- أين اختفى ماهر"سائق الشاحنة" الذي كان برفقة الشاب الاردني لحظة وقوع الحادثة
- هذا ما قاله حارس العمارة لوالد الجواودة لحظة الاتصال به

رام الله - صدى نيوز - ما زالت الروايات الرسمية وغير الرسمية التي صدرت خلال اليومين الماضيين من قبل وزراء ومسؤولين اردنيين بشأن حادثة السفارة الاسرائيلية في عمان ، غير واضحة ومجهولة الملامح للمواطن الاردني الذي لم يعد قادراً على فهم واستدراك ما حدث وجرى داخل الشقة التابعة للسفارة . 

بداية .. القصة ومفتاح انارتها بدأ مساء يوم الاحد الماضي حينما انتشرت الانباء عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ومواقع التواصل الاجتماعي بتطويق أمني شديد في محيط السفارة من دون معرفة الاسباب الدافعة لذلك التطويق ، وما رافق تلك الانباء من من معلومات مغلوطة تمثلت بتعدد الروايات في بداية الحادثة ، الا ان صدر البيان الامني الاول والذي تلخص بوفاة أردني داخل مبنى السفارة الإسرائيلية بالعاصمة عمان، إثر طعنه موظفاً بالسفارة" ، لتصدر بعد ذلك رواية رسمية ثانية ذكرت أن الأردنيين يعملان بشركة أثاث، ودخلا مجمع السفارة للقيام بعمليات إصلاح ، الا ان المتابع عن قرب والمهتم لما جرى لم يجد اي طرف خيط يستدل من خلاله على وقائع الحادثة ، بل بعكس ذلك ان اطلاق النار كيف تم ولماذا ومتى ؟؟ اسئلة عديدة تداخلت ببعضها البعض من دون وجود اجابة واحدة تفسر حقيقة الامر والحادثة ، مع الاشارة هنا الا ان الواقع وبحسب مقربين من الشاب الاردني المتوفى في الحادثة لم تكن كاملة ومكتملة ، فبحسب رأيهم ان هنالك خللاً وقع من قبل الحارس الاسرائيلي وان ولدهم لم يقم بطعن الحارس . 

وبعيداً عن كل الروايات الرسمية وغير الرسمية ، والتي لربما ما زال فيها المواطن الاردني غير مدرك لمجرياتها ، جراء تعدد التصاريح والانباء والتي تناولت في جنباتها العديد من المعلومات والحقائق غير الرسمية والتي شبهت بالحلقة المفقودة .

محمد الجواودة .. هذا الشاب البالغ من العمر 17 عاماً ، ما هو الا شاب انهى المرحلة الثانوية الاولى ، وكان في اجازته المدرسية ومستعداً كل الاستعداد لخوض معركة الثانوية العامة بعد حوالي الشهر من يوم وفاته ، ومثله كمثل باقي الشباب الاردني اراد ان يستغل اجازته بمساعدة والده الذي يملك معرضاً للمفروشات في منطقة المصدار ، شرقي العاصمة عمان . 

وكمثل كل يوم من ايام عمله ، تحدث اليه والده واخبره بضرورة التوجه الى منطقة الرابية لتركيب غرفة نوم لأحد الاشخاص ، وان الشقة تقع في محيط السفارة الاسرائيلية وهنالك اجراءات امنية عليه اتباعها للوصول الى الشقة ، وبالفعل ذهب محمد الى المعرض برفقة زميله ماهر وتوجها الى الشقة واتبعا كافة الاجراءات الامنية حتى وصلا اليها ، وهناك كان في استقبالهما حارس العمارة "مصري الجنسية" ، والذي قام بالاتصال مع الطبيب الاردني بشار الحمارنة وذلك لكونه مالك الشقة التي ستركب بها غرفة النوم التابعة للسفارة . 

الان نعود الى الرواية الامنية الرسمية لما حصل داخل الشقة ، وهو ان خلاف ومشادة كلامية نشبت بين محمد الجواودة وموظف السفارة الذي كان متواجداً في الشقة، بسبب التأخير في أتمام العمل المتفق عليه وعدم إحضار غرفة النوم في الوقت المحدد ، الامر الذي دفع بمحمد بالتهجم على الدبلوماسي الإسرائيلي والتسبب له بجروح ، وليقوم الاسرائيلي بعد ذلك بإطلاق رصاصتين على كتف وصدر محمد ، ليهرع الطبيب الحمارنة الى اسعافه وانقاذه ، الا ان الحقد ومسح دليل الجريمة دفع بالاسرائيلي الى اطلاق النار عليه في منطقة القلب.

والد محمد ، اكد في تصريح لموقع الوكيل الاخباري ،انه لم يكن يعلم ان غرفة النوم التي بيعت من معرضه وتوجهت الى الرابية لغايات تركيبها في شقة انها تتبع للسفارة ، وأكد أيضاً انه لم يعلم هوية الشخص الذي قام بالشراء ، وانه تأخر بالعودة الى المعرض بعد توجهه ، اذ ان تركيب الغرفة يستغرق نحو الساعتين ، وان تأخره بالعودة بعد مرور أكثر من الوقت المتوقع، اشعل في قلبه ناقوس الخوف والقلق ، وان الامر ازداد قلقاً عند عدم رد ولده ولا زميله على هاتفيهما ، ليقوم بالاتصال مع حارس العمارة والذي ابلغه على الفور بجملة واحدة وهي "جماعتكم انطخوا.. انضربوا بالنار".

