جائحة كورونا كشفت بعض الأمراض القاتلة في جسم الشعب الفلسطيني، الشعب المضحي المعطاء الصادق الحر، كما تكشف الحمى الأمراض في جسم الانسان.
عُرف الشعب الفلسطيني بتضحياته وتماسكه فمنه الفدائي الذي ضحى بنفسه وماله وأولاده من أجل الآخرين فقدم ألآف الشهداء والجرحى وأكثر من مليون أسير دخلوا السجون الاسرائيلية.
في جائحة كورونا ظهرت جلياً أمراض غريبة على الشعب الفلسطيني رغم أنها ليست عامة ولكنها سببت نقاط ضعف كادت أن تهزمنا في مواجهة هذا الوباء الخطير لولا وعي الكثيرين وتضحيات رجال أبطال على رأسهم الطواقم الصحية وأجهزة الأمن الفلسطينية والمتطوعين من مختلف الشرائح.
وجدنا أن لدينا تُجار حروب يستغلوا أبناء شعبهم لمضاعفة الأرباح، فمنهم من رفع الأسعار ومنهم من زور منتجات ومنهم من هَرّب مواد فاسدة ومنهم من إمتنع عن إقراض المحتاج أو مساعدته.
وجدنا عامل كان عمود الثورة ووقودها، لا يلتزم بتعليمات الطواقم الطبية ويذهب للعمل في أماكن ينتشر فيها الفايروس عند عدوه ويدعم إقتصاده في ظل الجائحة دون أن يكترث أنه سيقتل أعز الناس عليه وينشر المرض بين أفراد شعبه، ولِزاماً علينا أن نقول أن هؤلاء العمال قلة قليلة.
وجدنا الفساد للمسؤولين، يخون وظيفته، يسرق شعبه ويُزَور ويتقاعس في الخدمة، يسعى لرفع راتِبه دون وجه حق، ويحرم الموظفين المهنيين الذين يقدموا الخدمة المطلوبة حقوقهم ومواقعهم وترقياتهم، ويضع الشخص المنافق "السحيج" الساقط في المكان غير المناسب، ويعمم الواسطة والمحسوبية ويسحق الشرفاء والاحرار.
وجدنا موظف حكومي يرفض التبرع لشعبه بشيكل واحد رغم أنه يحصل على راتِبه كاملاً في ظل الجائحة دون عمل ودون صرف مواصلات، وتذكرنا الفدائي الذي كان يحمل البندقية مطارداً بين الجبال دون راتب، ويستشهد ويُهدم بيته ويترك أطفاله لكي نحصل نحن على وزارة ونصبح موظفين، والأدهى أنك تسمع منه تبرير يُقنع الجهلاء ويقول هناك فساداً أو لماذا لا أعطي أخي أو جاري أو أنا قُطعَ راتبي ولم يقف معي عامل أو سائق أو لماذا لا تأخذوا من الوزراء والأغنياء، المهم بالنسبة له أنه يتهرب من واجبه أثناء المعركة و لا يشعر أن جاره ترك العمل لكي لا ينقل الفايروس له، وخسر قوت أطفاله لأجل شعبه فهل هذا مواطن فلسطيني؟؟
وهل هذا الموظف ممكن أن يعطي خدمة عامة أو يقدم عطاء لشعبه، إن مكان هؤلاء ليس بيننا ولم تلدهم أمهاتنا، والأكيد أنه لم يعطي أخاه أو جاره قرشاً في حياته، أعلم أنهم قلائل ونعرف الكثير من الموظفين كانوا دوما أول المعطائين، لكن هناك قلة من هم وصمة عار على الموظفين وعلى شعبنا.
وجدنا العنصرية والإقليمية والجهوية والتفرقة على أساس الحزب والفصيل وعلى أساس المحافظة والحارة والقرية والمخيم والدين وسمعنا كلمة غزاوي ضفاوي، شمال وجنوب، وحماس وفتح، ومسلم ومسيحي.
وجدنا الجهلاء في كل شيء، ومعظم مصائبنا من هؤلاء.
هذه أمراض أخطر من فايروس كورونا و واجب أن تنتهي من خلال التوعية في المدارس والجامعات و من خلال الفصائل بالتعبئة الفكرية الوطنية الحرة قبل إنتشارها ونصبح في غابة تحكمها المصالح والمنافع الشخصية.
شعبنا ما زال فيه الأبطال الأحرار يدافعون عن وطنهم وحريته وسلامته ويضحون من أجله ولا زال لدينا الشهداء ترتقي للعلا والجرحى والمعتقلين، ولكن علينا أن لا نقبل التبرير لهولاء القلة بأن الحكومات والممارسات السابقة بفسادها قتلت روح العطاء، أو لا توجد شفافية في إنفاق الأموال، بل أقول أن هناك أمراض حقيقية إستفحلت لدى البعض ولم تجد الرجال لوأدها فأصبح كل مشروعنا الوطني في خطر.