً لها ، لم تلق دعوته غير تصفيق بعض الغوغاء المنافقين المطبلين في قاعة المحاضرة التي ألقاها ، ظناً منهم أنهم ديماغوغي إبن حرام آخر .. و أن كل ما تقتضيه المصلحة هو أن " يصفقوا ويهللوا له و لأفكاره النيرة " ..
لم تلق أي أفكار لأولاد الحلال من المسلمين المحـمديين بحق أي صدى أو إيجاب ، حين دعوا إلى مكارم الأخلاق على أنها جوهر الدين ، و إلى النظافة البدنية و الروحية ،و إلى إحترام كل ما جاء من عند الله و إحترام كل أنبياء و رسل الله لا نفرق بين أحدِ من رسله ، و إلى ترجمة التسبيح عملاً في خلق الله ، و إكتشاف آيات الله ، لم تلق إلا سخرية المتنطعين من غوغاء المتمدينين ، الذين غرتهم الأماني ، و جادلوا بالتي هي أسوأ و أخسر ، و أخذوا يتندرون على سلاح الوضوء ، و الدعاء ، و الحشمة ، و ظنوا و خاب ظنهم أن الإنحلال ، و التبرج و الفتنة كلها حرية وأن مساواة الجنس تعني الفساد و أن حقوق المرأة تعني خلع ملابسها و (الحق على عبد الحق) إن هو نظر أو لمس أو تحركت غزائزه و يعتبر حينها غريب الأطوار ، رجل في زمن أنصاف الرجال ، حيث أن العري و البكيني هو سر من أسرار التقدم و التحضر ..في المقابل ظهر أولاد حرام على النقيض ، ممن يروجون للإنغلاق ، و حجب المرأة و فهموا قوامة الرجل على أنها إصطفاء نوعي ، لا أنها كما أرادها الله تعالى خدمة و عمل ، و ظنوا أن التمسك بالعقلية المتحجرة و التعفن الموروث ، و قتل التفكير في مهده ، أحد أهم عناصر الحفاظ على صيغة الحياة القويمة في نظرهم ، و أن التواكل و غلإستقالة من المشاركة في الحياة و إعمار الأرض بأفكار إنتظار المهدي أو المخلص ، و تشويه العقيدة بعذاب القبر و اتحيلي الجواري و ملك اليمين و قصص الدجال و خرافات و أحلام ، هي الصراط المستقيم ، و غيره باطل ، و غيرهم كافر وهم الناجون .. أولاد الحرام أولئك وهؤلاء هم الآن من يُــدفِعون العالم كله ، البشر جميعهم الثمن ، و يُــدَفِّعونهم الثمن باهظاً باستجلاب عضب الله ، و بفقدان البصيرة و البصر عن إكتشاف السبيل ، و العلاج ، و الأسلوب الإنساني الجامع للحياة ، و بفقدان بوصلة هي من أهم الغائيات في رسالة محمد ( لتعارفوا ) و التعارف هنا يعني التثاقف و التبادل و التمازج الإنساني في قضايا جامعة ، أولاد الحرام بغـبائــهم و بغوغائـيتهم و بديـماغوغية مُـنظِريهم ." لم يتركوا لأولاد الحلال حاجة "..