كتب رئيس تحرير صدى نيوز: وُسطاء دُوليون، وحِراك سريع نحو إنجاز صفقة تبادل للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، وحديث إسرائيلي داخلي عن مفاوضات ونِقاشات مع عِدة جهات قد تُفضي لإتفاق قريب.
مهما كانت النتائج، وحتى لو تم الإفراج عن أسير واحد، فإن الشعب الفلسطيني يُقدر ويُثمن أي جهد -من أيٍّ كان- يحقق الحرية للأسرى.
ثغرات عديدة شابت تجربة التبادل السابقة بين حماس وإسرائيل، ثغرات كان يمكن تجنُبها، ومطلوب الآن بشكل حتمي أن لا يقع فيها الطرف الفلسطيني المفاوض، لتخرج صفقة التبادل مُرضية لأم الأسير وزوجته وإبنِ بلدِه.
صفقات التبادل لا تتم كل يوم، ولا حتى كل موسم، فهي نتيجة حالة طارئة تم إقتناصها من قبل المقاومة، ما يعني أن المُقابل يجب أن يكون دسِماً، وأن الصفقة يجب أن تكون كاملة قدر الإمكان، فهي محصِّلة حربٍ راح ضحيتها عشرات الأبرياء، وإختفت لأجلها مئات الضحكات وأسُتبدِل بدموع وبيوت عزاء.
الصفقة التي يريدها الشعب الفلسطيني صفقة نوعية يخرج فيها أكبر عدد ممكن من الأسرى، تضمن لهم الحماية من الإعتقال ثانيةً كما حصل مع أسرى "صفقة شاليط"، والذي تم زجُّهم مجدداً في المعتقلات، و"كأنك يا أبو زيد ما غزيت".
الصفقة التي يريدُها شعبنا هي صفقة تضمن عدم إستهداف حياة المحررين فيها وحياة أُسرهم كما حدث مؤخراً من خلال القرار العسكري الاسرائيلي الذي يُجرم البنوك التي تفتح للأسرى حسابات بنكية أو تتعامل معهم بحولات أو غيرها.
الصفقة التي يريدها الفلسطينيون هي صفقة تشمل كل الأسرى من جميع الفصائل دون تفرِقة، فإبنُ حماس كان جنباً إلى جنب مع إبن فتح في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وإبن الشعبية سال دمه فوق دم إبن الجهاد، كل الفصائل كانت صفاً واحداً للتصدي للعدوان، ويجب أن تكون صفاً واحداً في التحرر من المعتقلات بناءً على صفقة التبادل المُحتملة.
يجب أن تكون هذه الصفقة وِفق معايير مُحددة مسبقاً تتعلق بالأحكام والأعمار والمدة المتبقية للأسير، يجب أن تكون صفقة يعود فيها الأسير لبيته و وطنه، دون أي إبعاد ولو من مدينة إلى أخرى، فأحد أهم أسباب نجاح أي صفقة تبادل أسرى هو أن يعود الأسير لوطنه وبيته وعائلته وليس أن يغادر وطنه الذي أسر وعُذب لأجله.
المطلوب من حركة حماس أن تسعى لتحقيق الإفراج عن عددٍ مُرضٍ من الأسرى في هذه الصفقة، وتحقيق نتائج تتعلق بحمايتهم بعد الإفراج عنهم بأن تُطالب بإنهاء سياسة دولة الإحتلال ضد الأسرى المُفرج عنهم ومن هم داخل السجون، بحيث يُجمَد التفاوض حول التبادل إلى حين الإفراج عن جميع الأسرى الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم من "صفقة شاليط"، وكذلك وقف وإنهاء القرار الأخير من إستهداف الأسرى وبشكل عاجل وهو القرار كما يُسمى "الأمر العسكري الجديد" وهو تجريم البنوك التي تفتح حسابات للأسرى، وإلزام الإحتلال بعدم رفع قضايا ضد البنوك التي تتعامل مع الأسرى وإضافة شرط وقف خصم أموال الأسرى من "المقاصة" وهذا ممكن وِفق القانون الدولي وإتفاقيات جنيف.
الصفقة التي يريدُها الفلسطينيون هي صفقة تُشارك فيها جميع الفصائل لوضع معايير موحدة لها، بحيث يُمنع التفريق بين أسير وأسير، ومن هنا نقول يجب إشراك جميع الفصائل الفسطينية بمفاوضات صفقة التبادل لكي لا تقع حماس بأخطاء صفقة التبادل السابقة التي حققت إنجازاً حزبياً وإعلامياً كبيراً لها وبعد فترة من الزمن أعادت إسرائيل إعتقالهم فما الفائدة من تلك الصفقة بعد أن يتم إعادة إعتقال من تم الإفراج عنهم.
أقل ما يمكن أن تقدمه حماس والفصائل للشعب الفلسطيني هو تحقيق صفقة تبادل ناجحة بعد ما تم دفعه من ثمن باهظ من أرواح لمئات الشهداء والجرحى ومن قُطعت أطرافهم، لا أن تكون صفقة مُجرّدة من الضمانات.
لا بُد من الإشارة أيضاً إلى جمهورية مصر التي ترعى صفقة التبادل الحالية وتجري المفاوضات بمقرات مخابراتِها حسب ما يتم تدواله إعلامياً، وهي نفسُها الدولة العربية الشقيقة التي رَعت المفاوضات السابِقة من صفقة تبادل شاليط، والتي لم تحترمها إسرائيل بعد رعايتها لمفاوضات التبادل مع بعض الوسطاء الدوليين، حيث أعادت إسرائيل إعتقال من قامت بالإفراج عنهم.
مطلوب الآن من جميع فصائل الشعب الفلسطيني الوِحدة الوطنية، ليس فقط لتحقيق شروط أفضل في عملية التبادل الجاري الحديث عنها، وإنما لمواجهة قرارات الحكومة الإسرائيلية الجديدة بضم 30٪ مِن أراضي الضفة الغربية بإتفاق إسرائيلي أمريكي علني وواضح، وأن نَرسم خُططنا، وبرنامجاً مقاوماً قبل أن يُنهي "بومبيو" وزير الخارجية الأمريكي زيارته لإسرائيل ورسم حدود الضم والبِدء بتطبيق صفقة القرن.