تتزامن اجتماعات الربيع للبنك الدولي، وصندق النقد الدولي مع الانتشار الواسع لفيروس كورونا والاحتياطات التي اتخذتها دول العالم قاطبة للحد من انتشاره ومقاومته، ولذا فقد تقرر أن تكون الاجتماعات لهذا العام من خلال العالم الافتراضي أسوة بجميع المؤسسات الدولية المشابهة وعلى رأسها الأمم المتحدة.
السيدة كريستالينا غورغيفا، مدير عام صندوق النقد الدولي عنونت كلمتها الافتتاحية بتاريخ 15 ابريل 2020،  "وقت استثنائي، إجراءات استثنائية". وهذا ملخصها:
"إن الانسانية تواجه واحدة من أحلك فتراتها في الذاكرة الحية، بسبب انتشار فايروس كورونا والذي قلب العالم رأساً على عقب، وأثر على مليارات الناس، وأوقف مسار الاقتصاد العالمي. إنها أزمة لا تشبهها أي أزمة أخرى. إننا نتوقع أسوأ ركود إقتصادي منذ الكساد العظيم "1929". في حين أن هناك حالة كبيرة من عدم اليقين المتعلقة بمستقبل اقتصاد العالم، إلا أننا نخمن أن النمو الاقتصادي العالمي سينخفض هذا العام إلى ناقص 3 في المائة، فيما تشير توقعاتنا إلى نسبة نمو بـ 5.8 في المائة في العام القادم. لكننا لا نستبعد أن تأخذ الأمور منحى أكثر سوءاً مما نتوقع وهذا يعتمد على مجموعة عوامل من ضمنها عمق وامتداد هذا الوباء".
 
ثلاث سياسات عامة يقترح صندوق النقد الدولي على دول العالم اتباعها.
أولا: حماية الأرواح وذلك لأنه لا يمكن أن يكون لدينا اقتصاد صحي بدون سكان أصحاء، وهذا يعني الاستمرار في تدابير الاحتواء الأساسية، وتحديد أولويات الانفاق الصحي، والى جانب هذا؛ الامتناع عن مراقبة الصادرات من المستلزمات الطبيه والغذائية.
ثانيا: حماية سبل العيش: حيث أن السيولة النقدية تتعرض للخطر فإنه يجب علينا تجنب قدر المستطاع ألا نحول الضغط الناتج عن الحاجة للسيولة إلى ديون أعلى بكثير من موجودات الحكومات، وهذا يتطلب نظاما ماليا يعمل تحت الضغط، وهنا فإن للمؤسسات المالية وللسيولة النقديه دوراً لا غنى عنه.
ثالثا: خطة للنهوض: من المهم الاستعداد بخطة للانتعاش الاقتصادي من الآن، يتوجب علينا تقليل المخاطر المستقبلية للتذبذب الاقتصادي الحاصل من خلال سياسات عملية نقرها الآن. مع الوقت ومع استقرار الاقتصاد العالمي عند أي مستوى كان، سيكون من اللازم اتخاذ سياسات مالية تحفيزية لتعزيز الطلب العالمي، وبالتالي استعادة النمو، وصندوق النقد الدولي سيدعم أعضاءه ما بعد أزمة كورونا في التغلب على تحديات ما بعد الازمة كالبطالة، والديون، والافلاس، وعدم المساواة الاقتصادية.
العديد من اقتصاديات الأسواق الناشئة والدول ذات الدخل المنخفض لديها نظام صحي ضعيف، وتواجه تدفقات نقدية عالية، والتي بلغت أكثر من مائة مليار دولار في الشهرين الماضيين فقط، والعديد من هذه الدول تستطيع تغطية فقط جزء من احتياجاتها النقدية الخارجية والتي تقدر بمليارات الدولارات فيما يُتوقع أن تواجه بعض الدول عبء ديون لا يمكن تحمله.
هناك أخبار ملهمة، ذلك أن العديد من الدول طبقت تدابير وسياسات مالية من شأنها التخفيف من حدة الأزمة، بما في ذلك قيام البنوك المركزية بحقن السيولة المالية بما يزيد عن 6 تريليون دولار، ومع ذلك ونظراً لخطورة الأزمة فانه لا يزال هناك الكثير من الاجراءات والجهود المستقبلية التي يتعين على الجميع التعاون في سبيل إنفاذها. ويجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده من أجل مساعدة البلدان الأكثر ضعفا من خلال توفير المزيد من التمويل وتخفيف عبء خدمه الديون، الأمر الذي سيعمل على إتاحة الفرصة للإنفاق على الإحتياجات الصحية الملحة إلى جانب تخفيف الأثر الاقتصادي للأزمة.
الحقيقة أن محاربة أي شخص للفايروس هي معركة الجميع ونحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التضامن العالمي والتصميم المشترك والجهود الدولية المنسقة. إن صندوق النقد الدولي يعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة ويدعم 189 دولة من الدول الأعضاء، وذلك من خلال تقديم المشورة بشأن السياسات، والمساعدة الفنية والموارد المالية. لدينا قدرة على إقراض واحد تريليون دولار نضعها في خدمة الأعضاء. لقد تلقينا اتصالات من أكثر من مائة دولة بشأن طلبات تمويل طارئة، وضاعفنا إمكانية الوصول إلى مرافق الطوارىء لدينا، الأمر الذي سيتيح لنا تلبية الطلب المتوقع بحوالي 100 مليار دولار، وقد تمت الموافقة بسرعة قياسية جداً على برامج الاقراض لأكثرمن عشرين دولة، ولا يزال الباب مفتوحا للمزيد في المستقبل.
لقد قمنا بتجديد "صندوق احتواء الكارثة والإغائة" Catastrophe Containment and Relief Trust ليتمكن من تخفيف عبء الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي عن كاهل الدول المتأثرة مباشرة بالأزمة وقد وافق المجلس التنفيذي للصندوق على تقديم مساعدات لـ 25 دولة فيما سيتم رفع موجودات صندوق احتواء الكارثة والاغاثة من 500 مليون دولار إلى 1.4 مليار دولار.