المحاماة وحسب القانون رقم (3)لسنة 1999بشأن تنظيم مهنة المحاماة ،هي مهنة حرة تعاون السلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد مبدأ سيادة القانون والذود عن حياض الحريات العامة وكفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم ،ويتولى أدارة شؤون مهنة المحاماة نقابة المحامين الفلسطينين وهي مؤسسة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي ، وتدار من خلال مجلس نقابة المحامين الذي يتم انتخابه من قبل اعضاء الهيئة العامة للمحامين والذي يمارس نشاطاته في الدفاع عن مصالح المحامين والمحافظة على رسالة مهنة المحاماة وضمان كرامة وحرية المحامي
بعيد الأعلان على الموقع الرسمي لنقابة المحامين عن قرار مجلس نقابة المحامين بتاريخ 30/3/2020 والذي جاء متضمنا لفقرتين من القرار احدهما تتحدث عن ان المجلس قد قرر غير مشكورا التبرع للمحامين ب4000 طرد غذائي والفقرة الاخرى من القرار تضمنت تبرع مجلس نقابة المحامين بمبلغ (50000)دولار امريكي لصالح وزارة الصحة الفلسطينية بسبب الازمة الصحية التي يعيشها الوطن ، حتى ثارت حفيظة الزملاء المحامين على الموقع الرسمي للنقابة بالتعليق على قرار مجلس النقابة المأزوم ، وبالمتابعة الحثيثة لموقع نقابة المحامين كان هناك الاف التعليقات الساخطة من هذا القرار والتي اذا دلت على شيء تدل على حجم الفجوة الموجودة بين اعضاء الهيئة العامة للمحامين ومجلس النقابة الحالي ، وتدل ايضا على قصر نظر وعدم وجود رؤية وسياسة نقابية واضحة لدى مجلس النقابة الحالي تجاه قضايا المحامين ، وكذلك تشير الى استهتار مجلس النقابة بعقول وكرامات المحامين فقد قال ليو تولستوي (القوانين تثأر لنفسها اذا اردنا انتهاكها ).
ان ردود الفعل الغاضبة الصادرة عن المحامين وعدم رضاهم على بيان مجلس نقابة المحامين الهجين والذي صدر مساء يوم الاثنين واعلنت فيه نقابة المحامين تبرعها ب (50000) دولار امريكي لصالح وزارة الصحة الفلسطينية وبطرود غذائية للاسر الفقيرة وللمحامين المتضررين من ازمة كورونا ،يوجب على مجلس نقابة المحامين التوقف والتفكر مليا واعادة دراسة قرارها مجددا ،لأن اهمالها وعدم مسؤوليتها قد يطيح بمجلس نقابة المحامين الذي تبين ومن خلال قراءة ما بين سطور قرار مجلسها الاخير انه لا يأبه لقضايا المحامين ولا لحقوقهم ولا لكرامتهم بل يعتبر المحامين هم مطية يعتلي ظهرها للوصول الى اهداف شخصية منها المال والجاه والاستوزار ،حيث السعي الحثيث من اجل استجلاب المنافع والمصالح والمناصب ، والمتتبع لتلك الردود يلمس مدى الغضب والسخط من جهة والاستهزاء بالبيان والعقول التي اخرجت ذلك البيان الى نور الموقع الرسمي لنقابة المحامين حيث عمت مشاعر الغضب والسخط على بيان النقابة البائسة ،فمجلس النقابة تداعى للاجتماع ليس لبحث هموم وقضايا المحامين في تلك الازمة وانما تداعى لذر الرماد في عيون المحامين معتبرا بان الهيئة العامة للمحامين لن تفعل شيئا ،فكيف بمجلس نقابة يدعي زورا بانه يهدف الى الارتقاء بالمحامين وهو يدعوهم لئن يكونوا مستولين يسألوه الطرود الغذائية ؟! فالمحامين يرون ان توزيع طرود غذائية هو امر معيب ويحط من قدر وقيمة المحامي ومن سمو مهنة المحاماة ويحولهم الى محتاجين مستولين لا قدر لهم ولا قيمة ! فسحقا لقرار مجلس النقابة ! فبدلا من ان يقوم مجلس النقابة بدوره في الحفاظ على المحامين ذهب ليمارس دور الشؤون الاجتماعية مساويا في قراره اعضاء الهيئة العامة من المحامين بالاسر الموزعة ، بما يفيد بأنه لا فرق بين اعضاء الهيئة العامة للمحامين وباقي الاسر المحتاجة .