وزير الداخلية والذي تواجد في موقع الحادثة "منع الطاقم الأمني الإسرائيلي من السفر بسبب عدم تمتعه بالحصانة لإجراء التحقيقات والاستماع إلى اقواله وهو ما رفضته حكومة اسرائيل بحجة الحصانة من الإستجواب التي توفرها إتفاقية فينا لحراس السفارات ، لتدخل السلطات الأردنية بأزمة مفتوحة مع الإسرائيليين جراء الحادث الغامض فيما بدأت الإتصالات تتوتر بين الجانبين على اساس ان الجريمة حصلت في ارض اردنية مجاورة للسفارة وليس السفارة نفسها خصوصا وان الطبيب الحمارنة على الأرجح لم يكن هدفا لا للقاتل الإسرائيلي ولا للطاعن الأردني الشاب المدافع عن نفسه  ،الا ان الصدمة التي حلت على رؤوس الاردنيين لاحقاً بالسماح للقاتل بمغادرة الاراضي الاردنية لتمتعه بحصانة.

وجراء تعدد الروايات التي صدرت وقيلت ونشرت هنا وهناك وخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، رفض والد محمد استلام جثمان ولده الا بعد صدور نتائج التحقيق ، وخاصة بسماعها بأم أذنيه من موظفه الذي كان متواجدا في الشقه وحاضراً على تفاصيل الحادثة "ماهر" ، الا ان اجتماع عشيرة الدوايمة والتي ينحدر منها المغدور اجمعت على استلام جثمانه وذفنه وذلك من باب " اكرام الميت دفنه" ، ومتابعة الجهات الامنية في مجريات التحقيق . 

وبالفعل .. تمت يوم أمس مراسم تشييع جثمان الشاب محمد ودفنه ضمن تكبيرات وتهليلات تنادي باستشهاده ، الا ان قلب وفؤاد والده ما زال مشتعلاً بنار الغموض " ما الذي حدث ليقتل ولدي" .. وحاله كحال باقي الاردنيين ، اين اختفى ماهر ، ذلك الشاهد الوحيد على ما جرى وكيف تطاولت ايادي الغدر الاسرائيلية لتنال من احلام ومحياة ومستقبل شاب اردني في ريعان شبابه وفي بلده . 

ماهر .. ومنذ لحظة وقوع الجريمة النكراء .. اختفى وتلاشى ، حتى ان بيانات الامن العام الصادرة سابقاً في هذا الشأن لم تتطرق بتاتاً الى هويته، سوى انها ذكرت فقط انه يعمل سائقاً لدى معرض الاثاث، في تساءل يومي ومتكر من قبل والد محمد واهل ماهر والمتابعين والشارع الاردني بأكمله" اين اختفى ماهر وما هو مصيره" ، ولا يوجد اية معلومة حتى اللحظة تدل في مضمونها إن كان حياً أو حتى ميتاً . 

ولم يكتفي الاردنيين الى الروايات الاردنية ، بل تطرقوا ايضا الى متابعة وسائل الاعلام العبرية والتي بدورها تطرقت الى الحادثة ، وخرجت بتصاريح صبت في مصلحة حارسها الامني، وحملت الذنب للشاب الاردني ، فقد قالت وعلى لسان وزارة الخارجية الاسرائيلية أن حارساً أمنياً بسفارتها في عمان قتل أردنياً بالرصاص بعد أن حاول مهاجمته، وآخر عن طريق الخطأ، مشددة على أن حارسها لديه حصانة من الاستجواب والمحاكمة،موضحة أن عاملاً أردنياً كان ينقل أثاثاً إلى شقة الحارس المقيم بمبنى تابع للسفارة في عمان، حاول طعنه بمفك للبراغي في ظهره إثر خلاف نشب بينهما ، وأن الحارس رد بإطلاق النار " من باب الدفاع عن النفس" فقتل العامل وأصاب أردنياً آخر عن طريق الخطأ هو مالك الشقة الذي كان في المكان ، وتوفي الأخير لاحقاً متأثراً بإصابته.

رويات اردنية واسرائيلة تشعبت وتداخلت بتوضيح الرؤية لدى اهل محمد واهل الطبيب والشارع الاردني ، وعلى الرغم من تصريحات وزير الداخلية امام مجلس النواب بأن محمد انقض على الحارس الاسرائيلي وان الفعل يعتبر جرمياً ، وعلى الرغم ايضا من تصريحات وزراء الاعلام والخارجية والشؤون القانونية يوم امس خلال المؤتمر الصحفي والتي اكدت ان هنالك اتفاقيات دولية تمنع استجواب وحبس من يحمل الصفة الدبلوماسية ، في التفاف كامل عن مجريات الحادثة وكيف وقعت ؟ 

 ويبقى لغز حادثة سفارة إسرائيل في عمان مرهون بمصير"سائق" إختفى وتلاشى وذاب كما يذوب السكر في الماء ، مع التنويه هنا وبحسب والد الجواودة في تصريح سابق لموقع الوكيل الاخباري ، انه حاول الإتصال به، ورغم سؤاله المتكرر للسلطات الأردنية عنه ، الا ان مصيره ما زال مجهولاً ، وانه تم التحفظ عليه لغايات الاستجواب . 

المصدر: الوكيل الاخباري