فلسطين التي تخضع للاحتلال منذ العام ١٩٤٨ فيها من الأبطال والثوار والأحرار التي تجعلنا نفخر ونباهي بهم الأمم، والثورة فيها حامل البندقية والكاتب والرسام والمغني والشاعر والمعلم والمهندس والطبيب والعامل والطالب والمزارع .
اعتادت فلسطين أن يخرج منها الأبطال فقد تعرضت فلسطين هذا العام كما العالم لفايروس كورونا، هذا الفايروس المستجد لا معلومات عنه سوى انه يفتك بالشعوب.
أعلنت الحكومة عن إجراءات صحية لمواجهة هذه الجائحة منها وأهمها أماكن لحجر المصابين بالفايروس والمطلوب فنيي مختبرات وأطباء وممرضين للتعامل مع المرضى والفايروس من مسافة صفر في أماكن الحجر رغم عدم وجود خبرات سابقة أو استعدادات عالمية بأطباء مختصين بهذا الوباء الخطير.
بدأت بيت لحم بمواجهة الوباء الذي انتشر من خلال وفد يوناني فكان هناك الأطباء والممرضين وفنيو المختبرات في قلب البركان صامدين، فدائيين نجحوا بجدارة بحصر الفايروس بأضيق مكان، لم يتسنى لي معرفة أسماءهم لكن ما سأقوله يشملهم ويشمل كل الجنود في القطاع الصحي وأبطال الأجهزة الأمنية الذين وقفوا في حراسة تلك الأماكن وغيرها والتعامل مع الشعب دون معرفة من يحمل الفايروس من عدمه.
وصل الأمر لمدينة رام الله وتم تجهيز مستشفى هوجو شافيز في ترمسعيا، جمع المدير العام للمجمع الطبي الدكتور احمد البيتاوي أطباء مجمع فلسطين الطبي لكي يتم تكليف الطاقم الذي سيخدم المصابين هناك، ليختار من سيواجه الفايروس وجها لوجه دون أن يراه، يحمله بيديه، يلمسه، يدوس عليه، يلتصق بكمامته، ينام معه في فراشه يحرمه من رؤية عائلته.
وجد د. البيتاوي الطبيب موفق ناصيف وزميله ناصر الحنبلي وزميله مراد كرجي وأنس الشايب وآخرين لا أذكرهم لقد ذكرهم البيتاوي واحدًا واحدًا قد أعدوا شنطهم فيها ملابسهم وأدوات عملهم وقالوا لهم نحن تحت الامر لأجل فلسطين قبل أن يطلب منهم أو من غيرهم ذلك، علمًا أن هذا ليس اختصاصهم منهم جراح القلب، أو الكلى أو ممرض أو فني مختبر لم يتعاملوا مع هذا الفايروس كما أطباء العالم، الا انهم فدائيون أُسود باللباس الأبيض تقدموا الصفوف وغامروا بحياتهم وقدموا ولا زالوا بعيدًا عن أطفالهم بصمت وصمود ، دون أن تراهم كاميرات التلفزة التي تصنع أبطالاً مزورين احيانا، ودون أن يتحدثوا عن انجازاتهم، قدموا التوصيات والخطط، دربوا آخرين، لم يناموا في بعض الايام، تجد على وجوههم آثار الكمامات، يبتسموا للمرضى دائما، لكنهم جنود مجهولين .
وعندما يتصل بهم د . البيتاوي يقولوا له اطمأن نحن هنا صامدون حتى يموت الفايروس ويخرج آخر مصاب.
د. احمد البيتاوي وزملاءه واعرف عنه ولا أعرف عن ابطال مثله فهو الذي يلبس اللباس الواقي لمدة ٢٤ ساعة، ينتقل من هذا المبنى إلى مكان الحجر في الفندق، يغيب عن بيته بالأسبوع، ينام في مكتبه، لم يتحدث عن نفسه في لقاءنا معه بل تحدث عن د. موفق ورفاقه.
هؤلاء ومعهم جيش وزارة الصحة دون استثناء وكذلك أجهزة الأمن المنتشرين في كل الأماكن مشتبكين مع هذا الفايروس الخفي، لإنقاذ شعبهم وحمايته يستحقون منا أن نكرمهم بكل الوسائل وأن لا ننساهم اسماً اسماً، فبعرقهم تم حفظ حياة شعبنا، وبسهرهم نام أطفالنا، وبوصفتهم عولج مصابينا، غادر كثير من المرضى وبقوا هم في موقعهم مشتبكين ليل نهار مع فايروس غدار، فهولاء مضحون أبطال وهذه التضحية لن نستطيع ردها بذرع تقديري أو بمال او بترقية بل بان نبقى اوفياء لهم طوال الوقت، ونقابلهم الوفاء بالوفاء، وأن نخدمهم وأن نقف لهم إجلالا واحتراما ونعطيهم الأولوية أينما وجدوا.
نقول لهم الأقوياء هم الذين يقدمون التضحية لما هو أغلى وأعظم، والتاريخ يُخلد الأبطال الذين يواجهون المحن بصلابة وابداع وشموخ، لقد حفرتم أسماءكم بماء الذهب في كل بيت وكل شارع وكل مبنى وكل حجر، وسيذكر كل طفل من شعبنا أسمائكم بكبرياء وشموخ ويقول هؤلاء قدوتي، وسيكون من أسماء شوارعنا وحاراتنا وأطفالنا أحمد، موفق، ناصر، مراد، أنس .