لقد جاء قرار مجلس النقابة مشوها ويخلو من الحد الادنى للمسؤلية تجاه المحامين وصادما لهم بطريقة تدلل بأن هذا المجلس قد ابتعد عن الغاية التي تم انتخابه على اساسها من قبل المحامين ، الا وهي المحافظة على حقوق وكرامة وحرية المحامين ،وقد حط هذا القرار من قدر وقيمة المحامين عندما وعد المحامين ب 4000 طرد غذائي سالكا بذلك مسلك بغيض ومقيت يدل على جهل من قبل مجلس نقابة المحامين في كيفية الحفاظ على كرامة المحامين والارتقاء بهم كاعضاء في مهنة النبلاء الذي يريد ان يجعل منها المجلس الحالي مهنة المتسولين والمشردين ، ودافعا بجمهور المحامين نحو مصافي السقوط نحو هاوية الفقر والحاجة ،فهذا المجلس لا يقوم بواجباتها كما رسمها القانون وانما يؤدي دور وظيفي لا يختلف عن اي موظف صغير في نقابة المحامين يتقاضي راتب شهري، فيا مجلس النقابة بيوت المحامين لا تخلو من العدس والرز والسكر والمواد الغاذائية كما علق على ذلك بعض الزملاء ، ولكن بسبب اعلان حالة الطوارىء كان حريا بالمجلس ان يكون بمستوى ذلك الحدث ويحافظ على المحامين ،فالمحامين لديهم التزامات اخرى غير طرودكم الغذائية المذلة .
في خضم ذلك وبخصوص قضية التبرع لوزارة الصحة بمبلغ (50000)دولار امريكي ، فكيف يتبرع مجلس نقابة المحامين بمال ليس له سلطة التصرف به دون الرجوع للهيئة العامة ، ودون ان يقوم بسد احتياجات الهيئة العامة للمحامين ، قبل ان يتم التبرع لوزارة الصحة يجب ان تقوم بسد احتياجات الهيئة العامة للمحامين وان تقوم بدفع رواتب شهريه للمحامين طوال فترة الازمة ،لا ان يتم التبرع لصالح وزارة الصحة لاهداف ليست خيرية وانما لاهداف شخصية بهدف استجلاب المصالح والمنافع والجاه والمناصب ،فوزارة الصحة مدعومة من الحكومة وتدعم من دول ايضا اما المحامين فلا داعم لهم ، اضافة الى ان تلك الاموال هي امانه لدى المجلس لا يجوز له التصرف بها الا بعد الرجوع الى المحامين ويجب مساءلة المجلس عن تلك الامانة فهل اصبح مجلس نقابة المحامين جمعية خيرية واغاثية ؟!
ان اموال نقابة المحامين هي من اشتراكات المحامين التي يدفعونها سنويا بالاضافة الى ما يجبى منهم على وكالاتهم الشخصية في كل قضية يتوكلون بها ، ومن واجب مجلس النقابة ان يحفظ كرامتهم في ظل هذه الظروف الصعبة وان يسمو بهم بدعمهم ماليا ليتمكنوا من سد احتياجاتهم وليس طرودا غذائية تحط من كرامتهم والتي تخلق انطباع لدى الاخرين بان المحامين متسولين يتنظرون طردا غذائيا .
من الواضح لكل العقلاء من اعضاء الهيئة العامة للمحامين بان قضية التبرع للحكومة ليست كرما ولا عملا خيريا ولا انسانيا انما هي وسيلة مكافيلية لاستمالة الحكومة وغيرها بهدف الاستوزار وجلب السعد والمناصب والجاه للباحثين عن شهوة السلطة والسلطان او يأتي ضمن تكيكات التسجيح لاستمالة البعض او لحاجات في نفس يعقوب وغير يعقوب واخوة يعقوب يريدون قضائها !
ما من ريب باننا نخلص الى القول بان هذا المجلس (كثر شاكوه وقل شاكروه فاما يعتدل واما يعتزل) ، وانه يفتقد الى الحكمة والرؤية الواضحة في ادارة العمل النقابي وكذلك يدل قرار المجلس على جهل باصول العمل النقابي وعدم ادراك لمتطلبات تلك المرحلة الصعبة ، وانه مجلس ارتجالي ومتخبط وعشوائي ومستهتر بحقوق المحامين ،ويجب البحث سريعا عن قبطان حاذق وماهر ومحترف ليقود سفينة المحامين الى بر الامان لاننا نمر بظروف صعبة لا تحتمل اللامباة وعدم المسؤلية ، اما ان الأوان لئن يكون مجلس النقابة اكثر وعي ونضجا في التعامل مع القضايا النقابية للمحامين ولحقوق المحامين ؟!! هذا سؤال له دلالات كثيرة يجب على المجلس الحالي ان يلتقطها اذا كان هناك من يلتقط ! وان يتداركها فورا ،فالمحامون شريحة مهمة جدا ولهم دور كبير في كل مناحي الحياة وكان لهم دور في الثورات العربية التي اطاحت بانظمة قمعية وقد تطيح بمجلس النقابة الحالي ان استمر في غيه وتجاهل اعضاء الهيئة العامة للمحامين .